هل سبق و أن كنت يوماً ضحية لكذبة الأول من نيسان - أبريل ؟ لا عليك فأنت لست الوحيد، حيث أن ملايين غيرك حول العالم يقعون ضحية هذا التقليد السنوي الواسع الانتشار، و لكن هل سألت نفسك يوماً عن أصل هذا التقليد و جذوره ؟ حسناً إن الأمر يحتاج لعودة سريعة إلى التاريخ حتى نتعرف على أصل كذبة نيسان.
في الحقيقة ليس هناك رواية وحيدة متعارف عليها لأصل كذبة نيسان ، لذلك سنستعرض لكم بعض الروايات التاريخية التي يدعي أصحابها بأنها تمثل الأصل التاريخي ليوم الكذب هذا، و أول هذه الروايات و أوسعها انتشاراً هي تلك التي تعود بنا إلى أوروبا القرن السادس عشر حين كان التقويم الروماني هو المعتمد و هو التقويم المسمى باليولياني نسبة إلى الامبراطور الروماني يوليوس قيصر، حيث كانت السنة بحسب هذا التقويم تبدأ في الأول من نيسان - أبريل، في ذلك الوقت و تحديداً في العام 1581 قررت الكنيسة الكاثوليكية اعتماد تقويم جديد أطلق عليه إسم التقويم الغريغوري نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر، و بموجب هذا التقويم باتت السنة الميلادية تبدأ في الأول من كانون الثاني - يناير كما هو الامر في أيامنا هذه، لكن و بما أن وسائل الاتصال في ذلك الزمن لم تكن بنفس سرعة هذه الأيام فقد كان قرار كهذا يستغرق سنوات ليصل لكل قرية و مدينة في أنحاء أوروبا، لذلك ظل كثيرون يحتفلون لسنوات برأس السنة في الأول من نيسان، و من هنا جاء تقليد إطلاق النكات و المقالب للسخرية من هؤلاء الذين ظلوا يحتفلون برأس السنة بحسب التقويم القديم.
و رغم سعة انتشار هذه الرواية كأصل لكذبة نيسان إلا أن كثيراً من الباحثين يعيدون جذورها إلى ما هو أقدم بكثير من القرن السادس عشر، ففي سورية القديمة و بلاد الرافدين احتفلت حضارات سومر و بابل و أشور برأس السنة في الأول من نيسان و هو العيد الذي يطلق عليه إسم "أكيتو" أو رأس السنة السورية أو الآشورية، و قد ارتبطت هذه الاحتفالات التي تعود إلى آلاف السنين بالضحك و الفكاهة و الخدع، حيث ارتبط هذا اليوم لدى الحضارات المذكورة بالسعادة و الفرح و تجدد الحياة خاصة أنه يتزامن مع فصل الربيع حيث تجدد الطبيعة نفسها و تبدأ دورة حياة جديدة.
أما الحضارة الرومانية القديمة فقد ارتبط لديها الأول من نيسان بعيد "هيلاريا" و الذي اشتقت منه لاحقاً الكلمة الإنكليزية "هيلاريوس - hiliarious" و تعني شدة الضحك، حيث كانوا يحتفلون فيه بأتيس إله الخصب و الزراعة الذي يعتقد الرومان بأنه ارتكب خطيئة و عوقب عليها فمات في نهاية شهر مارس و قام من بين الأموات بعد ثلاث أيام في الأول من أبريل، و كان موت أتيس و قيامته يرمزان لموت الطبيعة ثم قيامتها في فصل الربيع، ومن هنا جاء تقليد الاحتفال بهذا العيد.
تاريخياً اختلفت تسمية يوم كذبة نيسان بين بلد و آخر و إن ظلت طرق الاحتفال به واحدة، ففي انكلترا مثلاً كانوا يطلقون عليه "يوم حمقى أبريل" و في اسكتلندا أطلقوا عليه إسم "يوم اصطياد المغفلين"، في حين أطلق عليه الألمان إسم "يوم مزحة أبريل"، أما الفرنسيون فأطلقوا عليه إسم "يوم سمكة أبريل" و ذلك لأن الأولاد اعتادوا في هذا اليوم أن يقوموا بصنع سمكة ورقية يقومون بلصقها على ظهر زملائهم ثم يضحكون عليهم كنوع من الفكاهة.
و مهما تعدد الروايات حول نشأة كذبة نيسان فإننا ندعوكم أن تجعلوا من هذا اليوم يوماً للصدق و الصراحة و المحبة، فربما آن لكذبة نيسان - أبريل أن تستريح وسط كل الكذب الذي بات يملأ كل أيام حياتنا، و على كل حال نرجوا أن يظل الكذب -إن وجد- محصوراً في الفكاهة و الضحك المزاح لا أكثر، فكم من كذبة كانت أشد قتلاً و فتكاً من حد السيف.
شاهد أيضاً :