الخميس، 19 أكتوبر 2017

كوكوش : أيقونة السبعينات في إيران !



 كوكوش 

كوكوش هو الاسم الفني للمطربة الإيرانية فائقة آتشين صاحبة الأداء الذي أسر قلوب الإيرانيين بدفء الصوت وسحر الأغاني التي خلدت في ذاكرة جيل كامل من الإيرانيين وجيرانهم العرب الذين كان لكوكوش أيضاً رصيد كبير في قلوبهم خاصة في العراق ومنطقة الخليج.

في خمسينات القرن الماضي انطلقت ظاهرة كوكوش، والبداية كانت من مقهى كريستال بالاس في طهران، يومها كان موعد الفنان الكوميدي ولاعب الأكروبات صابر أتاشين ليقدم فقرته اليومية للجمهور، لكن الفنان أحس بألم استدعى نقله إلى المستشفى فوراً، وبقيت فقرته المقررة للجمهور خالية ما وضع إدارة المقهى في موقف لا تحسد عليه، حينها تذكر مدير المقهى ابنة الفنان فائقة، تلك الطفلة ذات الخمس سنوات التي كانت ترافق أباها دائماً مقلدةً بعض الأغاني والحركات التي يقوم بها، وبالغعل حلت فائقة مكان أبيها تلك الليلة، ولم تكن تعلم يومها أن تلك المصادفة التي رتبها لها القدر سوف تشكل أولى خطواتها على سلم الشهرة والمجد، فبعد تلك الليلة أصبح لفائقة فقرة يومية ثابتة في برنامج المقهى، وشيئاً فشيئاً راح أجرها يزداد حتى أصبح أعلى من أجر أبيها، وكان الناس يتوافدون على مقهى كريستال بالاس خصيصاً لمشاهدة الطفلة المعجزة التي سحرت الجمهور بغنائها العذب وصوتها الساحر.


كوكوش الطفلة المعجزة !

عام 1960 كانت كوكوش ما تزال في التاسعة من عمرها حين ظهرت في أول فيلم سينمائي لها، لتتالى بعدها أدوارها على الشاشة الفضية حتى بلغ عدد الأفلام التي شاركت فيها 25 فيلماً كان آخرها عام 1978 عشية الثورة الإيرانية.

في الستينات أصبحت المطربة الشابة محط أنظار الشابات والشبان على حد سواء، فقد كان جمالها وحضورها الطاغي يشدان المعجبين خاصة من جيل الشباب، وكانت ملابسها العصرية وتسريحات شعرها التي تلائم آخر صيحات الموضة نموذجاً للمرأة الأنيقة الجميلة التي تود كل الشابات الاقتداء بها، صورة كوكوش هذه جائت متوافقة مع رؤية النظام الإيراني آنذاك، الذي كان يحاول الترويج لصورة إيران الحديثة والعصرية والمتماشية مع قيم الغرب، خاصة لجهة تحرير المرأة الإيرانية التي ظلت لعقود طويلة حبيسة العادات والتقاليد القديمة. 


كوكوش في باريس

ونظراً لما أدخلته من تحديث على الذوق الموسيقي في إيران حين مزجت أنغام البوب الغربية بالكلمات وروح الأداء الفارسية، فقد أصبحت كوكوش رمزاً للحداثة والتوجه العصري الذي كان نظام الشاه يسعى إلى نشره، وأصبحت المطربة المفضلة لدى العائلة المالكة، وغنت في عدة مناسبات أمام الشاه وأسرته.

عقد السبعينات شهد انطلاق شهرة كوكوش نحو آفاق جديدة، فتجاوزت شهرتها حدود إيران إلى بلدان عربية مثل العراق، حيث كانت أغانيها تذاع في التلفزيون وتباع على أشرطة الكاسيت في الأسواق، رغم عائق اللغة  كما انتشرت أغانيها في بلاد مجاورة عديدة مثل أفغانستان وباكستان ومنطقة الخليج العربي التي كان يعيش فيها آنذاك كثير من المهاجرين ذوي الأصول الإيرانية، وقد غنت كوكوش بلغات عديدة إضافة للفارسية، كالإنجليزية والفرنسية والأرمنية والعربية وغيرها، كما تنوعت الألوان الغنائية التي أدتها، من أغاني البوب ذات الريتم السريع الراقص، إلى أغانٍ ذات روح شرقية، إلى أغانٍ رومانسية حالمة تذكرنا بالأغاني الفرنسية.


كوكوش في شوارع طهران في السبعينات 

في أواخر العام 1978 عمت الثورة إيران من شرقها إلى غربها، و حين هوى نظام الشاه مطلع العام 1979 وغادر ملك الملوك إيران إلى غير رجعة، كانت كوكوش وقتها في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها آثرت العودة إلى إيران رغم تحذيرات أصدقائها، وعند وصولها إلى طهران اعتقلت لفترة وجيزة، ثم أطلق سراحها حيث ظلت حبيسة بيتها مدة 21 عاماً منعت خلالها من الغناء بعد أن حظر النظام الجديد غناء المرأة.

عام 2000 سمحت السلطات الإيرانية أخيراً لكوكوش بمغادرة إيران، فعادت أسطورة الغناء الإيراني إلى جمهورها الذي استقبلها بحفاوة منقطعة النظير، من كندا إلى أميركا، ومن أستراليا إلى دبي والكويت وأرمينيا وقبرص، راحت كوكوش تجوب العالم في جولات غنائية التقت خلالها محبيها من الإيرانيين وغير الإيرانيين.


كوكوش خلال سنوات إقامتها في إيران بعد الثورة 

 أصدرت كوكوش بعد عودتها إلى الغناء سبع ألبومات تنوعت ألوانها بين الشرقية والغربية، وفي ألبومها السادس "إعجاز"، لحنت كوكوش قصيدة لجلال الدين الرومي اسمها "أنا وأنت" حرصت فيها على إعطاء كلمات الحب الشاعرية لحناً مغرقاً في روحانيته وشرقيته.

واليوم لا يبدو أن ملكة البوب الإيرانية وهي في السابعة والستين من العمر قد فقدت شيئاً من جاذبيتها وحلاوة صوتها وحضورها الطاغي على المسرح، فهي لا تزال تتدفق حيوية وطاقة، وهي تستنطق الجمهور بآهات الإعجاب كلما ظهرت على المسرح بأدائها الغنائي المبهج.

كوكوش بعد عودتها إلى الغناء خارج إيران

شاهد أيضاً:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق