بدأ بناء كاتدرائية آيا صوفيا و التي يعني إسمها "الحكمة المقدسة" عام 532 في عهد الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول على أنقاض كنيستين سابقتين أصغر حجماً، شارك في البناء أكثر من 10 آلاف عامل و تم جلب مواد البناء من مختلف أنحاء الإمبراطورية و قد اعتبرت الكاتدرائية أعجوبة معمارية في زمنها حيث شارك في بنائها علماء رياضيات و فيزياء و كانت قبتها أكبر قبة في العالم بعد قبة البانثيون في روما، و قد تم افتتاحها رسمياً يوم 27 كانون الأول ديسمبر 537 بحضور الإمبراطور جستينيان و القديس ميناس بطريرك القسطنطينية بعد أن استغرقت أعمال البناء 5 سنوات و 10 أشهر، أما الموزاييك الداخلي للكاتدرائية فقد تم تركيبه لاحقاً في عهد الإمبراطور جستين الثاني
في عام 1204 احتلت الحملة الصليبية الرابعة مدينة القسطنطينية حيث عاث الصليبيون فيها فساداً و دمرواً كثيراً من معالمها الدينية و التاريخية في حين قاموا بتحويل آيا صوفيا التي تعرضت لكثير من الأضرار إلى كاتدرائية كاثوليكية، و قد استمر هذا الوضع طيلة فترة الاحتلال اللاتيني الذي انتهى بإعادة البيزنطينيين السيطرة على المدينة عام 1261 حيث أعادوا آيا صوفيا إلى وضعها السابق و قاموا بترميمها و إضافة أجزاء جديدة إليها
عام 1453 في عهد السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح احتل العثمانيون الأتراك القسطنطينية بعد حصار طويل و غيروا إسمها إلى اسطنبول في حين قاموا بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد حيث أزيل الهيكل والأجراس و الأيقونات الجدارية، لتكون آيا صوفيا بذلك أول مسجد في العاصمة الجديدة للإمبراطورية العثمانية
في عام 1481 أضاف العثمانيون مئذنة صغيرة لبناء آيا صوفيا، في حين أقام السلطان بيازيد الثاني لاحقاً مئذنة ثانية، لكن المئذنتين سقطتا في زلزال 1509، فتم استبدالهما بمئذنتين جديدتين منتصف القرن السادس عشر، في حين أضاف السلطان سليم الأول مئذنتين أخريين أشرف على بنائهما المعماري الشهير سنان، ليصبح إجمالي عدد مآذن آيا صوفيا اربعة ما تزال قائمة حتى يومنا هذا
في عام 1935 أمر أول رئيس للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك بتحويل مبنى آيا صوفيا إلى متحف، و لذلك قام علماء الآثار بإعادة الكشف عن اللوحات الجدارية التي تعود إلى العهد البيزنطي و التي كان قد تم طمسها خلال الحقبة العثمانية
عمود الأمنيات : لآيا صوفيا كثير من القصص و الأسرار، من بينها هذا العمود الواقع في الشمال الغربي من المبنى و الذي يدعى بأسماء مختلفة منها عمود الأمنيات، العمود المتعرق، و العمود الباكي، حيث تقول الأسطورة أن العمود دائم الرطوبة و يمتلك قوى خارقة للطبيعة، العمود المغطى جزء منه بطبقة من النحاس يحوي ثقباً يتوافد الناس لدس إصبعهم داخله حيث يعتقد البعض أن هذا الفعل قادر على جلب الحظ و شفاء الأمراض، و يعيد بعض المؤرخين أصل هذه الأسطورة إلى ظهور القديس غريغوري العجائبي عند هذا العمود عام 1200
البئر العجيب : في وسط القاعة الكبرى في آيا صوفيا بئر ماء صغيرة كان المصلون يشربون منها حين كان البناء يستخدم كمسجد، و كان سكان اسطنبول في العهد العثماني يعتقدون بأن ماء هذا البئر قادرة على شفاء الأمراض المستعصية، حالياً البئر مغلقة و قد أجربت بعض الدراسات الحديثة على مياهها فوجد بأنها غنية بالأملاح المعدنية المفيدة للصحة دون أن يعني هذا قدرتها على شفاء الأمراض
رموز ماسونية : في آيا صوفيا عدد من الرموز الماسونية تم الكشف عنها مؤخراً، و يعتقد علماء الآثار ان هذه الرموز حديثة نسبياً حيث قام بنحتها المعماريان الإيطاليان الأخوين فوساتي الذين كلفا بترميم المبنى في عهد السلطان عبد المجيد الأول عام 1847
مدينة الأنفاق : لقرون طويلة ظل العالم السفلي الذي يقبع أسفل آيا صوفيا لغزاً محيراً لعلماء الآثار، و في عام 2005 أجري مسح كامل باستخدام أحدث التقنيات لشبكة الأنفاق الواقعة أسفل البناء و المنطقة المحيطة به حيث تم التوصل إلى نتيجة مفادها وجود شبكة معقدة من الأنفاق يعود تاريخها إلى نحو 1700 سنة حيث تحتوي صهاريج مياه و قبوراً لرهبان مسيحيين و أنفاقاً سرية كان الأباطرة البيزنطينيون يستخدمونها للتنقل في أوقات الحرب و الحصار
شاهد أيضاً :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق