اليوم تعود طبول الحرب لتقرع من جديد في شبه الجزيرة الكورية و التي تعتبر منذ عقود طويلة واحدة من بؤر التوتر الحساسة في العالم و المهددة دوماً بالانفجار في أي لحظة، فما هي جذور الصراع في شبه الجزيرة الكورية ؟ و ما سر العداء التاريخي بين جمهورية كوريا الديمقراطية و بلاد العم سام ؟
- احتلت الامبراطورية اليابانية شبه الجزيرة الكورية عام 1910 و قد عومل الكوريون خلال فترة الاحتلال الياباني معاملة وحشية حيث سخر منهم الملايين كعمال لصالح المجهود الحربي الياباني في حين استخدمت مئات آلاف النساء الكوريات لمعاشرة الجنود اليابانيين حيث كان يطلق عليهن اسم "نساء المتعة"، كما تم تدمير كثير من معالم الحضارة و الثقافة الكورية و تم توطين مئات آلاف اليابانيين في شبه الجزيرة.
- بعيد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وضعت شبه الجزيرة الكورية نتيجة تسويات ما بعد الحرب تحت إدارتين، أمريكية في الجنوب و سوفييتية في الشمال، و رغم وجود مساعي لتوحيد شبه الجزيرة إلا أن سياسات الحرب الباردة و تزايد العداء ين القطبين العالميين أدى لقيام دولتين منفصلتين، حيث انسحبت القوات الأمريكية و السوفييتية من شبه الجزيرة عام 1948 و أعلن عن تشكيل جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) الموالية للغرب و عاصمتها سيؤول في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة، في حين تم إعلان قيام جمهورية كوريا الديمقراطية (كوريا الشمالية) الموالية للمعسكر الإشتراكي و عاصمتها بيونغ يانغ في الشطر الشمالي من شبه الجزيرة.
مؤسس جمهورية كوريا الديمقراطية كيم إل سونغ مع زعيم الصين الشيوعية ماوتسي تونغ
تصفية الشيوعيين و المتعاطفين مع كوريا الشمالية من قبل جيش كوريا الجنوبية
- استمرت الحرب الكورية ثلاث سنوات و قتل فيها نحو 2.5 مليون مدني من الكوريتين، في حين فقدت القوات الأمريكية نحو 37 ألف عسكري قتلوا خلال المعارك مع القوات الشمالية، و إلى جانب الأمريكيين و الكوريين اشتركت في الحرب قوات من بريطانيا و أستراليا و كندا و تركيا و أثيوبيا وعدة بلدان أخرى حاربت إلى جانب الجنوب تحت راية الأمم المتحدة، في حين شاركت إلى جانب الشمال قوات من الصين الشعبية.
استخدام الكوريين كدروع بشرية من قبل القوات الأمريكية خلال الحرب الكورية
آثار القصف الجوي الأمريكي على قرية في كوريا الشمالية
- بعد انتهاء الحرب خرجت كوريا الجنوبية مدمرة و منهكة، لكن الولاياة المتحدة و الدولة الغربية دعمت إعادة إعمار كوريا الجنوبية التي استطاعت بعد عقود قليلة أن تصبح واحدة من القوى الاقتصادية و الصناعية الرائدة في آسيا و العالم.
- من ناحيتها تعافت كوريا الشمالية سريعاً من آثار الحرب و شهدت ازدهاراً اقتصادياً و صناعياً لافتاً في سنوات الستينات، لكن عقد السبعينات شهد تطبيع العلاقات بين الصين حليفة كوريا الشمالية الأساسية و الغرب، نتيجة لذلك ساءت العلاقات بين كوريا الشمالية و الصين و أعلن الكوريون اعتمادهم سياسة الإكتفاء الذاتي في حين زادت عزلة البلد عن محيطه.
النصب التذكاري للحرب الكورية في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ
- في التسعينات توفي مؤسس كوريا الشمالية كيم إل سونغ و خلفه ابنه كيم جونغ إل، في الوقت عينه بدأت الأمور تحتدم بين كوريا و الغرب بسبب مشروع كوريا الشمالية النووي، في حين تعرضت البلاد لفيضانات شديدة أدت لأضرار كبيرة بالمحاصيل الزراعية ما تسبب بمجاعة كبرى في البلاد استغلها الغرب في حربه الدعائية ضد كوريا الشمالية لتصويرها كبلد بائس يجوع شعبه في حين ينفق زعماؤه موارد البلاد على صنع الصواريخ و القنابل النووية.
- في عام 2011 توفي زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إل و خلفه إبنه و حفيد مؤسس كوريا الشمالية كيم جونغ أون الذي واصل سياسة تحدي الغرب، حيث تواصل مشروع كوريا الشمالية النووي و الصاروخي رغم اعتراضات الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
- لا تمتلك كوريا الشمالية حالياً سلاحاً متطوراً حيث تعود معظم الأسلحة التي يمتلكها جيشها إلى حقبة الحرب الباردة، لكن القوة الضاربة لكوريا الشمالية و التي تخشى منها أميركا و حلفاؤها تتمثل في الصواريخ الاستراتيجية التي طورها الكوريون عبر سنوات حيث باتت تشكل تهديداً حقيقياً للقواعد الأمريكية في آسيا في حال نشوب أي حرب بين كوريا و الغرب، بالإضافة إلى احتمال امتلاك كوريا لأسلحة كيميائية و نووية متطورة.
القوة الصاروخية لكوريا الشمالية
شاهد أيضاً :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق