هو دونجوان الشاشة و الشاب الوسيم المنحدر من عائلة الأباظية العريقة، والده سعيد بك أباظة كان ضابط شرطة و والدته هي الإيطالية تيريزا لويجي، إسمه عند الولادة رشدي سعيد بغدادي أباظة، نجم من كبار نجوم الزمن الجميل و العصر الذهبي للسينما العربية، أبصر النور يوم 3 آب أغسطس 1927 فى المنصورة، ورحل عن دنيانا في الثالثة والخمسين من عمره يوم 27 تموز يوليو 1980 بعد مشوار حافل، هو الذي كان مسكوناً بفرح أزلي و شغف بالحياة لا حدود له، وكأنه كان يخشى فراق الدنيا، و بالفعل فارقها باكراً متأثراً بسرطان الدماغ الذي فتك به و وجه الضربة الأخيرة لجسده المتعب الذي أنهكه السهر و التدخين و تعاطي الكحول.
حياة دونجوان الشاشة و فتى أحلام ملايين الفتيات كانت مزيجاً من الفرح و الدموع، و رغم المجد و أضواء الشهرة كان لدى رشدي أباظة أكثر من سبب للحزن، لعل أبرزها علاقته المأزومة مع والده، ضابط الشرطة الذي كان يحلم أن يرى ابنه ضابطاً مثله يرتدي البذلة العسكرية و يرصع كتفيه بالنجوم اللامعة، لكن الابن الشاب اختار السينما، فعلم الأب و طرده من المنزل، و مرت السنين و رغم كل الشهرة التي حققها ظل النجم اللامع يتوق لنظرة عطف من والده، و ذات يوم حين كان رشدي اباظة يصور فيلم "كلمة شرف" و الذي كان يقوم فيه بدور لواء في الشرطة، قرر أن يفاجئ والده و يزوره مرتدياً البذلة العسكرية، و حين وصل إلى منزل الأسرة فوجئ بأن والده قد توفي قبل لحظات دون أن يحظى منه بنظرة العطف التي كان يتمناها.
مأساة أخرى في حياة الدونجوان كان اسمها كاميليا، الممثلة الفاتنة ابنة العشرين ربيعاً التي أحبها بجنون و خطبها، وقبل موعد الزواج بأسبوع واحد فقط خطفها ملك الموت حين قضت في حادث تحطم طائرة.
بداية مشوار رشدي أباظة السينمائي كانت في فيلم "المليونيرة الصغيرة" مع فاتن حمامة عام 1948، كرت بعدها سبحة الأدوار التي كرسته نجماً أول و ملكاً متوجاً على قلوب النساء، وسامته الشرقية و إتقانه لعدة لغات جعلا منه مرشحاً للسينما العالمية، لكن فوضويته أضاعت الفرصة من بين يديه حين أخلف موعده مع المخرج العالمي ديفيد لين الذي كان يريده لدور أساسي في فيلمه "لورانس العرب"، فاختار عمر الشريف بدلاً منه.
إلى جانب حبه للفن كان الدونجوان عاشقاً للحياة بكل مباهجها، النساء دائماً من حوله و لا يحتمل أن يبقى وحيداً، تزوّج 12 مرة معظمها كانت زيجات قصيرة العمر، و من بين كل زوجاته كانت سامية جمال الوحيدة التي استطاعت أن تصمد معه 18 عاماً، فتركت الفن لأجل عينيه و هي في عز شهرتها و مجدها و تحولت إلى ربة منزل، و ربّت ابنته قسمت بكل محبة الأم، و تغاضت عن كل خياناته و نزواته، فكانت تعامله كطفل كبير و كإبن لا كزوج.
في أحد لقاءاته الصحفية يقول رشدي أباظة : "كل النساء اللاتي أحببتهن كن أكبر مني سناً، إلا واحدة و هي المرحومة كاميليا التي كانت صغيرة السن لكنها كانت كبيرة في نضوجها و تفكيرها، .. المرأة التي تكبر الرجل في السن تقدره، و تعطيه قيمته الحقيقية، أما المرأة الصغيرة فإنها لا تفهم الرجل أبداً".
من أشهر الأدوار التي أداها الدونجوان على الشاشة دوره في فيلم "الزوجة 13" مع النجمة شادية، و لعله ليس من باب المصادفة أن يتشابه هذا الدور لحد التطابق مع حياة رشدي أباظة العاطفية و زيجاته السريعة الخاطفة.
فلكل زيجة من زيجات رشدي أباظة قصة طريفة، نذكر منها قصته مع الأمريكية باربرا والدة ابنته قسمت، فذات يوم التقاها في إحدى السهرات و دعاها للرقص و خلال الرقصة طلب يدها للزواج، فردّت أنها متزوجة وزوجها هو المطرب بوب عزام الذي يؤدي أغنية الرقصة، فاعتذر منها قائلاً: "إذا لم يحصل وفاق بينكما، فأنا جاهز"، و بالفعل انفصلت باربرا عن زوجها بعد مدة، فتزوجها رشدي وأنجب منها ابنته الوحيدة قسمت.
أما أشهر زيجاته فكانت من الشحرورة صباح رغم أنها لم تعمر إلا بضعة أسابيع، فحين كانا يمثلان معاً في فيلم "إيدك عن مراتي" في لبنان عام 1967 و كانا ساهرين في كازينو "الكاف دي روا"، وبين الضحك والمزاح تحدته صباح قائلة أنه لا يجرؤ على الزواج بها خوفاً من سامية جمال، فكان أن أخذها من يدها و توجه بها فوراً إلى المأذون الذي عقد قرانهما، و حين راحت السكرة وجاءت الفكرة أحست صباح بأنها أخطأت بحق صديقتها سامية جمال فطلبت الطلاق بعد أسبوعين فقط من الزواج، و رغم انفصالهما ظلت صباح تصرح دائماً بأن رشدي أباظة كان المفضل لديها من بين كل أزواجها.
آخر أعمال رشدي أباظة السينمائية كان فيلم "الأقوياء" الذي باغته المرض قبل أن ينهي تصويره فأكمل الدور عوضاً عنه الفنان صلاح نظمي، و في تمام الساعة الثامنة من صباح يوم الأحد 27 تموز يوليو 1980 توفّي الأسطورة بعد معاناة امتدت لعدة أشهر مع ورم خبيث في الدماغ، و حين شيع جسد رشدي اباظة مشى في جنازته نحو 200 ألف شخص رافقوا نجمهم المحبوب في رحلته الأخيرة إلى مثواه الأخير.
شاهد أيضاً :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق