الخميس، 25 مايو 2017

الغناء للرؤساء و القادة : تأليه و نفاق أم محبة حقيقية ؟




لو نظرنا حولنا في معظم دول العالم سنجد أن كثيراً من الشعوب تتغنى بأسماء قادتها و أبطالها الوطنيين، لكن المعضلة في عالمنا العربي أن معظم الأغاني التي تتغنى بأسماء القادة و الزعماء تظهر في فترة يكونون فيها على رأس السلطة، ما يجعل من العسير التفريق فيما إذا كانت هذه الأغاني تندرج في باب النفاق و تأليه الحاكم، أو في باب المحبة الحقيقية. 

"أنتيكا" تستعرض لكم فيما يلي و بشكل مختصر أبرز الأمثلة على الأغاني التي مجدت القادة و الزعماء السياسيين على امتداد العالم العربي، علماً أن الحصر الشامل لهذا النوع من الأغاني أمر يتطلب مجلدات كاملة و بحثاً طويلاً في أرشيفات الإذاعات و التلفزيونات العربية، لكننا حاولنا في هذه العجالى حصر أهم الأمثلة و أكثرها شهرة و تأثيراً في ذاكرتنا. 

عهد الملك فاروق 

شهد عهد الملك فاروق في مصر بداية ظهور الأغاني التي تمجد الحاكم بالإسم، فغنت كوكب الشرق أم كلثوم مجموعة من القصائد في تمجيد فاروق أطلق عليها إسم "الفاروقيات"، من بينها قصيدة "الملك بين يديك" لأمير الشعراء أحمد شوقي، و "اجمعي يا مصر أزهار الأماني" من كلمات أحمد رامي. 

أما موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب فقد قدم أغنية "الشباب" من كلمات صالح جودت بمناسبة عيد جلوس الملك على العرش و التي يقول أحمد مقاطعها : "من كتر غيرتي عليك فى القلب خبيتك، و قلت لك يا فاروق القلب ده بيتك"، كما قدم من كلمات صالح جودت أيضاً أغنية "الفن" التي يقول فيها : "و الفن مين انصفه غير كلمة من مولاه، والفن مين شرفه غير الفاروق و رعاه".




عهد عبد الناصر 

في عهد ثورة يوليو ظهرت الأغاني التي تتغنى بالثورة و بالرئيس جمال عبد الناصر، خاصة مع بروز زعامة عبد الناصر العربية، حيث باتت هذه الأغاني نوعاً من الدعاية السياسية الموجهة لا للمصريين فحسب، إنما أيضاً للشعب العربي الذي اعتبر قسم كبير منه عبد الناصر رمزاً و بطلاً للعروبة.

من أبرز الفنانين الذين غنوا لعبد الناصر العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي اعتبر ابن ثورة 23 يوليو و الصوت الرسمي الناطق باسمها، فقدم عدداً كبيراً من الأغاني التي ورد فيها إسم عبد الناصر، من بينها : "يا جمال يا حبيب الملايين"، "ناصر يا حرية"، "صورة"، "يا أهلاً بالمعارك"، "بستان الاشتراكية"، و غيرها. 

أما موسيقار الأجيال الذي غنى للملك قبل الثورة، فقد غنى للثورة و الاشتراكية بعد 23 يوليو، فقدم : "ناصر كلنا بنحبك"، "دقت ساعة العمل الثوري"، "يا جمال النور و الحرية"، " كما قدم أوبريت "الجيل الصاعد" الذي شارك فيه عدد من أبرز الفنانين العرب آنذاك، و الذي يقول أحد مقاطعه و الذي غناه عبد الوهاب بنفسه : "ردينا عليك يا جمال وأيدينا فى أيديك يا جمال، وطلعنا معاك يا جمال نبني وياك يا جمال، حيوا معايا قولوا معايا عاش عبد الناصر عاش".

