‏إظهار الرسائل ذات التسميات راسبوتين. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات راسبوتين. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 16 مارس 2017

الحقيقة حول راسبوتين




قصص و حكايات كثيرة حيكت حول الراهب الروسي غريغوري راسبوتين بدءاً من علاقته بالقيصر نيكولا آخر قياصرة روسيا و زوجته القيصرة ألكسندرا وصولاً إلى موته الغامض على يد أفراد من الأسرة المالكة قبيل الثورة الروسية بشهرين فقط، مروراً بقصص علاقاته الجنسية و حبه المفرط للطعام و الخمر و النساء و تأثيره الذي يشبه السحر على القيصر و زوجته و شفاءه لولي العهد ألكسي من مرض خطير و تنبؤه بقيام الثورة الروسية و سقوط حكم آل رومانوف. 

قناة "روسيا اليوم" التلفزيونية بثت مؤخراً حلقتين من برنامج "رحلة في الذاكرة" استضافت خلالها عميد المعهد الأدبي بموسكو البروفسور ألكسي فارلاموف الذي درس آلاف الرسائل و الوثائق التاريخية التي تعود إلى بداية القرن الماضي و ألف واحداً من أفضل الكتب توثيقاً و أكثرها رصانة حول راسبوتين و الذي حاول خلاله رسم صورة واقعة لشخصية راسبوتين بعيداً عن الأساطير التي حاكتها الصحافة و الروايات الأدبية حوله سواء خلال حياته أو بعد مقتله. 

 البروفسور فارلاموف أكد أن راسبوتين كان يمتلك مواهب فطرية خارقة و أخرى قد يكون اكتسبها نتيجة قوة نمط حياته الذي كان فريداً من نوعه، حيث كان راسبوتين شخصية غنية و معقدة تمتلك مواهب الفصاحة و البيان، و كان تأثيره على الناس ذا سحر و جاذبية تشبه فعل التنويم المغناطيسي، و أوضح فارلاموف أن من الأسباب التي ساعدت على نجاح راسبوتين هي أن القيصر نيكولا كان متديناً على غير عادة أسلافه من القياصرة، حيث كان هو و كذلك زوجته مهتمين على نحو خاص بالحياة الكنسية و قد سبق أن استقبلا أكثر من مرة في القصر الملكي عدداً من الرهبان الجوالين الذين كان راسبوتين واحداً منهم، و أن سبب انجذاب القيصر و زوجته لراسبوتين كان ما لمساه لديه من قوة روحية، أما مساعدة راسبوتين في شفاء ولي العهد فقد حدثت فعلاً و لكن في وقت لاحق و قد كان تأثيرهاً ثانويا ًخاصة أن أمر مرض ولي العهد كان من أسرار الدولة التي لم يكن يعرف بها إلا أفراد معدودون. 

أما عن قوة راسبوتين الجنسية الخارقة و حفلات السكر و المجون التي كان يشارك فيها و علاقاته النسائية العديدة فقد أكد فارلاموف بأنها إشاعات لا صحة لها ظهرت بعيد محاولة الاغتيال التي تعرض لها راسبوتين على يد امرأة مختلة حين حاولت طعنه بالسكين في أعضاءه التناسلية.

كذلك الأمر أكد فارلاموف أن قصة الرسالة التي تركها راسبوتين بعد مقتله و احتوت نبوءة تقول أن الثورة سوف تندلع في البلاد إذا ما قتل على يد أحد أفراد الأسرة المالكة ما هي إلا محض  خيال أدبي لأحد كتّاب ثلاثينات القرن الماضي و لا أساس تاريخي لها من الصحة.

و حول رأيه في مقتل راسبوتين رجح فارلاموف أن تكون المخابرات البريطانية و الفرنسية قد ضلعت في اغتياله بالاشتراك مع أفراد من العائلة المالكة، ذلك أن راسبوتين كان معارضاً منذ البداية لاشتراك روسيا في الحرب و كان الحلفاء يخشون أن ينجح راسبوتين بما يملك من نفوذ و تأثير على القيصر بإقناعه بتوقيع صلح منفرد مع المانيا، لذلك قام العملاء البريطانيون و الفرنسيون بتعذيبه للحصول على أي معلومات حول علاقة محتملة بينه و بين الألمان، و حين فشلوا في الحصول على أي معلومات مفيدة قاموا بقتله و رمي جثته في نهر نيفا حيث عثر عليها.




شاهد أيضاً :

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

راسبوتين قديس و شيطان



لا يمكن لقارئ سيرة الراهب الروسي غريغوري راسبوتين إلا أن يتعجب من ما تضمه حياة هذا الرجل من غرائب و متناقضات بما فيها ملابسات حادثة اغتياله الغريبة و التي ما تزال مثار تكهنات عديدة حتى يومنا هذا ، فكيف استطاع هذا الراهب أن يجمع بين مظاهر القداسة و الورع و حياة الفسق و الفجور ، و كيف استطاع و هو الراهب المغمور القادم من سهول سيبيريا أن يصل إلى قمة هرم السلطة في سان بطرسبورغ و يصبح الآمر الناهي على القيصر و أسرته و المتحكم بمصائر الملايين من رعايا الامبراطورية الروسية المقدسة .

ولد راسبوتين لمزارع فقير في إحدى قرى سيبيريا عام 1869 و أطلق عليه أهله اسم غريغوري تيمناً بالقديس غريغوريوس الذي تصادف عيده مع تاريخ ميلاد الطفل ، لم يتلق راسبوتين أي تعليم و بقي أمياً كمعظم أبناء قريته ، و في عام 1887 تزوج من فتاة قروية أنجبت له ثلاثة أطفال ، في عام 1892 و بعد وفاة أحد أطفاله غادر راسبوتين القرية و قطن في أحد الأديرة لعدة أشهر و هناك تعرف إلى ناسك يدعى الأخ مكاري و قد تأثر راسبوتين به كثيراً و قرر بفضله أن يصبح متديناً .

في عام 1893 ادعى راسبوتين بأن السيدة العذراء قد ظهرت له ، ثم راح يتنقل متنسكاً بين عدة مناطق كما ادعى بأنه حج مشياً على الأقدام إلى جبل أثوس الذي يعرف بالجبل المقدس في شمال اليونان .

في عام 1905 وصل راسبوتين إلى سان بطرسبورغ في وقت كان فيه السحر و التنجيم و الاهتمام بالروحانيات و القوى الخارقة موضة العصر بين أبناء الطبقة الراقية ، و سرعان ما ذاع صيت راسبوتين بين طبقة النبلاء و بخاصة النساء منهم ، و في نوفمبر 1905 تولت ميلكا أميرة مونتنيغرو تقديم راسبوتين إلى القيصر نيكولا و زوجته ألكسندرا .

نقطة التحول في حياة راسبوتين جاءت في شهر آذار - مارس 1907 حين طلبت زوجة القيصر من راسبوتين الصلاة لشفاء ولي العهد الطفل ألكسي ابن الثلاثة أعوام و الذي كان يعاني من مرض الناعور ، و رغم أن الأطباء كانوا قد أخبروا القيصر و زوجته أن أيام طفلهما باتت معدودة إلا أن الطفل أبدى تحسناً ملحوظاً بعد صلاة راسبوتين ، و هكذا آمنت ألكسندرا و زوجها بأن معجزة إلهية قد وقعت و بأن راسبوتين بلا شك قديس ، يعتقد عدد من الباحثين و المؤرخين بأن واقعة الشفاء هذه قد يكون خلفها مؤامرة متقنة حاكها راسبوتين مع بعض الخدم في القصر و تضمنت دس مواد كيمائية معينة للطفل حتى تظهر عليه آثار المرض ثم وقف تلك الجرعات بالتزامن مع صلاة راسبوتين له .

بعد واقعة شفاء ألكسي بات نفوذ راسبوتين على الأسرة المالكة مطلقاً و أصبح يتدخل في كل شاردة و واردة من شؤون الدولة بما في ذلك تعيين الوزراء و المدراء و حتى رؤساء الحكومات و كبار موظفي الدولة ، كما انتشرت شائعات و روايات كثيرة حول علاقات راسبوتين النسائية الكثيرة و شغفه بالجنس و الخمر و الطعام ، كما اتهم راسبوتين بالانتماء لجماعة دينية سرية تدعى خاليستي كانت تمارس طقوساً غريبة تجمع بين التأمل و الصلاة و الممارسات الجنسية الفاضحة كطقوس الجنس الجماعي ، لكن راسبوتين بقي بالنسبة للقيصر و زوجته فوق مستوى الشبهات .

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى واصل راسبوتين تدخله في شؤون الدولة و قد وصل به الأمر حد التدخل في شؤون الجيش فكان القيصر يعزل و يعين القادة العسكريين بناء على توصيات من راسبوتين ، و مع توالي الهزائم العسكرية راح أبناء الأسرة المالكة يخشون على مستقبل عائلتهم و مستقبل روسيا ، خاصة أن إشاعات عديدة انتشرت كانت تتهم راسبوتين بالعمالة لصالح الألمان ، و لذلك قرر أمير من آل رومانوف أن يخلص القيصر و روسيا من راسبوتين ، فدبر اغتياله ليلة السادس عشر من كانون الأول - ديسمبر 1916 حيث دس له السم في الطعام والشراب خلال وليمة عشاء أعدها له في منزله ، و حين لم ينفع السم قام بإطلاق النار عليه ، لكن راسبوتين عاد و انتفض على قاتليه بينما كانوا يقومون بحمل جثته و فر منهم راكضاً فأطلقوا الرصاص عليه ثانية في باحة القصر ، ثم رموا جثته في نهر نيفا ، و حين عثرت الشرطة على جثة راسبوتين تبين أنه مات غرقاً أي أنه كان ما يزال على قيد الحياة حين ألقي به في النهر .

الفصل الأخير من قصة راسبوتين لم ينته بمماته ، فقد قيل بأنه ترك رسالة للقيصر قبل وفاته يتنبأ فيها بأنه سوف يموت مقتولاً ، و قد قال في الرسالة أنه في حال كان قاتلوه من آل رومانوف فإن هذا يعني بأن القيصر و أسرته سوف يموتون مقتولين أيضاً بعد فترة قصيرة من الوقت ، و هذا ما وقع فعلاً حيث قتل القيصر و أسرته على يد الثوارة البلاشفة يوم 17 يوليو - تموز 1918 .