‏إظهار الرسائل ذات التسميات نزار قباني. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نزار قباني. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 23 ديسمبر 2019

قالوا في الجنس !


تشارلي تشابلن : "جسدك العاري يجب أن يكون ملكاً فقط لأولئك الذين يقعون في حب روحك العارية".

 روبن ويليامز : "المشكلة تكمن في أن الرب أعطى الرجل عقلاً وعضواً ذكرياً وكمية من الدم تكفي لتشغيل واحد منهما فقط".

وودي آلن : "الفرق بين الجنس والحب هو أن الجنس يزيل التوتر فيما أن الحب يتسبب به".

جابرييل جارسيا ماركيز : "الجنس هو العزاء الذي تحصل عليه حين لا تكون قادراً على الحصول على الحب".

هانتر طومسون : "الجنس من دون حب أجوف وسخيف مثل الحب من دون جنس".

ايزابيل الليندي : "بالنسبة للمرأة فإن أكثر المنشطات فعالية هي الكلمات، إن الجي سبوت تقع في أذني المرأة وكل من يبحث عنها هناك في الأسفل فهو يضيع وقته".

سيجموند فرويد : "سلوك الانسان في الأمور الجنسية هو غالباً نموذج لكل أشكال ردود الفعل لديه في الحياة".

نزار قباني : "الجنس لدى المرأة استيطان ولدى الرجل سفر".

غادة السمان : "الجنس وعاء فارغ لا يمتلئ بغير الحب".

مارلين مونرو : "العاشق الحقيقي هو الرجل الذي يستطيع إثارتك بمجرد ملامسة جبينك أوالابتسام أمام عينيك أو حتى بمجرد التحديق في الفضاء".

صوفيا لورين : "الجنس يتبع الحب، ولا يسبقه أبداً".

فولتير : "الرب اخترع الجنس والكهّان اخترعوا الزواج".

شاهد أيضاً :

السبت، 23 فبراير 2019

رحلة في قلب شاعر المرأة : طفل شقي ..نمرود .. عكروت .. "بري" من الصعب استئناسه !




آثار حروق صغيرة في فخذي وفي ساقي .. لماذا تسألين يا شقية إنه سري ! .. أحكيه إذن ما دمت تلحين .. :
طفولتي المنطلقة .. أرى الأشياء كما أريد وأحلم. متمرد .. أكون في البيت ما أريد ولا أريد ما أكون ! مخرب .. أي لعبة مهما كانت جديدة وثمينة ألهو بها دقائق لهو القطة بفأرها، ثم أفترسها .. ويسيل مني لعابي وأنا أبحث عن حطامها عن المجهول الخبيء ! حتى أمي ضاق حنانها بشغبي وتخريبي .. كثيراً ما تركتني قعيد البيت وخرجت وحدها في زيارة عائلية، لتؤمن أصحاب البيت من شري !

يوم من أيام شتاء دمشق المثلج .. تعطشت لدمية أسحقها فلم أجد .. كل لعبي ركام مبعثر في علبها الجديدة .. أجزاء مكشوفة .. مفتوحة . ذليلة . ولا تغري فضولي ! أمام مرآة أملأ عيني من قفطاني الصوفي الجديد وألوانه الزاهية .. الأحمر يتموج في حضن الأخضر، ينجذبان فيتعانقان ثم يفترقان، الأصفر يطارد الرمادي ككلب جائع يطارد أنثاه في الطريق من رصيف لرصيف ! هذه الألوان المتكلمة ماذا لو أشعلت فيها النار ؟ هل يتلون لهبها بلونها ؟ هل تدفئني ؟! .. سال لعابي ! .. مددت يدي بعود الثقاب المشتعل إلى ذيل القفطان .. صوف حر ذاب تحت لسان اللهب واضطرم .. لكني أتألم .. ألف دبور تلسعني في فخذي وفي ساقي .. أحترق ! صرخت مفجوعاً .. جاءت أختي على صراخي .. حملتني مندفعة وألقتني في بركة النافورة بصحن البيت !! .. إنه سري .. فضولي .. الطفل الذي أعيش للآن به وعليه .. وأكتب من صيده شعري !



حي العمارة أقدم أحياء دمشق، في سرته تنتصب مآذن الجامع الأموي، ولدت بالحي في 21 مارس سنة 23، أخي الأكبر "معتز" تاجر بدمشق وصاحب مكتب استيراد وتصدير، وأنا الثاني، لي غيره 3 أخوة، وأخت متزوجة. أبي صاحب مصنع حلويات في سوق البزورية. 

دخلت الكلية العلمية الوطنية. أمضيت بها من مرحلة الحضانة حتى شهادة البكالوريا الأولى، أخذتها سنة 41. انتقلت لمدرسة التجهيز وأخذت البكالوريا الثانية قسم فلسفة سنة 42. وسنة 45 أخذت ليسانس حقوق فقد كانت الدراسة بالكلية أيامها 3 سنوات فقط.

لست عبقرياً .. تلميذ عادي جداً في المرحلة الابتدائية. أحب الرسم والخط الجميل .. أخذت الابتدائية سنة 33. في الثانوي امتلكتني أكثر هوايتي للرسم والخط. درست أصول الخط على يد "المعلم بدوي" أكبر خطاطي دمشق. كنت أرسم بالرصاص. فأخذت أستعمل ألوان الجواش والزيت. "أتيلييه" صغير عملته في غرفة بالبيت. بقعت بألوان الزيت البلاط والحيطان. تضايق أمي فنقلت الأتيلييه إلى القبو تحت البيت. 



لكنني أحببت أمي بتعلق وعبادة كنت ابنها المفضل .. المصروف لي أكثر من غيري ! والصنيبر واللحم تخفيه عن أخوتي تحت الأرز، لأستمتع بنصيب وافر منه وحدي !

مرحلة مراهقة "صعبة" المرأة سراب أبعد من أن ينال ! أغراني أصدقائي كثيراً بالجسد المباع، لكني رفضت هذا الحل لمشكلتي الجنسية لتفاهته ! عمري 16 سنة حين كتبت أول محاولة شعرية. كنت في رحلة مع تلامذة الكلية العلمية إلى إيطاليا. أول غربة لي .. اجتاحني الحنين لأهلي وبلدي والباخرة لم تخرج بعد من المياه السورية ! كتبت قصيدة من شعر الحنين. أذعتها من راديو روما العربي عندما زرناه . غمغمة صبي ! أحاول أن أتذكرها لك .. 

فور تخرجي في الحقوق اشتغلت ملحقاً بوزارة الخارجية، 21 سنة وأنا مكتوم الروح مقيد الوجدان في السلك الدبلوماسي .. أتنقل بين القاهرة وأنقرة ولندن وبكين وبيروت ومدريد .. أسوأ أيامي ! كنت أذهب إلى حفلات الاستقبال كارهاً كطفل يذهب إلى المدرسة لأول مرة ! أتبادل الكلام الفارغ المنمق مع غيري من الحاضرين .. كلام مصنوع وبلا عاطفة !

تمزقت طفولتي وشاعريتي وصدئت نفسي .. ومنذ 10 سنوات وأنا أفكر أن أستقيل من الدبلوماسية وأؤسس داراً للنشر، لكنني لم أستطع تنفيذ قراري إلا في أغسطس الماضي ! تركت الوظيفة بعد أن وصلت لمنصب مستشار .. مرتبي ؟ أي رقم مهما كان فلكياً .. المهم اني ضحيت به من شأن فني ! 



آه من عذابي ساعة مخاض شعري ! زلزال يزلزلني بلا موعد .. ينشق وجداني ويتفجر نبعي. ربما دهمني بالطريق. على مائدة طعام . أو وقفاي تحت مشط الحلاق ومقصه ! لا .. لا أدونه حالأً .. ذاكرتي مفكرتي إلى أن أصل البيت فأسجله على مهلي ! لست شاعراً مطيلاً .. قصائدي دائماً مكثفة قصيرة .. والعصر ليس عصر ملاحم ومعلقات .. حد فاضي !

نجاة غنت شعري، وتغنت به فيروز، غنت لي "وشاية" و"لا تسألوني ما اسمه حبيبي" .. من 4 أو 5 سنين. لم تشتهر الأغنيتان شهرة أغنياتي على لسان نجاة، ربما لأن صوت القاهرة أكبر وأقوى من صوت بيروت ! لا تسألوني مقارنة بين صوت نجاة وصوت فيروز، فالأصوات مثل الزهور لكل زهرة عطر ولون. وصوت نجاة "ياسمينة" رقيقة طاهرة وعذبة .. بينما صوت فيروز زهرة توليب جميلة أنيقة وفاتنة. 

**************************

- قلت للشاعر الذي خدمته ظروفه في الزمان والمكان فعرف من النساء أكثر مما عرفت أنا ! .. لا تكلمني من المرأة التي بين يديك .. كلمني عن المرأة التي طارت منهما .. عن غزواتك الفاشلة .. 
- لست فالنتينو الذي يسبي النساء دائماً .. فكما نجحت كثيراً في علاقاتي النسائية، فشلت كثيراً !

- الحب يولد .. لكن كيف يموت ؟ 
- عوامل كثيرة تقتله : عدم التكافؤ الذهني، العجز عن التأقلم والتنازل المتبادل من الطرفين عن شيء من غرورهما وامتيازاتهما الشخصية والنفسية.

- والعجز الجنسي عند الرجل، والبرود عند المرأة ؟
عامل مهم، إنه سيد العوامل التي تصرع الحب !

- أخاف أن يكون ضعف هذا العامل عندك هو سر مللك وتمردك على المرأة ؟
- لا اطئمن، ما زلت أمتلك فحولتي .. إنه مجرد ملل نفسي من الاستمرار، وأنا بطبعي أمل كل ثابت دائم !



- المرأة النموذج التي تأسرك، ما هي مواصفاتها الجسدية والنفسية ؟ 
- لا يهمني أن تكون سمراء أو شقراء، طويلة أو قصيرة. المهم أن تعاملني بأمومة كأني طفلها !

- هل عصفت بالمرأة مرة .. ما هو أقسى أشعارك عليها وأكثرها ضراوة ؟
- اسمعني : 
أتهددين بحبك الثاني.. وزندٍ غير زندي؟
 إني لأعرف، يا رخيصة، أنني ما عدت وحدي.. 
هذا الذي يسعى إليك الآن... لا أرضاه عبدي
فليمضغ النهد الذي خلفته أنقاض نهد
يكفيه ذلاً ... أنه قد جاء ماء البئر.. بعدي

- لحظة خيانة يبدو أنك عشتها فعلاً ؟
- فعلاً وأرجو ألا تسألني تفصيلا

- بعد كل تجاربك المتنوعة مع المرأة .. تعتقد هل عرفت من أسرار المرأة شيئاً ؟ 
- بشرفي أبداً !ّ!


مجلة "الكواكب" العدد 803 - 20 ديسمبر 1966

السبت، 30 سبتمبر 2017

قصائد نزار قباني التي أغضبت السعودية




منذ ستينات القرن الماضي منعت دواوين الشاعر السوري الكبير نزار قباني من التداول في السعودية كما منع الشاعر نفسه من دخول المملكة ومن إقامة أمسيات شعرية فيها، وفي حين اعتقد كثيرون أن سبب المنع كان دينياً نظراً للتشدد الذي يغلب على الجو العام في السعودية والذي لا يتناسب مع قصائد نزار وما فيها من دعوة واضحة للتحرر السياسي والاجتماعي، إلا أن العديد من الكتّاب المطلعين على خفايا الأمور في المملكة أعادوا هذا المنع لأسباب سياسية، وتحديدأً إلى قصيدة أصدرها نزار عام 1958 وقيل أن المقصود بها هو الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية السعودي وابن الملك فيصل والذي كان أيضاً شاعراً ذائع الصيت حيث غنى له كبار المطربين في العالم العربي أمثال أم كلثوم وعبد الحليم ونجاة وغيرهم، وقد عرف عن الأمير زيجاته الكثيرة وعلاقاته النسائية العديدة خاصة أنه كان مقرباً من الأوساط الفنية في مصر والعالم العربي، لذلك اعتقد كثيرون أن قصيدة "الحب والبترول" كانت موجهة إليه، ما تسبب في غضب السعودية على نزار.

يتحدث نزار قباني في قصيدة "الحب والبترول" بلسان إحدى ضحايا شيخ من شيوخ النفط دون أن يسميه، حيث تبدأ القصيدة بتقريع الشيخ على شهوانيته ونهمه للنساء، وإغداقه الأموال على عشيقاته، وتنتهي برسالة سياسية واضحة حيث يقول المقطع الأخير من القصيدة:

تمرغ يا أمير النفط
فوق وحول لذاتك
كممسحة تمرغ في ضلالاتك
لك البترول فاعصره
 على قدمي خليلاتك
كهوف الليل في باريس
 قد قتلت مروءاتك
على أقدام مومسة هناك
 دفنت كل ثاراتك
 فبعت القدس بعت الله
 بعت رماد أمواتك
كأن حراب إسرائيل
 لم تجهض شقيقاتك
 ولم تهدم منازلنا 
ولم تحرق مصاحفنا
ولا راياتها ارتفعت 
على اشلاء راياتك
كأن جميع من صلبوا على الأشجار
في يافا وفي حيفا وبئر السبع 
ليسوا من سلالاتك
 تغوص القدس في دمها
 وأنت صريع شهواتك
 تنام كأنما المأساة 
ليست بعض مأساتك
 متى تفهم ؟ 
متى يستيقظ الانسان في ذاتك؟

هذه القصيدة التي أقامت الدنيا وأقعدتها على نزار في السعودية لم تكن المواجهة الوحيدة بين شاعر الحب والثورة وسلطات المملكة، ففي التسعينات اشتعل غضب السعودية على نزار من جديد، بعدما هجا الملك فهد واصفاً إياه بأبي جهل في قصيدته "أبو جهل يشتري فليت ستريت"، وملخص القصة أن عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية التي تصدر من لندن تطاول على نزار، فرد عليه شاعرنا بالقصيدة المذكورة، والتي انتقد فيها بأسلوبه الرصين واللاذع في آن معاً ظاهرة الصحافة العربية المهاجرة إلى أوروبا والتي تحولت إلى صحافة مرتزقة ومأجورة، وقد اخترنا لكم من هذه القصيدة الطويلة بعض المقاطع والتي ويالسخرية القدر تبدو وكأنها كتبت في يومنا هذا وليس قبل ما يقارب الربع قرن: 

من كلِّ صوبٍ يهجم الجرادْ
ويأكل الشعر الذي نكتبه
 ويشرب المدادْ
من كل صوبٍ..
يهجم (الإيدْزُ) على تاريخِنَا
 ويحصُدُ الأرواحَ، والأجسادْ
 من كلِّ صوبٍ.. يطلقونَ نفطهمْ علينا
 ويقتلونَ أجملَ الجيادْ..
 فكاتبٌ مُدَجَّنٌ.. وكاتبٌ مُسْتأجرٌ..
 وكاتبٌ يباع في المزادْ
 وصار للبترولِ في تاريخنا، نُقَّادْ؟؟

 للواحد الأوحد.. في عليائه
 تزدان كل الاغلفة
وتكتب المدائح المزيفة..
ويزحف الفكر الوصوليُّ على جبينهِ
 ليلثمَ العباءةَ المشرفة .. 
هل هذه صحافةٌ.. أمْ مكتبٌ للصيرَفَة؟ 
كلُّ كلامٍ عندهمْ ، محرمٌ
كلُّ كِتَابٍ عندهُمْ، مصلوبْ
 فكيف يستوعب ما نكتبهُ؟

على الذي يريدُ أن يفوزَ
في رئاسة التحريرْ..
عليهِ .. أن يَبُوسَ 
في الصباحِ ، والمساءِ رُكْبَةَ الأميرْ ..
عليه.. ان يمشي على أربعةٍ 
كي يركب الأمير!!
لا يبحث الحاكم في بلادنا عن مبدعٍ.. 
وإنما يبحث عن أجير.. 

ما لليَسَاريِّينَ من كُتَّابِنَا؟
 قد تركوا (لينينَ) خلف ظهرهمْ
 وقرروا.. أن يركبوا الجِمَالْ!!

أيا طويلَ العمر:
لسنا نريد أي شيءٍ منك.. 
فانكح جواريك كما تريد.. 
واذبح رعاياك كما تريد.. 
وحاصر الأمة بالنار.. وبالحديد.. 
لا أحدٌ.. يريد منك مُلْكَكَ السعيدْ.. 
لا أحدٌ يُريدُ أن يسرُقَ منك جُبَّة الخِلافَة
فاشْربْ نبيذَ النفطِ عن آخِرِهِ.. 
واتْرُكْ لنا الثقافة

شاهد أيضاً:

الثلاثاء، 21 يونيو 2016

نزار قباني و معاركه مع رجال الدين



منذ ظهوره الأول على ساحة الشعر العربي حين أصدر باكورة دواوينه "قالت لي السمراء" و هو ما يزال بعد طالباً على مقاعد الدراسة في كلية الحقوق بالجامعة السورية احترف نزار قباني إثارة الزلازل بجرأته و تجديده، فكان من الطبيعي أن تتصدى له القوى الرجعية في المجتمع و لا سيما رجال الدين الذين اتهموه بالكفر تارة و بالفسق و التهتك تارة أخرى. 

أولى جولات نزار مع أهل العمائم كانت بعيد إصدار ديوانه الأول عام 1944، فكتب الشيخ علي الطنطاوي أحد مشايخ دمشق في مجلة "الرسالة" يقول : "طبع في دمشق كتاب صغير زاهي الغلاف ناعم ملفوف بالورق الشفاف الذي تلف به علب الشيكولاتة في الأعراس .. فيه كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد إذا قستها بالسنتمترات .. يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق والقارح والبغي المتمرسة الوقحة وصفاً واقعياً لا خيال فيه لأن صاحبه ليس بالأديب واسع الخيال، بل هو مدلل غني عزيز على أبويه"، فعلق نزار على كلام الطنطاوي بالقول : "لم يكن نقداً بالمعنى الحضاري للنقد، وإنما كان صراخ رجل اشتعلت في ثيابه النار".

مواجهة نزار الثانية مع رجال الدين كانت الأكبر و الأعنف في تاريخه الأدبي و جاءت عام 1954 بعد نشر قصيدته المثيرة للجدل "خبز و حشيش و قمر"، فكان أن حمل الشيخ مصطفى الزرقا و كان وقتها نائباً في البرلمان السوري عن جماعة الإخوان المسلمين راية الحرب على نزار، فطالب وزارة الخارجية السورية بطرده من السلك الدبلوماسي الذي كان نزار موظفاً رفيعاً فيه، و لم يكتف الشيخ الزرقا بذلك بل حمل قصيدة نزار إلى قبة البرلمان لتناقش في جلسة رسمية عقدت يوم 14 حزيران يونيو 1955، علق نزار وقتها على هذه الحملة المسعورة ضده بالقول : "إنها العمائم نفسها التي طالبت بشنق أبي خليل القباني، طالبت بشنقي، و الذقون المحشوة بغبار التاريخ، التي طالبت رأسه طلبت رأسي"، و كان أن انتهت الأزمة أخيراً برفض وزير الخارجية السوري آنذاك خالد العظم المطالب التي رفعت إليه بصرف نزار من الخدمة و قال معلقاً على القضية : "يا حضرات النواب الأعزاء، أحب أن أصارحكم بأن وزارة الخارجية السورية فيها نزاران : نزار قباني الموظف و نزار قباني الشاعر، أما نزار قباني الموظف فملفه أمامي و هو ملف جيد و يثبت أنه من خيرة موظفي هذه الوزارة، أما نزار قباني الشاعر فقد خلقه الله شاعراً و أنا كوزير للخارجية لا سلطة لي عليه و لا على شعره".

و في السبعينات شن الشيخ التكفيري عبد الحميد كشك حملة شعواء على نزار، فهاجمه في الكثير من خطبه، و كان هجومه الأشرس على نزار بسبب قصيدته التي رثا فيها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و قال في مطلعها : "قتلناك يا آخر الأنبياء"، فيقول الشيخ كشك في خطبته : "هذا الشاعر الكافر عندما مات جمال عبد الناصر كتب يقول فيه لقد مات آخر الأنبياء، و آخر الأنبياء عندنا أنت يا ناصر .. قال نزار قباني أن عبد الناصر خاتم الأنبياء و قد أسرى الله به بعد موته عندما ركب الطيارة .. عبد الناصر عندما مات ركب الهيلوكوبتر و أخذ يطوف في سماء القاهرة، قال نزار قباني إنه نبي و هذه الطائرة هي البراق الذي أسرى الله به بجمال عبد الناصر". 

هذه بعض من معارك نزار مع رجال الدين الذين كفروه و حاربوا شعره فما زاد ذلك إلا في مساحة انتشاره  و محبة الناس له، هؤلاء الناس الذين نصبوا نزار أميراً للشعر و شاعراً للحب و الجمال و الحرية.



شاهد أيضاً : 

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

المرأة التي ألهمت نزار أجمل قصائده


"بلقيسُ كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ .. بلقيسُ كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ .. كانتْ إذا تمشي ترافقُها طواويسٌ .. وتتبعُها أيائِلْ .. بلقيسُ يا وَجَعِي ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ هل يا تُرى .. من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟" بهذه الكلمات نعى الشاعر الكبير نزار قباني زوجته و حبيبته بلقيس التي توفيت عام 1981 اثر تفجير تعرض له مكان عملها في السفارة العراقية ببيروت في وقت كان لبنان فيه ينزف من حرب أهلية طويلة و قاسية و كانت المنطقة تشهد في الوقت عينه استعار لهيب الحرب العراقية الإيرانية التي انتقلت رحاها إلى الأرض اللبنانية مع موجة تفجيرات و هجمات متبادلة شنها مؤيدو كل من العراق و إيران ضد مصالح البلد الآخر. 

في سجل حياة نزار الحافل بقصص العشق و الغرام حالتا زواج ، الأولى عام 1946 حين كان نزار يعمل دبلوماسياً في السفارة السورية بالقاهرة حيث اقترن بقريبته زهراء آقبيق ابنة القاضي وعضو مجلس النواب محمد أقبيق الذي عمل رئيساً لمحكمة الجنايات بدمشق في الأربعينيات، و كانت زيجة تقليدية حيث أنجب منها ابنته هدباء (1947)  و ابنه توفيق (1950)، قبل أن يفترق عنها و ينتهي زواجهما بالطلاق عام 1952.

أما زيجة نزار الثانية فقد جاءت بعد قصة حب عاصفة ، حيث أغرم الشاعر الكبير بيلقيس الراوي الحسناء العراقية التي كانت تصغره بستة عشر عاماً، أول لقاء بين نزار و بلقيس حصل حين كانت تتابع إحدى أمسيات نزار الشعرية في العاصمة العراقية بغداد ، وقتذاك تقدم نزار لخطبتها لكن عائلة بلقيس المحافظة رفضت أن ترتبط ابنتهم بشاعر مشهور بغرامياته و قصائده الجريئة و المثيرة للجدل ، و لم تتكلل مساعي نزار المتواصلة بالنجاح إلا بعد سنوات حين علم الرئيس العراقي أحمد حسن البكر بالأمر و قرر التدخل شخصياً عام 1969 ليزكي العريس عند أسرة محبوبته، فأرسل البكر كلاً من وزير خارجيته و وزير الشباب لخطبتها من أهلها ، فتم الزواج و اقترن نزار ببلقيس التي قدر لها أن تكون حب حياته و مأساته الكبرى في آن معاً ، فقد عاش نزار مع زوجته الجميلة أحلى أيام عمره، و كان رحيلها خلال الحرب الأهلية اللبنانية ضربة مؤلمة قسمت ظهر نزار و أصابته في الصميم خاصة أنها جاءت بعد مأساة أخرى عاشها الشاعر ألا و هي رحيل ابنه الشاب توفيق بمرض القلب و هو بعد ابن 17 عاماً.

فقدان بلقيس المفجع جعل نزار يبدع واحدة من أجمل قصائده و أكثرها حزناً و ألماً و هي القصيدة التي حملت اسم "بلقيس" ، خاصة أن نزار كان يشعر شخصياً بالذنب عن رحيل محبوبته كونه مسؤولاً عن انتقالها للعيش في بيروت ، المدينة التي اختارها مكاناً لاقامته و مقراً لدار النشر التي تحمله اسمه و رفض مغادرتها رغم كل ما شهدته من حرب و دمار : 

أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ ذاتَ يومٍ 
 من ضفاف الأعظميَّةْ
 بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا 
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
 والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا .. 
وفي مفتاح شِقَّتِنَا .. وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا
وفي وَرَقِ الجرائدِ
والحروفِ الأبجديَّة
ها نحنُ .. يا بلقيسُ 
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ 
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ 






شاهد أيضاً :