أما كوكب الشرق أم كلثوم فقد غنت : "الزعيم و الثورة"، "تحويل السد"، "ابقى فأنت الأمل"، "يا جمال يا مثال الوطنية"، و "الفجر الجديد"، التي يقول أحد مقاطعها : "وفتاكِ عبدُ الناصرِ بطلُ الكفاحِ الظافرِ، لم تعطِنا الدنيا سواه ولا نريد لها سواهْ، شدّتْ يداهُ لنا الصباحَ من الدّجى، سلمتْ يداهْ"، و كما تغنت كوكب الشرق بالزعيم في حياته فقد تغنت به بعد رحيله حين قدمت قصيدة "رسالة إلى جمال عبد الناصر" للشاعر السوري نزار قباني. 



عهد السادات و مبارك : 

عهد الرئيس السادات لم يشهد ظهور أي أغنية تمجد الرئيس، ربما باستثناء أغنية عبد الحليم حافظ "عاش اللي قال" و التي لم يذكر فيها السادات بالإسم، و إن كان واضحاً أنه هو المقصود بكلمات الأغنية.

عهد مبارك شهد هو أيضاً ظهور بعض الأغاني التي تغنت بالرئيس دون أن تذكره بالإسم، من أبرزها  أوبريت "اخترناه وبايعناه" و أوبريت "أول طلعة جوية فتحت باب الحرية" لمجموعة من الفنانين. 

سوريا : 

تعتبر فترة حكم الرئيس حافظ الأسد الأطول ما بين حكام سوريا في التاريخ المعاصر، حيث امتدت لنحو ثلاث عقود، صدرت خلالها مئات الأغاني و الأناشيد التي مجدت الرئيس و تغنت بعهده، من بين الفنانين السوريين الذين قدموا هذا النوع من الأغاني الفنان مصطفى نصري (زادك الله، وعد القائد، معك الشعب)  و ابنته أصالة نصري (لبيك يا وطن الأباة)، ميادة الحناوي (جبهة المجد ، سوريا يا حرية)، جورج وسوف (تسلم للشعب)، موفق بهجت (رعاك الله، ع جبينك البطولة، الشمس طلعت). 

و من الفنانين العرب غنى للرئيس الأسد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب (يجعلها عمار)، هاني شاكر (جنة المواعيد) ، سميرة سعيد (سوريا هي الغالية عليا، أبو الرجال)، نجوى كرم (بنرفع ايدينا)، علي حليحل (أبو باسل قائدنا، واجب علينا)، ديانا حداد (نعم إلى الأبد)، و كثيرون غيرهم. 

العراق :

في العراق حكم الرئيس صدام حسين البلاد لنحو ربع قرن من الزمن حفلت بالتمجيد المطلق لشخص الرئيس، حتى لم يبق فنان عراقي تقريباً لم يغني له، بدءاً من كاظم  الساهر (هله يالناذر عمره)، سعدون جابر (تهنّن يا خوات صدام، يا ساري بينا للمعالي)، حسين نعمة (نحبك والله نحبك، بين الشعب و بينك، العزيز انت، صدام أبو الخيالة)، بالإضافة إلى داود القيسي و فاضل عواد و المطربة رباب و صباح السهل و غيرهم الكثير. 



بقية البلدان العربية : 

في لبنان تنتشر بكثيرة الأناشيد الحزبية التي تتغنى بقادة الأحزاب و الطوائف و الحركات السياسية، و لعل الرئيس الحالي ميشيل عون هو من أكثر الزعماء اللبنانيين الذين توجد أغاني باسمهم (عونك جايي من الله، رح نبقى هون، طل القائد عون)، دون أن ننسى الأناشيد االمكرسة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله و لزعيم حركة أمل الرئيس نبيه بري و لمؤسس تيار المستقبل رفيق الحريري و مؤسس الحزب التقدمي الإشتراكي كمال جنبلاط و مؤسس القوات اللبنانية بشير الجميل.

و في السعودية عرف الغناء لملوك آل سعود طريقه مبكراً إلى شاشات التلفزة و أثير الإذاعة و لعل من أبرز من غنوا للعائلة السعودية فنان العرب محمد عبده و رابح صقر و طلال مداح و غيرهم الكثير من المطربين السعوديين. 

و في باقي أرجاء العالم العربي أيضاً لم يخلو بلد عربي تقريباً من الأغاني التي تمجد القادة و الحكام، حتى أن هذا النوع من الأغاني طغى في كثير من الأحيان على الأغاني الوطنية التي تتغنى بالوطن و الشهداء و الشعب. 



شاهد أيضاً : 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق