حين دخل العرب مصر في القرن السابع الميلادي وجدوا أمامهم آثاراً عمرها آلاف من السنين، حيث يكفي لنا فقط أن نتخيل أن الهرم وقتها كان عمره نحو 3 آلاف عام!، فكيف نظر الفاتحون القادمون من شبه الجزيرة العربية لهذا الكنز التاريخي وما خلفه من حضارة وتاريخ ، علماً أن كثيراً من المعلومات التي نعرفها اليوم عن الحضارة الفرعونية لم يتم الكشف عنها إلا في القرون القليلة الماضية، وقد كانت مجهولة بالكامل لأهل ذلك الزمان.
أبو الهول طلسم للرمل والرياح :
نظر العرب إلى تمثال أبي الهول على أنه طلسم سحري، فذكر القاسم بن يوسف التجيبي السبتي في كتابه "مستفاد الرحلة والاغتراب" إن المصريين يزعمون أن أبا الهول طلسم للريح، وانه لو ذهب لأتلفت الريح مصر، في حين ذكر زكريا بن محمد بن محمود القزويني في كتابه "آثار البلاد وأخبار العباد" أنه طلسم للرمل لئلا يغلب على منطقة الجيزة.
أما عن تشويه أنف أبي الهول فيذكر المقريزي أن أحد مشايخ الصوفية و يدعى محمد صائم الدهر أعلن سنة 807 هجرية عن نيته محاربة المنكرات، فحاول تحطيم وجه أبي الهول باعتباره صنماً، إلا أن لم يتمكن إلا من تحطيم الأنف كونه اضعف جزء في الوجه، وإثر تلك الحادثة غلب الرمل على أراض كثيرة في منطقة الجيزة، ما جعل أهل تلك النواحي يعتقدون أن سبب ذلك هو التشويه الذي حل بوجه أبي الهول.
المومياوات وشفاء المرضى :
ساد بين العرب اعتقاد بأن المصريين القدماء الذين صنعوا تلك الآثار المذهلة لم يكونوا أناساً طبيعيين، ونسبوا إليهم الكثير من الخوارق، ما أدى إلى انتشار أفكار ممزوجة بخرافات روج لها بعض الرحالة والمؤرخين، فشاعت وخاصة في العصور الوسطى فكرة مفادها أن قليلاً من مسحوق مومياء مصرية قديمة كفيل بشفاء كل العلل والأمراض مهما كانت مستعصية، ومن بين من أشاروا إلى هذا الأمر أبو عبد الله بن محمد الحميري في كتابه "الروض المعطار في خير الأقطار" في سياق حديثه عن مدينة قوص في صعيد مصر.
لغز بناء الهرم :
وقف العرب مذهولين أمام الكيفية التي بني بها الهرم، فنسبوا بناءه إلى مجموعة من الخرافات والأساطير، من بينها رواية ذكرها كل من المقريزي والسيوطي، تربط بين بناء الهرم وطوفان نوح الذي ذكر في التوراة والقرآن، و تقول الرواية أن من بنى الهرم هو ملك مصر سوريد بن سلهوق بن شرياق، وذلك قبل الطوفان بثلاثمئة عام، وسبب ذلك أنه رأى في نومه كأن الأرض انقلبت بأهلها، وكأن الخلق هاربون على وجوههم، وكأن الكواكب قد تساقطت من السماء، فما كان من بن سلهوق إلا أن جمع كبار الكهنة، وأخبرهم بما رأى، فدرسوا ارتفاع الكواكب وأحوالها، وأُخبروه بأمر الطوفان، فأمر الملك عند ذلك ببناء الأهرامات التي ملأها بالطلاسم والعجائب والكنوز.
كنوز الفراعنة المدفونة :
ويشير المقريزي إلى أحد العلوم التي نشأت في مصر وهو "علم الكنوز"، مشيراً إلى أن وثائق هذا العلم كُتبت فيها الأماكن التي توجد فيها النفائس والأموال المدفونة، وقد نقلها الروم لما خرجوا من مصر والشام وأودعوها في عاصمتهم القسطنطينية.
انتشار أخبار تلك الكنوز وظهور بعضها بالفعل من وقت لآخر كانا كفيلين بأن يسعى الخيال الشعبي إلى تفسيرها بشتى السبل، ومنها ما ذكره السيوطي في كتابه "كوكب الروضة" إن فرعون كان يخصص جزءاً من كل قرية يدفن فيه الكنوز تحسباً لنائبة أو حائجة تنزل بأهل القرية، فى حين رأى فيها البعض الآخر كنوز النبي يوسف وكنوز الملوك الذين جاؤوا من قبله ومن بعده.
شاهد أيضاً: