الخميس، 22 فبراير 2018

"مدام صالحة" خيّاطة المشاهير ومؤسسة أول دار أزياء لبنانية !



"مدام صالحة" إسم ارتبط بالعصر الذهبي لبيروت قبيل الحرب الأهلية في خمسينات وستينات القرن الماضي، مصممة أزياء من الطراز الرفيع ارتدت تصاميمها سيدات الطبقة المخملية وأشهر الفنانات العرب كأم كلثوم وسامية جمال وصباح وفيروز وسميرة توفيق ونجاح سلام وغيرهم.

اشتهرت رئيفة صالحة المولودة في بيروت عام 1926 كواحدة من أوائل مصممي الأزياء في لبنان، حيث كانت تدير عملها من مشغل خياطة يقع وسط بيروت في شارع  بشارة الخوري قرب سينما "غومون بالاس"، من هناك انطلقت شهرة "مدام صالحة" من خلال تصاميمها  التي تميزت بطريقة تطريز راقية جعلتها مقصد سيدات المجتمع المخملي في بيروت الخمسينات من بنات العائلات البيروتية العريقة كحلبي وربّاط وسرسق، بالإضافة إلى بنات أول رئيس حكومة لبنانية بعد الإستقلال رياض الصلح، واللبنانية الأولى زلفا شمعون عقيلة الرئيس كميل شمعون التي عرف عنها جمالها الراقي وأناقتها المفرطة. 


الإمبراطورة ثريا في فستان من تصميم "مدام صالحة"

تميزت "مدام صالحة" بفساتينها المشغولة  من الحرير والساتان، كما برعت في تصميم القفاطين المغربية والعباءات العربية  المطرزة بخيوط الذهب والفضة والمزينة بأحجار الستراس والخرز، لذلك فقد وصفها فرنسوا لوساج مؤسس دار "لوساج " الباريسية الشهيرة  بجوهرة الشرق التي لا يمكن أن تفقد بريقها حتى لو رحلت عن هذه الدنيا، ذلك أن  كل ما كانت تقدمه "مدام صالحة" كان عبارة عن عمل يدوي منفذ بحرفية عالية، ما كان يستغرق وقتاً طويلاً في التنفيذ، ذلك أنها لم تكن تستعمل آلات أو ماكينات شك أو تطريز واتكلت على أناملها وأنامل العاملات معها لتقوم بالعمل كله.

ويعتبر فستان زفاف لمياء رياض الصلح على الأمير مولاي عبد الله ابن الملك المغربي محمد الخامس عام 1961  أحد أهم الفساتين التي خاطتها "مدام صالحة"، وقد أدرج يومها كثاني أجمل ثوب زفاف في العالم بحسب ما نشرته مجلة "كويك" الألمانية الواسعة الانتشار أيامها، حيث قامت المجلة المذكورة بنشر الخبر مع صورة مبهرة ظهرت فيها العروس وهي ترتدي الفستان وتجر من خلفها طرحة وصل طولها إلى نحو 22 متراً. 


الأميرة لمياء الصلح في فستان الزفاف الشهير ومن حولها مدام صالحة وكل العاملات اللاتي شاركن في تطريز الفستان 


المشغل الذي أسسته وأدارته "مدام صالحة" كان عبارة عن مؤسسة متكاملة تهتم هي نفسها بكل تفاصيلها، حتى يمكن القول بأن هذا المشغل كان عبارة عن أول دار أزياء لبنانية بحسب المفهوم الحديث حتى لو تحمل هذا الإسم، حتى أن معظم مصصمي الأزياء اللبنانيين الذي وصلت شهرتهم الآن إلى العالمية كإيلي صعب وعبد محفوظ وغيرهم يعترفون بريادة "مدام صالحة" ويدينون لها بكثير من الفضل على عالم صناعة الأزياء الراقية في لبنان. 

في عام 1968 توقف قلب "مدام صالحة" عن الخفقان ورحلت عن عالمنا عن 42 عامأً فقط، تاركة خلفها مسيرة من التألق والنجاح امتدت لنحو عقدين من الزمن وكان إسمها خلالها علامة مميزة للجودة والإتقان ومرادفاًُ للإبداع اللبناني المميز.


الأميرة لمياء الصلح في ثوب مراكشي من تصميم "مدام صالحة"

الشحرورة صباح في زي فلكوري لبناني صممته "مدام صالحة" وظهرت به صباح في مهرجان بعلبك عام 1964

شاهد أيضاً :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق