السبت، 28 أبريل 2018

يونس بحري : الصوت العربي لألمانيا النازية .. هنا برلين حيَّ العرب !!



رشيد عالي الكيلاني في برلين عام 1943 وإلى جواره الحاج أمين الحسيني ويبدو في أقصى يسار الصورة المذيع العراقي في إذاعة برلين العربية يونس بحري 

في سيرته الذاتية المنشورة في بيروت عام 1956 يقول أنه أسس في حياته 16 إذاعة، وأتقن 17 لغة، وحمل 15 جنسية، وتزوج من 90 امرأة زواجًا شرعيًّا، ومن أكثر من 200 زواجاً مدنياً، أنجب 365 ذكرًا، ولا يعلم عدد الإناث، ولديه أكثر من 1000 حفيد، قابل معظم رؤساء العالم، وله معهم صداقات، وقد حكم عليه بالإعدام أربع مرات !

بهذه الطريقة التي يختلط فيها الواقع بالخيال يقدم الرحالة والصحفي والمذيع والمغامر العراقي يونس بحري لنفسه، وهو الذي عرفه الجمهور العربي حين أسس في برلين عام 1939 إذاعة برلين العربية، والتي كان يطل منها يومياً مطلقاً تصريحاته النارية مفتتحاً كلامه بعبارة "هنا برلين حيَّ العرب "، مبشراً االشعوب العربية ببقرب انتصار النازيين، واندحار أعداءهم الفرنسيين والبريطانيين. 



ولد يونس بحري في الموصل عام 1900، درس بداية في مدينته الموصل، ثم التحق بدار المعلمين في بغداد عام 1921، لكنه سرعان ما ترك الدراسة من أجل وظيفة في وزارة المالية، وبعد مدة قصيرة قضاها في الوظيفة قرر أن يغادر العراق ليخوض غمار العالم سائحاً متجولاً في رحلة تشبه رحلة سندباد أو ابن بطوطة، حيث سافر إلى أوروبا وآسيا وعمل في أشغال مختلفة، وعاش لفترة في إندونيسيا التي كانت خاضعة آنذاك للاستعمار الهولندي، حيث اشترك مع الكاتب الكويتي عبدالعزيز الرشيد في تحرير مجلة حملت إسم "الكويتي والعراقي"، كما أصدر مجلة أخرى حملت إسم "الحق والإسلام"، عاد بعدها إلى العراق ليصدر كتابه الأول "العراق اليوم" عام 1924، قبل أن يغادر العراق مجدداً حيث جال هذه المرة بتونس وليبيا وحضرموت والهند وإيران وأفغانستان، فأتقن لغات عديدة، وأغلب الظن أنه لم يتعلم هذه اللغات بشكل اكاديمي، بس بشكل سماعي كان يتيح له التفاهم مع سكان البلاد التي يزورها، ومما يروى عنه أنه كان يعمل في الهند راهباً هندوسياً في النهار، وراقصاً في ملهى في الليل، في حين تحول في أندونيسيا إلى شيخ معمم يفتي في أمور الدين !

ويروي عنه الأديب والسياسي السوري الدكتور عبدالسلام العجيلي الكثير من المغامرات، حيث كان صديقاً له، فكتب يقول: "ارتبط اسمه بحكايات كثيرة قبل أن يلعلع صوته في إذاعة برلين، من تلك الحكايات حكايته في جامع باريس الذي بني في عشرينات القرن العشرين، وكان يحوي إلى جانب المسجد والسوق والحمامات العربية، مطعما مغربياً، وملهى ليلياً، كان يونس بحري يؤذن للصلوات الخمس في مئذنته بصوته العريض، ويتولى الإمامة بالمصلين عند الحاجة، وفي الليل كان يرأس تخت الموسيقى في الملهى، فيعزف على العود ويغني الأدوار التي يجيدها ولا يتأخر عن المشاركة بالرقص الشرقي مقلداً أشهر العوالم في القاهرة".


يونس بحري سندباد القرن العشرين

ولم يجن يونس بحري من مغامراته تلك كثيراً من المال، لكن شخصيته المدهشة وبراعته في العلاقات العامة مكنته من إقامة صداقات هامة مع قادة كبار في المشرق أمثال مفتي القدس الحاج أمين الحسيني ، والزعيم العراقي رشيد عالي الكيلاني، و الزعيم والأديب اللبناني شكيب أرسلان، وقد فتح له هؤلاء أبواب العلاقة مع المانيا النازية التي كانت تبحث عن أصدقاء لها في منطقة الشرق الأوسط حيث كان الألمان يأملون أن يزعزعوا مكانة بريطانيا وفرنسا في هذه المنطقة وأن يجدوا لنفسهم موطئ قدم على الأراضي العربية. 

وفي الثلاثينات حين وصل الملك غازي إلى الحكم في العراق وقد كان قومياً متحمساً تقرب يونس بحري منه، وشجعه على افتتاح إذاعة سرية كانت تبث من قصر الزهور، وكانت تحرض الشعب على الاحتلال البريطاني واذنابه، وكذلك على الصهاينة الذين كانت قضية هجرتهم إلى فلسطين قد بدأت تقض مضاجع القوميين العرب، لكن مقتل الملك غازي الغامض عام 1939 في حادث سيارة قيل أنه مدبر من قبل البريطانيين وأعوانهم نوري السعيد وعبد الإله، جعل من يونس بحري مطلوباً للبريطانيين، فما كان منه إلا أن غادر العراق إلى برلين هذه المرة التي وصلها حاملاً جواز سفر مزور، وهناك ساعده النازيون بتشجيع من الحاج أمين الحسيني على إطلاق إذاعة برلين العربية الموجهة لمنطقة الشرق الأوسط والتي كان يونس بحري أشهر مذيعيها، حيث اشتهر بعبارة "هنا برلين حيّ العرب" والتي كان يفتتح بها برامج الإذاعة كل يوم. 


يونس بحري في شبابه

في برلين أقنع يونس بحري الألمان ببث آيات من القرآن الكريم مع بدء افتتاح البث اليومي للإذاعة، وبالفعل نجحت هذه المبادرة  وجذبت المحطة التي كان يونس بحري نجمها الأول المستمعين العرب، من مصر إلى العراق والشام، حتى أن هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي اقتدت بهذه الخطوة وراحت بعد فترة تفتتح برنامجها العربي هي الأخرى ببث آيات من القرآن الكريم لكسب تعاطف الجمهور العربي.

ورغم ذكائه وشخصيته الكاريزماتية إلا أن نقيصة يونس بحري الكبرى كانت فردانيته، فسرعان ما بدأ يغرّد على هواه سياسياً، فغضب منه الحاج أمين الحسيني، وطلب من الألمان طرده من الإذاعة لأنه لم يكن يلتزم بنصوص البيانات والتعليقات التي كان يعدها المكتب العربي في القدس، فقد كان ينفعل ويضيف عبارات قاسية غير مكتوبة في النص وكان يخص الوصيّ على عرش العراق عبد الإله بالقسم الأكبر من شتائمه وكذلك نوري السعيد وأمير شرق الأردن عبدالله.

مع انتهاء الحرب ووصول قوات الحلفاء إلى برلين فر يونس بحري سراً إلى فرنسا، ثم عاد إلى العراق حيث اعتقل لفترة من الزمن ثم أطلق سراحه، ليعود من جديد إلى اسفاره ومغامراته، فعاش ما بقي من حياته متنقلاً بين بيروت والكويت وباريس، قبل أن يعود بداية السبعينات إلى إمارة أبو ظبي حيث أصدر جريدة "أبوظبي نيوز" الناطقة بالإنكليزية وعمل مسؤولا عن قطاع الشؤون الصحفية في وزارة الإعلام، و في أواخر السبعينات عاد إلى العراق حيث أمضى ما تبقى من حياته في هدوء، وتوفي في العام 1979، في منزل قريب له في منطقة الباب الشرقي ببغداد، وتولت بلدية بغداد دفنه في مقبرة الغزالي.


يونس بحري وزوجته الهولندية 

شاهد أيضاً :

الخميس، 26 أبريل 2018

بالصور : أجمل نجمات السينما الهندية في السبعينات !



 هيما ماليني

شهدت حقبة السبعينات صعوداً سريعاً للسينما الهندية التي تجاوزت شهرتها حدود شبه القارة الهندية وانطلقت لتحصد النجاح في مختلف أنحاء العالم، وبشكل خاص في الدول العربية ولاسيما منطقة الخليج التي شهدت انتعاشاً اقتصادياً ملحوظاً في السبعينات مع ارتفاع أسعار البترول، فتحول الخليج إلى سوق واعدة للأفلام الهندية خاصة مع وجود جاليات هندية وآسيوية مهاجرة كبيرة فيه. 

السبعينات كانت حقبة الأفلام الرومانسية، وكذلك أفلام الحركة والعنف، وقد كان جمال الممثلات الهنديات الساحر واحداً من عوامل الجذب التي شدت الجمهور إلى تلك الأفلام، حيث استقطبت السينما الهندية في تلك الفترة أجمل الممثلات واللاتي فاز بعضهن بمسابقات جمال معروفة من بينها مسابقة ملكة جمال الهند، قبل أن يتجهن للسينما والتمثيل، وفيما يلي نستعرض لكم بالصور قائمة بأجمل 10 نجمات هنديات في حقبة السبعينات حسب رأينا :


10.  رينا روي (1957-    )

9.  جايا برادا (1962-    )

8.  بونام ديلون (1962-    )

7.  نيتو سنغ (1958-    )

6.  برفين بابي (1949-2005)

5.  زينات أمان (1951-    )

4.  راخي (1947-    )

3. سميتا باتيل (1955-1986)

2. ريخا (1954-    )

1. هيما ماليني (1948-    )

شاهد أيضاً :

الثلاثاء، 17 أبريل 2018

فون براون : النازي الذي أعطى أميركا صواريخها البالستية !



فيرنر فون براون (1912-1977)

في الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية أشهر النازيون آخر أسلحتهم السرية التي كانوا يأملون بأن تغير مسار الحرب، فأسقطوا على لندن مئات الصواريخ البالستية من طرازي V1 و V2، والتي زرعت الرعب في قلوب البريطانيين وأسقطت بينهم آلاف الضحايا. 

بعد انتهاء الحرب حاول كل من الروس والأمريكيين العثور على العالم الألماني الذي كان يقف خلف هذا الاختراع الخطير، لا لمحاكمته كمجرم حرب كما حدث لغيره من القادة النازيين، بس لاستغلال اختراعه في الصراع القادم بين المعسكرين الشرقي والغربي والذي سوف يعرف فيما بعد باسم الحرب البادرة. 

بحث الطرفان عن مخترع الصواريخ الألمانية دون جدوى، فقد أحاط النازيون برنامج الصواريخ الخاص بهم بسرية كبيرة، حيث كان البرنامج يخضع للاشراف المباشر لرئيس جهاز الإس إس هنريك هملر، لكن الأمريكيين فوجئوا بعد انتهاء الحرب واستسلام المانيا بأشهر قليلة برجل الماني ادعى بأن شقيقه هو من اخترع الصواريخ الألمانية، وأنه يود أن يضع نفسه تحت تصرف القيادة الأمريكية شرط أن يسمح لمساعديه أن يرافقوه إلى الولايات المتحدة ليتابع عمله في برنامج الصواريخ هناك. 


فون براون محاطاً بضباط سلاح الطيران النازي

وافقت القيادة الأمريكية على هذه الشروط، وبذلك انتقل المهندس فيرنر فون براون مع فريق عمله إلى أميركا ونقلت معهم كل الرسومات والنماذج التي كان فون براون قد أخفاها مع قرب انتهاء الحرب في أحد الكهوف، بالمقابل تم غض الطرف عن كونه عضواً سابقاً في الحزب النازي، وحاصلاً على وسام صليب الاستحقاق الحربي من أدولف هتلر شخصياً، كما تم غض الطرف عن تورطه في سوء معاملة اسرى الحرب الذين كان يتم استخدامهم في تصنيع الصواريخ، وقد مات كثير منهم من الجوع والإجهاد وبسبب الظروف الغير الإنسانية التي كانوا يضطرون للعمل تحتها. 

في الولايات المتحدة حصل فون بروان على الجنسية الأمريكية وتم مسح كل تاريخه الأسود، فقد كان ذكاؤه وصفاته القيادية أموراً هامة للغاية للأمريكيين الذين كانوا يسعون للتفوق على السوفييت في مجال الصواريخ البالستية التي كانت ضرورية لهم في كل من سباق التسلح والسباق إلى الفضاء. 


فون براون مع الرئيس كيندي 

التقى فون براون بمعظم الرؤساء الأمريكيين الذي عاصرهم، وقد كان له دور بارز في إرسال أول إنسان إلى سطح القمر عام 1969، وفي عام 1975 حصل على قلادة العلوم الوطنية، بالإضافة إلى عدة جوائز وأوسمة أخرى، وإلى جانب عمله العلمي قدم فون براون في الخمسينات مع والت ديزني برنامجاً موجهاً للأطفال حول علوم الفضاء.

