عرفت مصر تجارة الرقيق منذ عهد الفراعنة، وهي تجارة ظلت موجودة ومزدهرة بشكل متواصل حتى مطلع القرن العشرين، حيث كان العبيد يجلبون من مناطق مختلفة، فالعبيد البيض كانوا يجلبون من جورجيا والقوقاز ومناطق الشركس، أما السود فكانوا يجلبون من دارفور وكردفان وجنوب السودان.
"إنهُ واحد من أهم المشاهد التى تستحق الزيارة"، هكذا قال السير بارتل فرير، عضو البرلمان البريطاني عن سوق الرقيق بالقاهرة حين زارها عام 1834، وقد تركزت تجارة الرقيق في عهد محمد علي وخلفائه من بعده في وسط القاهرة، حيث كان لها وكالات خاصة مثل وكالة المحروقي والسلحدار.
لوحة "سوق الرقيق" للرسام الفرنسي المستشرق جان ليون جيروم (1824-1904)
وقد كانت الجواري توضع في حريم المشتري مدة ثلاثة أيام هي عبارة عن فترة اختبار، تظل خلالها تحت مراقبة نساء الحريم، وفي النهاية يقدمن تقريرًا عنها، فإما أن يقبلها المشتري في حريمه أو يردها إلى التاجر إن وجد عيباً بها كأن تكون كثيرة النوم، أومصابة بمرض ما، وبالمقابل كان للتاجر الحق في عدم قبول رد الجارية إذا ما انقضت مهلة الثلاثة أيام، أو إذا كان الشاري قد عاشر الجارية خاصة إذا ما كانت عذراء.
تاجر الرقيق جالساً على دكته يدخن "الشبك" وبجواره الجواري افترشن الأرض في انتظار قدوم المشترين
وفي عام 1855 أصدر الوالي سعيد باشا قراراً يعطي الحرية لكل الجواري والعبيد الموجودين بمصر والراغبين -باختيارهم- ترك خدمة سادتهم، لكن العمل بهذا القانون لم يدخل حيز التنفيذ فظل حبراً على ورق واستمرت تجارة العبيد تجري بنفس النشاط.
لوحة أخرى تمثل سوق الرقيق بالقاهرة للرسام الفرنسي مكسيم داستوغ (1851-1909)
ورغم جهود الحكومة لمحاربة الرق إلا أن التجارة ظلت قائمة وإن تحولت من الأسواق العامة إلى داخل البيوت والأماكن البعيدة عن رقابة الحكومة، كما حدث عام 1894 عندما اشترى علي باشا شريف رئيس المجلس التشريعي وبعض الأعيان مجموعة من الجواري السود من الجلابة الذين تسللوا إلى مشارف القاهرة عند سفح الأهرامات.
"تذكرة حرية" صادرة عن "قلم عتق الرقيق" عام 1904
شاهد أيضاً:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق