الثلاثاء، 13 يونيو 2017

فانوس رمضان : أصل و تاريخ !




ما إن تهل علينا نسائم الشهر الكريم حتى تخلع شوارع مصر عباءتها التقليدية لترتدي ثوباً جديداً ذا ألوان زاهية، فترى الفوانيس وقد صُفّت على الجانبين بإضاءتها وألوانها الجميلة، في حين يطوف الأولاد في الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس مطلقين الأغاني والأناشيد، ومن أشهرها الأغنية الشعبية "وحوي يا وحوي".

و الفانوس بشكله الحالي لم يظهر إلا منذ نحو 100 عام أو أكثر بقليل، بينما يعود أول ظهور له إلى العهد الفاطمي و تحديداً إلى يوم الخامس من شهر رمضان عام 358 هجرية، 969 ميلادية، مع دخول المعز لدين الله القاهرة ليلاً، إذ أمر جوهر الصقلي قائد الجيش الفاطمي و مؤسس مدينة القاهرة بأن يخرج الناس لاستقبال الخليفة وهم يحملون الشموع لإنارة الطريق أمامه، و حتى لا تنظفئ الشموع لجأ الناس إلى وضعها على قاعدة من الخشب وإحاطتها ببعض الزعف والجلد الرقيق، وهنا أعجب المعز بمشاهد الفوانيس التي يحملها المصريون، ومنذ ذلك الوقت بات الفانوس تقليداً رمضانياً راسخاً. 

و يروى أيضأً أن الخليفة الفاطمي كان دائماً ما يخرج إلى الشارع في ليلة استطلاع هلال رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه يحمل كل منهم فانوساً ليضيئوا له الطريق، وكانوا يتغنون ببعض الأغاني التي تعبر عن فرحتهم بحلول الشهر الفضيل.

أما صناعة الفانوس فازدهرت على نطاق واسع في عهد الحاكم بأمر الله في القرن العاشر الميلادي، الذي أمر أن لا تخرج النساء من بيوتهن ليلاً إلا في شهر رمضان للتزاور أو الصلاة في المساجد، على أن يتقدمهن صبي يحمل فانوساً، كما أمر بتعليق الفوانيس على مداخل الحارات وأبواب البيوت، وفرض غرامات على كل من يخالف هذا الأمر.

وتعد القاهرة من أهم المدن التي تزدهر فيها صناعة الفوانيس، وهناك مناطق معينة تعتبر من أهم المناطق التي تخصصت في صناعة الفوانيس ، مثل منطقة تحت الربع القريبة من حي الأزهر، والغورية، ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب، كما انتقلت فكرة الفانوس إلى أغلب الدول العربية وأصبحت تقليداً من تقاليد شهر رمضان المبارك، خاصة في القدس و دمشق وحلب. 

ورغم أن تجارة الفوانيس تزدهر في موسم الشهر الكريم، إلا أنها صناعتها تستمر على مدار العام، حيث يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وقد ظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الزمن حتى ظهر مؤخراً الفانوس الكهربائي الذي يعتمد في إضاءته على البطارية واللمبة عوضاً عن الشمعة، ولم يقف التطور عند هذا الحد بل غزت الصين مصر و الدول العربية بصناعة الفانوس الصيني الذي يضيء ويتكلم ويتحرك ويغني أحياناً !



شاهد أيضاً :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق