تحولت مدينة الطبقة الواقعة على بعد نحو 55 كم من مدينة الرقة السورية مؤخراً إلى مسرح جديد يضاف إلى مسارح التراجيديا الدموية التي تدور فصولها على أرض سوريا منذ عام 2011، و من بين كل المدن السورية تكتسب الحرب في الطبقة رمزية خاصة، فالمدينة التي أنشئت مطلع السبعينات لإسكان العاملين في سد الفرات، كان من المراد لها أن تكون رمزاً لثورة البعث و المجتمع الجديد الذي بشر السوريين به، مجتمع قوامه الوحدة و الحرية و الاشتراكية، أو كما سمته الأدبيات البعثية "المجتمع العربي الاشتراكي الموحد".
سد الفرات كان المشروع الهندسي الأضخم في سوريا في زمنه و قد أقيم بمساعدة من الإتحاد السوفييتي في تكرار لتجربة السد العالي في مصر الناصرية، في حين أطلق على المدينة الجديدة إسم مدينة الثورة و إن ظل إسم الطبقة هو الإسم الأكثر تداولاً بين سكان المنطقة، هذا المشروع العملاق حمل عند إقامته آمالاً عريضة للسوريين بمستقبل واعد ما جعل شاعراً كنزار قباني يمتدح المشروع في قطعة نثرية ظلت لسنوات جزءاً من المنهاج الدراسي في المرحلة الإعدادية في المدارس السورية، في حين كرس المخرج السوري المعروف عمر أميرلاي باكورة أعماله السينمائية "محاولة عن سد الفرات" لمشروع السد، ليعود المخرج عينه بعد ثلاث عقود و نيف ليعبر عن خيبة أمله من التجربة برمتها في عمل سينمائي آخر حمل عنوان "طوفان في بلاد البعث" تنبأ فيه مبكراً بالخطر المحدق الذي كان يتربص بسوريا نتيجة ما اكتنف التجربة البعثية التي كان سد الفرات رمزاً لها من أخطاء جعلت الحلم يتحول إلى كابوس من دم و نار.
شوارع الطبقة التي تحمل أحيائها أسماء "الوحدة" و "الحرية" و هي شعارات حزب البعث المعروفة تحولت اليوم إلى ساحة لحرب الغرباء على أرض سوريا، فمن جهة هناك وحدات الحماية الكردية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني و المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية، و من جهة ثانية الأتراك بمشروعهم العثماني الرجعي الرافض لأي توسع كردي و الطامع في الأرض السورية، و بينهما تنظيم الدولة الإسلامية المدجج بجيش من الرايات السوداء و قاطعي الرؤوس القادمين من كل أنحاء العالم لإقامة دولة الخلافة المزعومة على أرض سوريا الجريحة.
مجلة "العربي" الكويتية كانت قد زارت مدينة الطبقة في إطار استطلاع مصور نشر في عددها الصادر في شهر آب أغسطس من عام 1972، يوم كان الحلم في ذروته و كانت شوارع المدينة الوليدة تزدحم بالعمال و المهندسين السوريين و الخبراء السوفييت لتعد سوريا بمستقبل مزهر، يومها لم يكن أكثر المتشائمين ليتوقع أن الشوارع عينها ستخلو يوماً من أهلها لتزدحم بالمدافع و البنادق و المتقاتلين على أرض سوريا من كل أنحاء العالم، "أنتيكا" اختارت لكم بعض الصور من ذلك الاستطلاع القديم مرفقة بالوصف كما ورد حرفياً في المجلة المذكورة.
في محطة توليد الكهرباء بسد الفرات في منطقة الطبقة بسوريا وقفت مهندسة الأمن الصناعي مع أحد زملائها المهندسين السوريين يدرسان تقريراً في موقع العمل
الصورة العليا لجانب من العمارات السكنية التي شيدت للعاملين في السد بمدينة الطبقة الحديثة، بينما ظهرت في الصورة السفلى الفيلات التي خصصت لسكن المهندسين و كبار الفنيين المسؤولين عن سير العمل في سد الفرات و أسرهم
أقيمت الأسواق و الجمعيات الإستهلاكية في مدينة الطبقة لتوفير المواد الغذائية لسكان مدينة السد، و في الصورة لفيف من زوجات الفنيين و الخبراء في أحد متاجر بيع الخضروات و الفاكهة بالسوق المركزي
الشارع الرئيسي في مدينة السد و هو يخترق المدينة من منتصفها و يصل بين أحيائها الثلاثة
التعليم المختلط تجربة رائدة في مدينة الطبقة، بمدرسة ثانوية عبد الناصر، التي تضم المرحلتين الإعدادية و الثانوية، و الصورة لفصل دراسي بالسنة الثالثة الإعدادية أو المتوسطة، و قد جلست الفتاة بجوار الفتى، و نجحت التجربة، و يقول مدير المدرسة التي تضم 950 طالباً و طالبة، ان من بين العوامل الأساسية التي ساعدت على نجاح تجربة الاختلاط في هذه المدرسة، هو التوجيه التربوي داخل المدرسة و خارجها .. و مما يذكر أيضاً أن هيئة التدريس في المدرسة من الجنسين، و هي تضم 29 مدرساً و مدرسة
لم يقتصر الاختلاط بين الجنسين على وجودهم في الفصول الدراسية، فقد حرص المسؤولون على إقامة مباريات رياضية يتنافس فيها الطلبة و الطالبات، و الصورة لمباراة في الكرة الطائرة بين الطلبة و الطالبات و قد أحرز فريق الجنس الناعم فوزاً كاسحاً
مجموعات من العاملين في السد و هم يتوجهون إلى مقر أعمالهم في الساعة السابعة صباحاً بعد أن نقلتهم عوامة العبور من الضفة اليسرى إلى الضفة اليمنى لنهر الفرات، و يتكرر هذا المشهد يومياً ثلاث مرات في بدء الورديات الثلاث، عمال ذاهبون و عمال عائدون من عملهم، و يعمل في موقع السد ما يزيد على العشرة آلاف عامل
محطة توليد الكهرباء في السد ذات البوابات الثمانية
مختبر المراقبة و يقوم العاملون فيه و هم من الآنسات السوريات الحاصلات على الثانوية العامة (القسم العلمي) تحت إشراف مهندسة متخرجة من جامعة حلب، بإجراء مختلف التجارب المخبرية الفيزيائية و الميكانيكية على أنواع التربة التي استخدمت في ردم جسم السد
شاهد أيضاً :