الأحد، 5 مارس 2017

من فظائع الإستعمار المنسية : حدائق حيوانات بشرية في عواصم أوروبا !



جرائم الاستعمار الغربي في العصر الحديث في بلدان آسيا و أفريقيا و أميركا الجنوبية و الوسطى أكثر من تعد و تحصى بدءاً من نهب ثروات البلدان المستعمرة وصولاً إلى استغلال السكان بشتى السبل بما فيها تلك الأكثر إذلالاً وامتهاناً لكرامتهم الانسانية.

من صفحات الإستعمار المنسية ما كان يسمى بالمعارض الاستعمارية، و هي معارض كانت تقام بشكل منتظم في أميركا وبعض العواصم الأوروبية ما بين منتصف القرن التاسع عشر و حتى ثلاثينات القرن العشرين لتستعرض فيها كل بلد عظمة إمبراطوريتها الإستعمارية و ما تحتويها من أمم و شعوب، و كان يشارك في تلك المعارض رجال و نساء و أطفال من أبناء الشعوب المستعمرة، حيث يعرضون غالباً خلف سياج حديدي كالذي يكون مخصصاً عادة للحيوانات، و كانوا يجبرون على الظهور شبه عراة و أداء رقصات بدائية لترسيخ الصورة النمطية التي كانت رائجة آنذاك لدى الرجل الأبيض حول الشعوب المستعمرة التي كان ينظر إليها غالباً باعتبارها شعوباً بربرية متوحشة و غير متحضرة، ما كان يبرر استغلالها و معاملتها دون أي مراعاة لإنسانيتها، وأحياناً كان يتم نقل بعض هؤلاء بعد انتهاء المعرض إلى حدائق الحيوانات ليتم عرضهم هناك بشكل دائم جنباً إلى جنب مع الحيوانات والمخلوقات النادرة ! 

الآلاف من أبناء المستعمرات ممن شاركوا في هذه المعارض ماتوا بسبب تعرضهم لتغيرات الطقس، أو من المرض أو سوء المعاملة، و كثيرون منهم خدعوا حول سبب المجيء بهم إلى أوروبا حيث كانوا يوهمون بأنهم قادمون للعمل في مشاريع صناعية أو عمرانية قبل أن يتم إجبارهم على الإشتراك في هذه المعارض الإستعمارية.

اليوم يطلق المؤرخون على المعارض الاستعمارية إسم حدائق الحيوانات البشرية، وقد صدرت كتب ودراسات عديدة حول تلك المعارض وما رافقها من ممارسات غير انسانية،  في حين يحاول الغربيون طمس تلك الحقبة ومحوها من ذاكرتهم باعتبارها وصمة عار في تاريخهم. 

واحد من أكبر المعارض الإستعمارية في القرن العشرين هو ذلك الذي أقيم في باريس عام 1931 حيث استضافت الحديقة الإستوائية في العاصمة الفرنسية المعرض لمدة ستة أشهر زاره خلالها ملايين الزوار جاؤوا من كل أنحاء أوروبا باستثناء الإتحاد السوفييتي الذي كان النظام الإشتراكي فيه يستهجن مثل هذا السلوك و يعتبره دليلاً على إجرام الإمبريالية الإستعمارية و توحشها، احتوى معرض باريس نماذج و ديكورات ضخمة لمباني معروفة في كمبوديا و فيتنام و مالي و السنغال وتونس والجزائر و غيرها من المستعمرات الفرنسية، كما عرض فيه أيضاً آلاف من أبناء هذه المستعمرات من بينهم نساء أجبرن على الظهور أمام الجمهور عاريات الصدر. 

خلال الحرب العالمية الثانية توقفت المعارض الإستعمارية و بعد الحرب أقيمت بعض هذه المعارض في بلجيكا بشكل خاص، قبل أن تتوقف بدءاً من أواخر الخمسينات مع تراجع الاستعمار بشكله القديم وتحرر معظم الشعوب المستعمرة ونيلها استقلالها، هكذا أصبحت هذه المعارض جزءاً من الماضي، و إن بقيت بعض صورها تتكرر حتى يومنا هذا بأشكال و طرق أخرى.




شاهد أيضاً :

هناك 11 تعليقًا: