الأربعاء، 7 مارس 2018

"المسألة الكبرى" : فيلم عراقي بمواصفات هوليودية كلّف صدام 30 مليون دولار ولم يجد من يشتريه !




في ثمانينات  القرن الماضي حاول النظام البعثي في العراق  إعادة  تشكيل تاريخ العراق وفقاً لفكر حزب البعث وقائده صدام حسين وسخر في سبيل ذلك مختلف وسائل الإعلام والثقافة بما فيها السينما، فأنتج فيلم "الأيام الطويلة" الذي جسد بصورة ملحمية المرحلة المبكرة من حياة صدام حسين ومشاركته في محاولة الاغتيال الفاشلة التي أقدم عليها البعثيون عام 1959 بحق الزعيم عبد الكريم قاسم ولعب دور صدام في هذا الفيلم قريبه ومرافقه الشخصي صدام كامل الذي أصبح صهره فيما بعد، ثم أحد ضحاياه لاحقاً !

كما قدم النظام البعثي إنتاجاً سينمائياً ضخماً بعنوان "القادسية" من توقيع صلاح أبو سيف ولعب أدوار البطولة فيه كبار نجوم السينما في مصر والعالم العربي أمثال عزت العلايلي وسعاد حسني، وذلك في عودة إلى التاريخ لمحاكاة  الصراع مع الفرس في عهود الإسلام الأولى، ومقاربته مع حرب صدام التي شنها ضد إيران عام 1980 وأطلقت عليها وسائل الدعاية والإعلام العراقية آنذاك إسم "قادسية صدام المجيدة".

لكن المحاولة الأضخم للسينما العراقية في هذه المرحلة تظل فيلم "المسألة الكبرى" الذي أنتج عام 1983 عن ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني، وقد لعب أدوار البطولة في الفيلم كل من غازي التكريتي في دور الشيخ ضاري المحمود أحد أبطال الثورة، ومجموعة من أبرز الممثلين البريطاني في مقدمتهم النجم الهوليودي أوليفر ريد الذي عرفه الجمهور العربي سابقاً في دور الجنرال غراتسياني في فيلم "عمر المختار" للمخرج السوري العالمي مصطفى العقاد، حيث لعب أوليفر ريد هذه المرة دور الكولونيل لجمان الضابط البريطاني المتغطرس الذي ينتهي به الأمر مقتولاً على يد الشيخ ضاري. 


غازي التكريتي في دور الشيخ ضاري 

في عام 2016 بث في بريطانيا وثائقي بعنوان "صدام حسين يذهب إلى هوليوود" قام فيه عدد من الممثلين والفنيين البريطانيين بقص حكاية تصوير هذا الفيلم، وكيف تعاملوا مع الصعوبات التي رافقت تصويره بالتزامن مع ظروف الحرب العراقية الإيرانية.

فقد اعترف الممثلون أن المال هو ما نجح في جذبهم للاشتراك في هذا الفيلم، إذ كان الممثلون أصحاب الأدوار الصغيرة يتقاضون ألف جنيه استرليني في الأسبوع وهو أجر عالٍ بمقاييس ذلك الوقت، مشيرين في الآن نفسه إلى أنهم في البداية لم يكونوا مدركين خطورة ما هم مقبلون عليه، حيث يقول الممثل مارك بينفولد أن  الأمر بدأ يتضح لهم عندما دخلت طائرتهم الأجواء العراقية ولاحظوا أن طائرةً حربية ترافق طائرتهم، حينها فقط شعر الممثلون بجدية ما هم مقدمون عليه.

ويضيف الممثلون أن ما سبب إزعاجاً حقيقياً لهم كان شخصية أوليفر ريد الماجنة وشديدة التقلب، فقد كان ريد مدمناً على الكحول وقد اصطحب معه صديقته المراهقة جوسفين بورج ابنة ال 17 عاماً والتي أصبحت زوجته فيما بعد، كما كان يحب أن يبدأ يومه بتناول كأس كبيرة من الخمر،  ويستمر في الشرب بنهم حتى المساء، وأحياناً كان يخلط زجاجة كونياك مع زجاجة شامبانيا في دلو من الثلج ويشرب منه، ثم يتبع ذلك سلوكيات غريبة كاقتحام غرف زملائه في الفندق والشجار معهم بالأيدي، كما كان يتشاجر مع عمال الفندق خاصة إذا تأخروا في تلبية طلباته.


صورة ملتقطة خلال تصوير الفيلم

وذات ليلة تخطى أوليفر ريد كل الحدود، حيث يروي زملاؤه أنه كان في مطعم الفندق، وقد أفرغ زجاجة نبيذ كاملة، ثم تبوّل فيها، واستدعى النادل وطلب منه أن يعطي زجاجة النبيذ هذه إلى الطاولة المجاورة مع فائق تحياته ! هذا التصرف وغيره جعل المسؤولين العراقيين يطالبون باستبعاد ريد واستبداله بممثل آخر لكن فريق عمل الفيلم أصر على بقاءه.

الفيلم الذي كتب قصته وأخرجه محمد شكري جميل بأوامر من صدام حسين شخصياً كلف العراق 30 مليون دولار وهو مبلغ يقارب ما تم إنفاقه على الجزء الثاني من فيلم "حرب النجوم" مثلاً، وقد عرض في عدد من المهرجانات العالمية كمهرجاني لندن وموسكو، لكنه لم يجد من يشتريه خارج العراق، فلم يحقق الفيلم أي إيرادات تذكر واكتفى التلفزيون العراقي والفضائية العراقية لاحقاً بعرضه من وقت لآخر حتى سقوط نظام صدام حسين واحتلال العراق عام 2003.





شاهد أيضاً :

السبت، 24 فبراير 2018

بالصور : هكذا كان لبنان في "أيام العز" !



غالباً ما يذكر اللبنانيون في معرض حديثهم عن الماضي "أيام العز" في إشارة إلى الزمن السابق على الحرب الأهلية اللبنانية وهي الحقبة التي شهدت ازدهار لبنان كمقصد سياحي ومركز مالي وتجاري وثقافي هام في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الممتدة ما بين أواخر الخمسينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي. 

عبارات من نوع "هيك كان لبنان أيام العز" أو "أيام العز راجعة" غالباً ما تستدعي إلى الذهن صوراً نمطية لذلك اللبنان القديم تلخصه في صور شابات جميلات مستلقيات بالمايوه على شاطئ البحر تحت أشعة الشمس الذهبية، أو سياح يمارسون التزلج في منتجعات لبنان الجبلية، أو صور فنادق الخمس نجوم الفارهة والمتاجر العامرة بالبضائع الأجنبية والتي كانت حكراً على أبناء الأقلية الميسورة من اللبنانيين أو على السياح العرب والأجانب الذين كانوا يتوافدون إلى "سويسرا الشرق" للتمتع بهذا المزيج الفريد ما بين التقاليد الشرقية والحداثة الغربية. 

تلك الصورة النمطية التي رسمتها الثقافة الشعبية وحتى بعض وسائل الإعلام والأفلام الوثائقية لخصت لبنان ما قبل الحرب في صور ساذجة استبعد منها غالبية اللبنانيين الذين عاشوا في أحزمة الفقر التي كانت وما زالت تحيط بالعاصمة اللبنانية بيروت، أو في المناطق اللبنانية البعيدة عن العاصمة والتي لم يطلها نفس القدر من التنمية فبقيت بعيدة عن الصورة الباهية للعاصمة والمدن الرئيسية، كل هذا ولد كثيراً من الفوارق الطبقية والتفاوتات الاجتماعية التي كان لها دور كبير في انفجار الحرب الأهلية المشؤومة التي لم تكن نبتاً شيطانياً، بل محصلة طبيعية لصراعات اجتماعية واقتصادية وثقافية كانت تعتمل وتتزاحم خلف الصور اللامعة للفتيات للجميلات والشواطئ الساحرة والكازينوهات الفاخرة والمهرجانات العامرة. 

"أنتيكا" اختارت لكم عدداً من البطاقات البريدية التي تعود إلى فترة الستينات في لبنان والتي تصور ذلك الفردوس المفقود الذي يحلو للكثيرين أن يسبغوا عليه صفات اليوتوبيا، وذلك قبل أن تنقض عليه وتمزقه نيران الحرب الملعونة. 

 راقصات وشرقيات وفتيات أجنبيات على خلفية تصور كازينو لبنان وفندقي السان جورج والفينيسيا

 صخرة الروشة وشواطئ بيروت الساحرة

 شاطئ نادى سبورتنج بيروت

 فندق السان جورج 

 فندق الفينيسيا 

 مقهى في منطقة الروشة 

 الأبنية الحديثة في منطقة الروشة 

مسرح كازينو لبنان 

 وسط بيروت التجاري 

 ساحة الشهداء 

 شارع ويجان وسط بيروت 

 مضمار سباق الخيل في بيروت

 تلفريك حريصا

 التزلج في منطقة الأرز

مدينة بعلبك الأثرية 

مهرجانات بعلبك الدولية 

شاهد أيضاً :

الجمعة، 23 فبراير 2018

يهود السينما المصرية بين الحقيقة والتجني !


كاميليا

مجدداً يتصدى الأستاذ أشرف غريب رئيس التحرير السابق لمجلة الكواكب والأمين العالم الحالي لمركز الهلال للتراث الصحفي للأفكار الشائعة حول نجوم الفن في مصر، وقد اختار هذه المرة موضوعاً مثيراً للجدل ذو أبعاد سياسية وتاريخية، حيث قرر التحقيق في الأساطير التي تحيط بالممثلين اليهود في مصر، وذلك من خلال مؤلفه الجديد الذي حمل عنوان "الممثلون اليهود في مصر"، وقد صرح أشرف غريب أن تدقيق تاريخ الممثلين اليهود في مصر كان عبارة عن مهمة شبه مستحيلة، والسبب في ذلك هو ندرة المعلومات وانتشار الكثير المغلوط منها بين الناس وحتى في الوسط الفني.

وبخلاف ما هو شائع، فإن عدد الممثلين اليهود حتى عقد الأربعينيات الذي أمكن للكتاب حصره، يوازي إن لم يتجاوز عدد الممثلين الأقباط على مدى تاريخ الفن في مصر، بل أن عددهم في بعض الفرق المسرحية، كفرقتي جورج أبيض وسلامة حجازي كان يفوق مثيله من المسلمين، وتتضمن كل فصول الكتاب إشارات إلى صعوبة تقصي الحقائق عن هؤلاء الممثلين والممثلات، ورغم ذلك فإن الكاتب أصر على السعي للكشف عن التاريخ الحقيقي لهؤلاء وذلك على حسب قوله : "باعتبارهم جزءاً من الحركة الفنية في بلادنا يجب أن يوضع في حجمه الطبيعي دون إفراط في تقدير حجم هذا الدور كما يفعل مناصرو إسرائيل أو تفريط فيه كما اعتاد الباقون".

وقد كانت نكبة فلسطين وقيام الكيان الصهيوني عام 1948 نقطة فاصلة في تاريخ الممثلين اليهود في مصر، حيث يقول الكتاب : "منذ أن غيبت السياسة والأطماع العنصرية الممثل اليهودي عن المشهد الفني في مصر، ومع مرور السنين، أصبح الغموض مسيطراً على أي حديث عن هؤلاء، وباتت المغالطات والأخطاء هي السائدة لدى معظم من تصدوا للكتابة حول تاريخ الفنانين اليهود في مصر".

راقية إبراهيم 


ويعتقد أشرف غريب أن السياسة لعبت دورا في اختفاء المعلومات عن الفنانين اليهود في مصر، حيث يقول : "ربما تم إخفاء المراجع الدقيقة عن علاقة اليهود بالفن في مصر والعالم العربي لأسباب تتعلق بالحساسية السياسية التي صاحبت الصراع العربي الإسرائيلي حتى أن نجمة كبيرة في حجم راقية إبراهيم لا أحد يعرف عنها شيئاً حقيقياً متفقاً عليه منذ غادرت مصر عام 1954".

ومن بين المغالطات الشائعة التي يفندها الكتاب يهودية النجم عمر الشريف، حيث يكشف خطأ هذا الاعتقاد ويؤكد أن عمر الشريف كان مسيحياً مارونياً، وتحول إلى الإسلام مطلع الخمسينيات عند اقترانه بفاتن حمامة، ما أغضب والده وأصابه بمرض السكري.

كما راج في مصر اعتقاد أن الممثلة والراقصة اليونانية كيتي التي اتُهمت بالتخابر لصالح إسرائيل كانت يهودية، غير أنها كانت في الواقع مسيحية كاثوليكية، وقد غادرت مصر بصورة طبيعية منتصف الستينيات عائدة إلى بلادها اليونان، وذلك بحسب ما أكده للكاتب الملحق الثقافي اليوناني السابق في القاهرة، وصديقتها الفنانة نجوى فؤاد.

وبحسب الكتاب فإن معظم  الممثلين اليهود حرصوا على تغيير اسمائهم، فراشيل إبراهام أصبحت راقية إبراهيم، وليليان فيكتور كوهين أصبحت كاميليا، وهينريت كوهين غيرت اسمها إلى بهيجة المهدي، وتوجو مزراحي إلى أحمد المشرقي، ونظيرة موسى شحادة إلى نجوى سالم، ويضيف شارحاً السبب وراء ذلك : "الأسباب لم تكن دينية أو اجتماعية أو حتى سياسية، بل لأسباب فنية تستهدف السعي للبحث عن اسم شهرة أكثر سهولة".

سعاد زكي


ويكشف الكتاب عن أنه من بين كل الممثلين اليهود الذين عرفتهم مصر، لم يهاجر منهم إلى إسرائيل سوى ثلاث ممثلات وهن : سرينا إبراهيم أخت الممثلة نجمة إبراهيم، وجراسيا قاصين شقيقة الممثلة صالحة قاصين ، وكذلك المطربة والممثلة سعاد زكي، ويضيف مؤكدا : "أن كل من نجمة وصالحة تبرأتا من اختيهما وظلتا ترفضان الحديث عنهما بعد هجرتهما، بينما عاشت سعاد زكي حياة قاسية بعد هجرتها وذلك بعد أن كانت واحدة من ألمع مطربات عصرها في مصر".

وبالنسبة إلى ليلى مراد يقول الكتاب أن فرعاً من أسرتها هاجر إلى إسرائيل منذ أكتوبر تشرين أول 1949، وقد ظل هذا الفرع حتى وفاتها لا يعترف بإسلامها، بل بذل محاولات مضنية للتواصل معها وإقناعها بالهجرة إلى إسرائيل والعودة إلى ممارسة الطقوس اليهودية ، لكنهم اعترفوا بأنهم لم يجدوا منها سوى الصد، ويضيف الكتاب أن الأكثر دهشة هو أن أولاد عمومة ليلى مراد المقيمين في إسرائيل لا يعترفون بإسلام ابنيها أشرف أباظة وزكي فطين عبد الوهاب، وينتظرون عودتهما إلى أرض الميعاد على حد تعبيرهم، وذلك رغم أن كلا من أشرف وزكي مولودان من أبوين مسلمين !

ليلى مراد

ويحقق الكتاب الروايات الشائعة حول اضطهاد الحكومة المصرية بعد ثورة تموز يوليو 1952 للممثلين اليهود، ويضرب مثالاً بما تردد عن دور حكومة الثورة في الترويج لوجود علاقة بين الملك فاروق والفنانة اليهودية كاميليا، حيث يؤكد الكتاب أن العلاقة كانت قائمة بالفعل ولم تقم حكومة الثورة بأي دور في استغلال العلاقة لتشويه سمعة الملك وإثبات أنه كان فاسداً.

وحتى سنوات قريبة ظلت الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن أن الفنانة اليهودية نجوى سالم لم تعتنق الإسلام بل ماتت يهودية وأنها كانت تميل إلى إسرائيل. غير أن الكتاب يسرد أدلة عديدة على أنها ماتت مسلمة، ولم يمنعها أصلها اليهودي من أن تؤدي دورا وطنياً نالت عنه احتراماً وتقديراً شمل تكريماً من الرئيس الراحل أنور السادات بسبب دورها الداعم للجيش المصري خلال حرب تشرين الأول أكتوبر 1973.

وفي الختام يؤكد الكاتب إنه لم يكن معنياً بأن يلبس أحداً من الممثلين اليهود في مصر ثوب البطولة أو ينزع عن غيره وطنيته، ويوضح أن هدفه هو الحقيقة فقط ولا شيء غيرها في هذا الملف الذي يحيط به الكثير من الغموض، وهو يرى أن هؤلاء الممثلين الآن فى ذمة التاريخ أمام المصريين والعرب الذين ربما يسمعون أسماء بعض هؤلاء الممثلين اليهود للمرة الأولى .

شاهد أيضاً :

الخميس، 22 فبراير 2018

"مدام صالحة" خيّاطة المشاهير ومؤسسة أول دار أزياء لبنانية !



"مدام صالحة" إسم ارتبط بالعصر الذهبي لبيروت قبيل الحرب الأهلية في خمسينات وستينات القرن الماضي، مصممة أزياء من الطراز الرفيع ارتدت تصاميمها سيدات الطبقة المخملية وأشهر الفنانات العرب كأم كلثوم وسامية جمال وصباح وفيروز وسميرة توفيق ونجاح سلام وغيرهم.

اشتهرت رئيفة صالحة المولودة في بيروت عام 1926 كواحدة من أوائل مصممي الأزياء في لبنان، حيث كانت تدير عملها من مشغل خياطة يقع وسط بيروت في شارع  بشارة الخوري قرب سينما "غومون بالاس"، من هناك انطلقت شهرة "مدام صالحة" من خلال تصاميمها  التي تميزت بطريقة تطريز راقية جعلتها مقصد سيدات المجتمع المخملي في بيروت الخمسينات من بنات العائلات البيروتية العريقة كحلبي وربّاط وسرسق، بالإضافة إلى بنات أول رئيس حكومة لبنانية بعد الإستقلال رياض الصلح، واللبنانية الأولى زلفا شمعون عقيلة الرئيس كميل شمعون التي عرف عنها جمالها الراقي وأناقتها المفرطة. 


الإمبراطورة ثريا في فستان من تصميم "مدام صالحة"

تميزت "مدام صالحة" بفساتينها المشغولة  من الحرير والساتان، كما برعت في تصميم القفاطين المغربية والعباءات العربية  المطرزة بخيوط الذهب والفضة والمزينة بأحجار الستراس والخرز، لذلك فقد وصفها فرنسوا لوساج مؤسس دار "لوساج " الباريسية الشهيرة  بجوهرة الشرق التي لا يمكن أن تفقد بريقها حتى لو رحلت عن هذه الدنيا، ذلك أن  كل ما كانت تقدمه "مدام صالحة" كان عبارة عن عمل يدوي منفذ بحرفية عالية، ما كان يستغرق وقتاً طويلاً في التنفيذ، ذلك أنها لم تكن تستعمل آلات أو ماكينات شك أو تطريز واتكلت على أناملها وأنامل العاملات معها لتقوم بالعمل كله.

ويعتبر فستان زفاف لمياء رياض الصلح على الأمير مولاي عبد الله ابن الملك المغربي محمد الخامس عام 1961  أحد أهم الفساتين التي خاطتها "مدام صالحة"، وقد أدرج يومها كثاني أجمل ثوب زفاف في العالم بحسب ما نشرته مجلة "كويك" الألمانية الواسعة الانتشار أيامها، حيث قامت المجلة المذكورة بنشر الخبر مع صورة مبهرة ظهرت فيها العروس وهي ترتدي الفستان وتجر من خلفها طرحة وصل طولها إلى نحو 22 متراً. 


الأميرة لمياء الصلح في فستان الزفاف الشهير ومن حولها مدام صالحة وكل العاملات اللاتي شاركن في تطريز الفستان 


المشغل الذي أسسته وأدارته "مدام صالحة" كان عبارة عن مؤسسة متكاملة تهتم هي نفسها بكل تفاصيلها، حتى يمكن القول بأن هذا المشغل كان عبارة عن أول دار أزياء لبنانية بحسب المفهوم الحديث حتى لو تحمل هذا الإسم، حتى أن معظم مصصمي الأزياء اللبنانيين الذي وصلت شهرتهم الآن إلى العالمية كإيلي صعب وعبد محفوظ وغيرهم يعترفون بريادة "مدام صالحة" ويدينون لها بكثير من الفضل على عالم صناعة الأزياء الراقية في لبنان. 

في عام 1968 توقف قلب "مدام صالحة" عن الخفقان ورحلت عن عالمنا عن 42 عامأً فقط، تاركة خلفها مسيرة من التألق والنجاح امتدت لنحو عقدين من الزمن وكان إسمها خلالها علامة مميزة للجودة والإتقان ومرادفاًُ للإبداع اللبناني المميز.


الأميرة لمياء الصلح في ثوب مراكشي من تصميم "مدام صالحة"

الشحرورة صباح في زي فلكوري لبناني صممته "مدام صالحة" وظهرت به صباح في مهرجان بعلبك عام 1964

شاهد أيضاً :