توفي فون براون عام 1977 في ولاية فرجينيا الأمريكية بمرض السرطان عن 65 عاماً، بعد حياة حافلة تحول فيها بكثير من الانتهازية من نازي متحمس وضع قدراته العلمية في خدمة آلة الحرب النازية، إلى أحد الشخصيات الأساسية في وكالة ناسا وفي مجال صناعة الصواريخ الأمريكية. 


فون براون بين علماء ناسا خلال إطلاق المركبة أبولو 11 التي حملت أول إنسان إلى سطح القمر عام 1969

فون براون مع والت ديزني الذي قدم معه برنامجاً تلفزيونياً موجهاً للأطفال عامي 54-55

شاهد أيضاً :

الاثنين، 16 أبريل 2018

كوهين : جاسوس الموساد الفاشل الذي حولته إسرائيل إلى أسطورة !




إيلي كوهين (1924-1965) هو بلا شك أحد أشهر جواسيس الموساد عبر تاريخه الطويل، وهو بطل قومي من أبطال دولة الاحتلال ورمز من رموز جهاز المخابرات فيها، وهو أمر يبدو بعد قليل من التأمل مثيراً للاستغراب، فكوهين بكل المعايير جاسوس فاشل حيث أن أمره قد كشف بعد أربع سنوات فقط من دخوله إلى سورية، وقد حوكم وأعدم شنقاً على مرأى ومسمع من العالم، فكيف تحول جاسوس فاشل إلى أسطورة من أساطير المخابرات؟

الواقع أن إسرائيل كانت مهمومة دائماً بترسيخ أسطورة تفوق جيشها وأجهزة استخباراتها في ذهن شعبها وكذلك لدى الشعوب العربية، لذلك فقد عمدت إلى تحويل عملية ايلي كوهين من فشل استخباراتي ذريع إلى قصة بوليسية عن البطل اليهودي الذي دخل إلى عقر دار العدو وتغلغل داخل قيادته وضحى بحياته من أجل إسرائيل، وفي سبيل هذا قدمت إسرائيل الكثير من المبالغات حول دور كوهين ودرجة تغلغله داخل القيادة المدنية والعسكرية السورية، وقد تلقفت وسائل إعلام وصحفيون عرب معادون للنظام في سورية هذه المبالغات وتطوعوا لإعادة نشرها على أوسع نطاق، ومن بين تلك الوسائل الإعلامية صحف ومجلات عراقية أولبنانية تابعة للعراق في أواخر الستينات، حيث كان النظام البعثي في العراق آنذاك في حالة عداء شديد مع نظام البعث السوري، وكانت المعارك الإعلامية بينهما دائماً ما تزخر بقصص التآمر والتهم المتبادلة بالخيانة والعمالة إما للغرب أو لإسرائيل ومخابراتها. 


كوهين أيام شبابه في الإسكندرية

ولد إلياهو شاؤول كوهين في الإسكندرية لأسرة يهودية مصرية من أصول حلبية سورية عام 1924، درس في مدرسة الليسيه، حيث تعلم الفرنسية إلى جانب العبرية والعربية، وقد أبدى اهتماما مبكرا بالديانة اليهودية فالتحق بمدرسة الميمونيين في القاهرة، ثم عاد لتلقي الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت رعاية الحاخام موشيه فينتورا، في الأربعينات انضم لإحدى المنظمات الشبابية الصهيونية التي كانت تنشط سراً في مصر وكان يقودها إبراهام دار، وفي عام 1954 ألقت السلطات المصرية القبض عليه مع مجموعة كبيرة من الشباب اليهود بتهمة التورط في فضيحة "لافون" الشهيرة، حيث قام إرهابيون يهود وقتها باستهداف عدد من المصالح الغربية في مصر وذلك بهدف تخريب علاقة النظام الجديد في مصر مع الدول الغربية.

أطلقت السلطات المصرية سراح كوهين بعد أن ثبت عدم تورطه في التفجيرات، وفي عام 1955 هاجر إلى إسرائيل حيث تنقل بين عدد من الوظائف المدنية، وفي عام 1959 تزوج من فتاة يهودية من اصل عراقي تدعى نادية.


كوهين يوم زفافه على زوجته نادية عام 1959

كوهين ونادية في رحلة إلى منطقة روش هانيكرا السياحية القريبة من حدود فلسطين المحتلة مع لبنان

جهاز المخابرات الإسرائيلية والذي كان يبحث عن جواسيس يزرعهم في البلاد العربية وجد في كوهين الشخص المناسب بسبب إتقانه للغة العربية وماضيه في العمل السري، فتم إخضاعه لتدريب مكثف مدة ستة أسابيع، أرسل بعدها إلى الأرجنتين بأوراق مزورة، وفي الأرجنتين انخرط كوهين في أوساط الجالية السورية الكبيرة هناك، باعتباره رجل أعمال سوري مسلم إسمه كامل أمين ثابت، وفي شباط فبراير 1962 انتقل كوهين بناء على تعليمات الموساد إلى دمشق، وقدم نفسه إلى المجتمع الدمشقي باعتباره مغترباً عائداً لأرض الوطن، وسريعاً بنى كوهين لنفسه شبكة علاقات واسعة معتمداً في ذلك على الحفلات والولائم التي كان يقيمها في بيته، وعلى الهدايا التي كان يغدقها على الأشخاص الذين كان يعتقد بأنهم قد يكونون مفيدين له في عمله الاستخباري، كما أقام عدداً من العلاقات النسائية مع فنانات ومضيفات طيران وسيدات مجتمع وإحدى سكرتيرات وزارة الدفاع، مستفيداً من شخصيته الدونجوانية ومن وضعه كثري عازب. 


كوهين في دمشق

بعد فترة نجح كوهين في تجنيد عدد من المتعاونين، حيث ضمت الشبكة التي كونها ضباطاً في القوات المسلحة وموظفين في الإذاعة وفي مطار دمشق الدولي وعدد من أجهزة الدولة الأخرى كانوا يمدونه بالمعلومات، وقد كان يعتمد على جهاز لاسلكي في إرسال التقارير إلى رؤساءه في إسرائيل، حيث كان الجهاز مخبئاً في شقته، كما سافر إلى إسرائيل خلال هذه الفترة بشكل سري ثلاث مرات للاجتماع بضباط الموساد وتلقي التعليمات. 

خلال آخر زيارة له إلى إسرائيل في تشرين الثاني نوفمبر 1964 عبر كوهين لرؤسائه عن خوفه من افتضاح أمره، خاصة أنه علم أن ضابط المخابرات السوري أحمد سويداني كان يجري تحريات عنه، لكن ضباط الموساد طمأنوه إلى أن كل شيء على ما يرام، وفي كانون الثاني يناير 1965 اقتحمت قوات أمن سورية شقة كامل أمين ثابت وألقت القبض عليه متلبساً أثناء قيامه بإرسال الرسائل اللاسلكية إلى أسرائيل، حيث كانت أجهزة الأمن قد التقطت إشارات الراديو الصادرة وحدد مصدرها بدقة اعتماداً على تجهيزات حديثة سوفييتية الصنع. 


المبنى الذي كان يقطنه كوهين حين تم إلقاء القبض عليه متلبساً في كانون الثاني يناير 1965 

كوهين وأعضاء شبكته التجسسية في قفص الإتهام خلال محاكمتهم أمام المحكمة العسكرية بدمشق

حوكم كوهين أمام محكمة عسكرية مع أعضاء شبكة التجسس التي كان قد كونها، ونقلت وقائع محاكمته آنذاك على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون السوري، حيث يتذكر ذلك الجيل من السوريين وقائع المحاكمة والأداء المسرحي لرئيس المحكمة العقيد صلاح الدين الضللي، وقد حكم على كوهين بالإعدام شنقاً، ونفذ الحكم يوم 18 ايار مايو 1965 في ساحة المرجة بدمشق رغم الضغوطات الكبيرة التي تعرضت لها سورية آنذاك لإيقاف تنفيذ حكم الإعدام، وقد دفن كوهين في دمشق في حين رفضت الحكومة السورية مراراً طلب أسرته بنقل رفاته إلى إسرائيل. 

في إسرائيل اعتبر كوهين شهيداً وبطلاً قومياً وصدر عدد من الكتب والوثائقيات التي تناولت سيرته مع كثير من المبالغات، حيث ادعى بعضها أن المعلومات التي زود بها كوهين إسرائيل كان لها أثر حاسم في انتصار الجيش الإسرائيلي في حرب عام 67، كما صدر عام 1987 فيلم تلفزيوني حمل عنوان "جاسوس المستحيل" تناول سيرة كوهين، وادعى أنه كان  على علاقة بالرئيس السوري آنذاك أمين الحافظ، لكن الحافظ نفى في لقاء تلفزيوني أي معرفة بينه وبين كوهين، وأكد أن المرة الوحيدة التي رآه فيها كانت في فرع فلسطين خلال التحقيق معه بعد أن تم إلقاء القبض عليه. 


رسالة كوهين إلى زوجته قبل إعدامه 

نهاية الجاسوس 

شاهد أيضاً :