الخميس، 20 أبريل 2017

جذور الصراع في شبه الجزيرة الكورية


اليوم تعود طبول الحرب لتقرع من جديد في شبه الجزيرة الكورية و التي تعتبر منذ عقود طويلة واحدة من بؤر التوتر الحساسة في العالم و المهددة دوماً بالانفجار في أي لحظة، فما هي جذور الصراع في شبه الجزيرة الكورية ؟ و ما سر العداء التاريخي بين جمهورية كوريا الديمقراطية و بلاد العم سام ؟ 

- احتلت الامبراطورية اليابانية شبه الجزيرة الكورية عام 1910 و قد عومل الكوريون خلال فترة الاحتلال الياباني معاملة وحشية حيث سخر منهم الملايين كعمال لصالح المجهود الحربي الياباني في حين استخدمت مئات آلاف النساء الكوريات لمعاشرة الجنود اليابانيين حيث كان يطلق عليهن اسم "نساء المتعة"، كما تم تدمير كثير من معالم الحضارة و الثقافة الكورية و تم توطين مئات آلاف اليابانيين في شبه الجزيرة.

-  بعيد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وضعت شبه الجزيرة الكورية نتيجة تسويات ما بعد الحرب تحت إدارتين، أمريكية في الجنوب و سوفييتية في الشمال، و رغم وجود مساعي لتوحيد شبه الجزيرة إلا أن سياسات الحرب الباردة و تزايد العداء ين القطبين العالميين أدى لقيام دولتين منفصلتين، حيث انسحبت القوات الأمريكية و السوفييتية من شبه الجزيرة عام 1948 و أعلن عن تشكيل جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) الموالية للغرب  و عاصمتها سيؤول في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة، في حين تم إعلان قيام جمهورية كوريا الديمقراطية (كوريا الشمالية) الموالية للمعسكر الإشتراكي و عاصمتها بيونغ يانغ في الشطر الشمالي من شبه الجزيرة.


مؤسس جمهورية كوريا الديمقراطية كيم إل سونغ مع زعيم الصين الشيوعية ماوتسي تونغ

- في يوم 25 حزيران يونيو 1950 أقدم زعيم كوريا الشمالية كيم إل سونغ على الدفع بقواته لاجتياج الجنوب بهدف إعادة توحيد شبه الجزيرة، و رغم تحفظ السوفييت إلا أن الزعيم الكوري الشمالي كان يعتمد على دعم الصين الشعبية بزعامة ماوتسي تونغ له، تقدمت القوات الشمالية بسرعة و وصلت إلى العاصمة سيؤول يوم 28 حزيران يوليو، و بالتزامن مع تقدم القوات الشمالية قامت حكومة كوريا الجنوبية بارتكاب مجزرة جماعية بحق الشيوعيين و كل من يشتبه بتعاطفه مع الشمال، و يقدر تعداد من قتلوا خلال عملية الإبادة هذه بنحو 100 ألف شخص. 


تصفية الشيوعيين و المتعاطفين مع كوريا الشمالية من قبل جيش كوريا الجنوبية 


- رغم سقوط العاصمة سيؤول إلا أن حكومة الجنوب واصلت القتال في حين تدخلت القوات الأمريكية إلى جانب الجنوب تحت راية الأمم المتحدة، حيث تم تشكيل قوات دولية عمادها الأساسي من الأمريكيين و دول حلف شمال الأطلسي، و في يوم 5 تموز يونيو 1950 وقعت معركة أوسان و التي تعتبر أول اشتباك مباشر بين الأمريكيين و الكوريين الشماليين حيث قتل و أسر فيها عشرات الجنود الأمريكيين. 

- استمرت الحرب الكورية ثلاث سنوات و قتل فيها نحو 2.5 مليون مدني من الكوريتين، في حين فقدت القوات الأمريكية نحو 37 ألف عسكري قتلوا خلال المعارك مع القوات الشمالية، و إلى جانب الأمريكيين و الكوريين اشتركت في الحرب قوات من بريطانيا و أستراليا و كندا و تركيا و أثيوبيا وعدة بلدان أخرى حاربت إلى جانب الجنوب تحت راية الأمم المتحدة، في حين شاركت إلى جانب الشمال قوات من الصين الشعبية. 


استخدام الكوريين كدروع بشرية من قبل القوات الأمريكية خلال الحرب الكورية 

آثار القصف الجوي الأمريكي على قرية في كوريا الشمالية


- انتهت الحرب الكورية بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار يوم 27 حزيران يونيو 1953، الاتفاق نص على وقف جميع الأعمال القتالية بين طرفي النزاع، كما نص على أنه ما من اتفاق سلام نهائي قد تم التوصل له، و بموجب هذا الاتفاق عادت قوات البلدين إلى مواقعها السابقة على بداية الحرب على طرفي خط العرض 38 الذي يفصل بين شطري شبه الجزيرة الكورية. 

- بعد انتهاء الحرب خرجت كوريا الجنوبية مدمرة و منهكة، لكن الولاياة المتحدة و الدولة الغربية دعمت إعادة إعمار كوريا الجنوبية التي استطاعت بعد عقود قليلة أن تصبح واحدة من القوى الاقتصادية و الصناعية الرائدة في آسيا و العالم.

- من ناحيتها تعافت كوريا الشمالية سريعاً من آثار الحرب و شهدت ازدهاراً اقتصادياً و صناعياً لافتاً في سنوات الستينات، لكن عقد السبعينات شهد تطبيع العلاقات بين الصين حليفة كوريا الشمالية الأساسية و الغرب، نتيجة لذلك ساءت العلاقات بين كوريا الشمالية و الصين و أعلن الكوريون اعتمادهم سياسة الإكتفاء الذاتي في حين زادت عزلة البلد عن محيطه.


النصب التذكاري للحرب الكورية في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ

- في التسعينات توفي مؤسس كوريا الشمالية  كيم إل سونغ و خلفه ابنه كيم جونغ إل، في الوقت عينه بدأت الأمور تحتدم بين كوريا و الغرب بسبب مشروع كوريا الشمالية النووي، في حين تعرضت البلاد لفيضانات شديدة أدت لأضرار كبيرة بالمحاصيل الزراعية ما تسبب بمجاعة كبرى في البلاد استغلها الغرب في حربه الدعائية ضد كوريا الشمالية لتصويرها كبلد بائس يجوع شعبه في حين ينفق زعماؤه موارد البلاد على صنع الصواريخ و القنابل النووية.

- في عام 2011 توفي زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ إل و خلفه إبنه و حفيد مؤسس كوريا الشمالية كيم جونغ أون الذي واصل سياسة تحدي الغرب، حيث تواصل مشروع كوريا الشمالية النووي و الصاروخي رغم اعتراضات الدول الغربية و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

- لا تمتلك كوريا الشمالية حالياً سلاحاً متطوراً حيث تعود معظم الأسلحة التي يمتلكها جيشها إلى حقبة الحرب الباردة، لكن القوة الضاربة لكوريا الشمالية و التي تخشى منها أميركا و حلفاؤها تتمثل في الصواريخ الاستراتيجية التي طورها الكوريون عبر سنوات حيث باتت تشكل تهديداً حقيقياً للقواعد الأمريكية في آسيا في حال نشوب أي حرب بين كوريا و الغرب، بالإضافة إلى احتمال امتلاك كوريا لأسلحة كيميائية و نووية متطورة. 


القوة الصاروخية لكوريا الشمالية

شاهد أيضاً : 

الأربعاء، 19 أبريل 2017

10 أفلام ننصحك بمشاهدتها إذا كنت من المهتمين بتاريخ العلوم والاختراعات !


1. حكاية لويس باستور (1936)



فيلم  من بطولة بول ميوني يروي قصة حياة مكتشف التطعيم العالم الفرنسي لويس باستور (1822-1895)  - تريلر الفيلم من هنا


2. طلقة دكتور إرليخ السحرية (1940)



فيلم  من بطولة إدوارد روبنسون يروي سيرة حياة الطبيب الألماني باول إرليخ (1854-1915) مكتشف لقاح مرض الزهري والحاصل على جائزة نوبل في الطب - تريلر الفيلم من هنا


3. أديسون الإنسان (1940)



فيلم  من بطولة سبنسر تريسي يروي قصة حياة المخترع الأمريكي الشهير توماس أديسون (1847-1931) - تريلر الفيلم من هنا


4. مدام كوري (1943)


فيلم  من بطولة غرير غارسون يروي قصة حياة العالمة البولندية  مكتشفة الراديوم و الحاصلة على جائزة نوبل في الفيزياء ماري كوري (1867-1934)  - تريلر الفيلم من هنا


5. الرجل البدين و الصبي الصغير (1989)


فيلم  من بطولة بول نيومان و دوايت شولتز يروي قصة مشروع مانهاتن السري لانتاج القنبلة النووية التي تم استخدامها ضد االيابان خلال الحرب العالمية الثانية - تريلر الفيلم من هنا


6. عقل جميل (2001)


فيلم  من بطولة راسل كرو و جينيفر كونلي يروي سيرة حياة العالم الأمريكي جون ناش (1928-2015) الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد و الذي كان مصاباً في الوقت عينه بمرض الفصام - تريلر الفيلم من هنا


7. شيء صنعه الرب (2004)


فيلم من بطولة ألان ريكمان يروي قصة العلاقة المعقدة بين الجراح الأبيض ألفريد بلالوك (1899-1964) و مساعده الأسود فيفيان توماس (1910-1985) و الذين توصلا معاً لاكتشاف العديد من التقنيات الجراحية الهامة - تريلر الفيلم من هنا


8.  التكوين (2009)


فيلم من بطولة بول بيتاني و جينيفر كونلي يروي سيرة حياة العالم البريطاني تشارلز داروين (1809-1882) صاحب نظرية النشوء و الإرتقاء المثيرة للجدل - تريلر الفيلم من هنا


9. جوبز (2013)


فيلم من بطولة آشتون كاتشر يروي سيرة حياة مؤسس شركة آبل ستيف جوبز (1955-2011) - تريلر الفيلم من هنا


10. نظرية كل شيء (2104)


فيلم  من بطولة ايدي ريدماين يروي سيرة  حياة عالم الفيزياء النظرية الشهير ستيفن هوكينج وعلاقته مع زوحته جين - تريلر الفيلم من هنا

شاهد أيضاً : 

الثلاثاء، 18 أبريل 2017

تاريخ العلمانية التركية من أتاتورك إلى رجب طيب أردوغان


شكلت الثورة الفرنسية عام 1789 بداية التحول في أنظمة الحكم في العالم من الأنظمة الدينية القائمة على التحالف بين المؤسسة الدينية و السلطة الحاكمة إلى الأنظمة العلمانية التي تقوم على مبدأي فصل الدين عن الدولة و فصل الدين عن السياسة.

و في العالمين العربي و الإسلامي ظل الاشتباك بين دعاة الدولة الدينية و الدولة العلمانية قائماً منذ مطلع القرن العشرين و حتى يومنا هذا، و يمكن تعريف معظم الأنظمة القائمة في البلاد العربية و الإسلامية حالياً بأنها مزيج ما بين نظامي الحكم الديني و العلماني كما هو الحال مثلاً في سورية و مصر و الجزائر و العراق و غيرها، ففي حين تتبنى هذه الأنظمة بعض القوانين الوضعية و السياسات الحداثية فهي في الوقت عينه تستوحي كثيراً من تشريعاتها من الشريعة الإسلامية كما هو حال التشريعات الخاصة بالزواج و الطلاق و الإرث و تغيير الدين و غيرها كما أن دساتير معظم هذه البلاد تحدد دين الدولة و دين رئيس الجمهورية ما يخالف المبادئ العلمانية التي تقوم على تحييد الدين لصالح مبدأ المواطنة. 

و على مستوى العالم العربي تبدو تونس حالة خاصة و وحيدة كنظام علماني خالص أرسى دعائمه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، في حين تبدو التجربة التركية التي أسس لها أبو تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك مطلع القرن الماضي تجربة فريدة في العالم الإسلامي و إن كانت هذه التجربة مهددة اليوم بسبب صعود حزب العدالة و التنمية ذي التوجه الإسلامي و سعيه المحموم للاستحواذ على السلطة المطلقة في البلاد.

"أنتيكا" تستعرض لكم في هذا المقال المصور تاريخ العلمانية التركية و أهم ملامحها و أبرز التحديات التي تواجهها في وقتنا الراهن :   


مثلت الحرب العالمية الأولى المسمار الأخير في نعش السلطنة العثمانية المتهالكة و التي كانت تلقب برجل أوروبا المريض، حيث انتهت الحرب بهزيمة تركيا و احتلال الحلفاء الجزء الأكبر من أراضيها في حين استغلت اليونان جارة تركيا و عدوتها التاريخية الفرصة و قامت باحتلال قسم كبير من الأراضي التركية، في ظل هذه الظروف العصيبة ظهر مصطفى كمال الضابط التركي الشاب الذي لمع نجمه خلال الحرب في معركة جاليبولي الشهيرة ضد قوات الحلفاء، فقد رفض مصطفى كمال الواقع الذي فرض على تركيا و جمع حوله ما بقي من الجيش و دعمه بقوات من المتطوعين وشن حرب تحرير شعبية ضد الحلفاء و اليونانيين انتهت بتوقيع اتفاق لوزان عام 1923 الذي أفضى لتأسيس الجمهورية التركية التي اختير مصطفى كمال من قبل مجلس الشعب ليكون رئيساً لها في حين تم وضع دستورها عام 1924 و الذي نص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة.


خرج مصطفى كمال من الحرب بطلاً قومياً حيث أطلق عليه لقب "أتاتورك" أي "أبو الأتراك" و قد أتاحت له هذه الشعبية الكبيرة إجراء إصلاحات علمانية جذرية، فأعلن عام 1924 إلغاء الخلافة العثمانية كما قام بإغلاق المدارس الدينية و التكايا و المحاكم الشرعية و قام بإرساء نظام تعليم علماني موحد، و في عام 1926 تم فرض قانون مدني للأحوال الشخصية مستوحى من القانون السويسري حيث باتت المرأة بموجب هذا القانون مساوية للرجل فيما يخص الزواج و الطلاق و الإرث و بات تعدد الزوجات محظوراً بموجب القانون، و عام 1928 صدر تعديل دستوري ألغى عبارة "الإسلام هو الدين الرسمي للدولة" في حين صدر عام 1937 تعديل دستوري آخر نص صراحة على علمانية الدولة التركية.


إلى جانب الإصلاحات العلمانية اتخذ أتاتورك اجراءات هدفت إلى تغريب الدولة التركية فمنع ارتداء الطربوش و استبدل أحرف الكتابة العربية  بالأحرف اللاتينية و غير يوم العطلة الرسمي من الجمعة إلى الأحد كما كان على المستوى الشخصي يحرص دائماً على ارتداء الملابس الغربية و كان يشرب الكحول علناً في الأماكن العامة ليراه الناس و يتشجعوا على تبني نمط الحياة الغربي كما مول إنشاء مصنع حديث و ضخم للبيرة في العاصمة الجديدة للجمهورية التركية أنقرة.


على عكس ما يعتقده كثيرون لم تشمل إصلاحات أتاتورك على الإطلاق حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، و الواقع أن حظر ارتداء الحجاب في  الجامعات و الدوائر الرسمية التركية هو أمر حديث نسبياً حيث تم بموجب قوانين صدرت عام 1982 بعيد انقلاب 1980 العسكري بقيادة الجنرال كنعان ايفرين.


اليوم تشهد تركيا منذ وصول حزب العدالة و التنمية الإسلامي للسلطة عام 2002 توجهاً نحو إعادة أسلمة الدولة حيث تم صرف كثير من الموظفين المعارضين لتوجهات الحزب الدينية من مؤسسات الدولة و في عام 2008 أقر البرلمان التركي قانوناً يسمح للنساء بارتداء الحجاب في الجامعات كما تم إحياء تراث تركيا العثماني ما جعل كثيرين يتهمون أردوغان بالسعي ليكون سلطاناً عثمانياً جديدأً، و رغم أن تركيا ما تزال حتى الآن بشكل رسمي دولة علمانية إلا أن القوى العلمانية التركية تبدي تخوفها من أجندات الحزب الرجعية والرامية إلى تأسيس دولة دينية خاصة بعد أن رسخ الحزب سلطته و صفى خصومه مستغلاً محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 كما قام مؤخراً بتمرير تعديلات دستورية تمنح الرئيس رجب طيب أردوغان سلطات شبه ديكتاتورية، و يورد العلمانيون الأتراك في سياق مخاوفهم تصريحات مثيرة للجدل لبعض أقطاب حزب العدالة و التنمية كتصريح رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان في مؤتمر للعلماء والكتاب المسلمين في اسطنبول عام 2016 و الذي قال فيه " إن العلمانية لن يكون لها مكان في دستور جديد لأن تركيا دولة مسلمة ولذلك يجب أن يكون لدينا دستور ديني". 

الخميس، 13 أبريل 2017

بالصور : تاريخ و أسرار آيا صوفيا !


بدأ بناء كاتدرائية آيا صوفيا و التي يعني إسمها "الحكمة المقدسة" عام 532 في عهد الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول على أنقاض كنيستين سابقتين أصغر حجماً،  شارك في البناء أكثر من 10 آلاف عامل و تم جلب مواد البناء من مختلف أنحاء الإمبراطورية و قد اعتبرت الكاتدرائية أعجوبة معمارية في زمنها حيث شارك في بنائها علماء رياضيات و فيزياء و كانت قبتها أكبر قبة في العالم بعد قبة البانثيون في روما، و قد تم افتتاحها رسمياً يوم 27 كانون الأول ديسمبر 537 بحضور الإمبراطور جستينيان و القديس ميناس بطريرك القسطنطينية بعد أن استغرقت أعمال البناء 5 سنوات و 10 أشهر، أما الموزاييك الداخلي للكاتدرائية فقد تم تركيبه لاحقاً في عهد الإمبراطور جستين الثاني

في عام 1204 احتلت الحملة الصليبية الرابعة مدينة القسطنطينية  حيث عاث الصليبيون فيها فساداً و دمرواً كثيراً من معالمها الدينية و التاريخية في حين قاموا بتحويل آيا صوفيا التي تعرضت لكثير من الأضرار إلى كاتدرائية كاثوليكية، و قد استمر هذا الوضع طيلة فترة الاحتلال اللاتيني الذي انتهى بإعادة البيزنطينيين السيطرة على المدينة عام 1261 حيث أعادوا آيا صوفيا إلى وضعها السابق و قاموا بترميمها و إضافة أجزاء جديدة إليها

عام 1453 في عهد السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح احتل العثمانيون الأتراك القسطنطينية بعد حصار طويل و غيروا إسمها إلى اسطنبول في حين قاموا بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد حيث أزيل الهيكل والأجراس و الأيقونات الجدارية، لتكون آيا صوفيا  بذلك أول مسجد في العاصمة الجديدة للإمبراطورية العثمانية

في عام 1481 أضاف العثمانيون مئذنة صغيرة لبناء آيا صوفيا، في حين أقام السلطان بيازيد الثاني لاحقاً مئذنة ثانية، لكن المئذنتين سقطتا في زلزال 1509، فتم استبدالهما بمئذنتين جديدتين منتصف القرن السادس عشر، في حين أضاف السلطان سليم الأول مئذنتين أخريين أشرف على بنائهما المعماري الشهير سنان، ليصبح إجمالي عدد مآذن آيا صوفيا اربعة ما تزال قائمة حتى يومنا هذا

في عام 1935 أمر أول رئيس للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك بتحويل مبنى آيا صوفيا إلى متحف، و لذلك قام علماء الآثار بإعادة الكشف عن اللوحات الجدارية التي تعود إلى العهد البيزنطي و التي كان قد تم طمسها خلال الحقبة العثمانية 

عمود الأمنيات : لآيا صوفيا كثير من القصص و الأسرار، من بينها هذا العمود الواقع في الشمال الغربي من المبنى و الذي يدعى بأسماء مختلفة منها عمود الأمنيات، العمود المتعرق، و العمود الباكي، حيث تقول الأسطورة أن العمود دائم الرطوبة و يمتلك قوى خارقة للطبيعة، العمود المغطى جزء منه بطبقة من النحاس يحوي ثقباً يتوافد الناس لدس إصبعهم داخله حيث يعتقد البعض أن هذا الفعل قادر على جلب الحظ و شفاء الأمراض، و يعيد بعض المؤرخين أصل هذه الأسطورة إلى ظهور القديس غريغوري العجائبي عند هذا العمود عام 1200 

البئر العجيب : في وسط القاعة الكبرى في آيا صوفيا بئر ماء صغيرة كان المصلون يشربون منها حين كان البناء يستخدم كمسجد، و كان سكان اسطنبول في العهد العثماني يعتقدون بأن ماء هذا البئر قادرة على شفاء الأمراض المستعصية، حالياً البئر مغلقة و قد أجربت بعض الدراسات الحديثة على مياهها فوجد بأنها غنية بالأملاح المعدنية المفيدة للصحة دون أن يعني هذا قدرتها على شفاء الأمراض 

رموز ماسونية : في آيا صوفيا عدد من الرموز الماسونية تم الكشف عنها مؤخراً، و يعتقد علماء الآثار ان هذه الرموز حديثة نسبياً حيث قام بنحتها المعماريان الإيطاليان الأخوين فوساتي الذين كلفا بترميم المبنى في عهد السلطان عبد المجيد الأول عام 1847

مدينة الأنفاق : لقرون طويلة ظل العالم السفلي الذي يقبع أسفل آيا صوفيا لغزاً محيراً لعلماء الآثار، و في عام 2005 أجري مسح كامل باستخدام أحدث التقنيات لشبكة الأنفاق الواقعة أسفل البناء و المنطقة المحيطة به حيث تم التوصل إلى نتيجة مفادها وجود شبكة معقدة من الأنفاق يعود تاريخها إلى نحو 1700 سنة حيث تحتوي صهاريج مياه و قبوراً لرهبان مسيحيين و أنفاقاً سرية كان الأباطرة البيزنطينيون يستخدمونها للتنقل في أوقات الحرب و الحصار 

شاهد أيضاً :