الأربعاء، 27 مارس 2019

جولة مصورة في العراق في ثلاثينات القرن العشرين !


 بائع العرقسوس وبائعو الخبز - بغداد 

 "القفة" وسيلة نقل نهرية قديمة كان يستخدمها سكان بغداد للتنقل بين ضفتي نهر دجلة ويقال أن تاريخها يعود إلى زمن البابليين 

 جامع الأحمدية (الميدان) - بغداد 

جسر مود (الأحرار حالياً) على نهر دجلة - بغداد 

المارة يعبرون نهر دجلة بين جانبي الكرخ والرصافة 

 أحد الشوارع بالقرب من جسر مود 

 شرب الشاي في محطة القطار 

بائعو البطيخ في قواربهم النهرية - بغداد 

القوارب المزركشة في سدة الهندية

الموصل ومنارة الجامع النوري الشهيرة (الحدباء)

 السوق في الموصل 

الغسيل في نهر دجلة - الموصل

العتبات المقدسة في النجف الأشرف 

 مدخل حرم الإمام الحسين في كربلاء 

منظر عام لمدينة أربيل 

شاهد أيضاً :

الثلاثاء، 26 مارس 2019

مجلة العربي : أجمل 10 أغلفة من الستينات !



في شهر كانون الأول ديسمبر 1958 صدر العدد الأول من مجلة "العربي" الكويتية، التي سرعان ما خطفت الأضواء بمواضيعها الثقافية المنوعة، واستطلاعاتها المصورة الجميلة، وطباعتها الفاخرة، بالإضافة إلى النفس التحرري الذي طبع المجلة في سنواتها الأولى، فنرى مثلاً أن المجلة في تلك الفترة كانت منحازة بشكل واضح لقضية تحرر المرأة والمساواة مع الرجل، كما كانت المجلة وفية لإسمها "العربي" فكانت مواضيعها تغطي كل البلاد العربية مع التأكيد دائماً على فكرة العروبة والهوية العربية. 

في الستينات عاشت "العربي" سنواتها الذهبية، بالتزامن مع صعود المد اليساري والعروبي في العالم العربي، وقد بدا واضحاً بشكل خاص تأثير الكتّاب المصريين والفلسطينيين في النفس التحريري للمجلة التي كانت تصدر بدعم من الحكومة الكويتية.

اختيار أجمل 10 صور من أغلفة "العربي" في الستينات مهمة عسيرة، وقد اعتمدنا فيها بشكل أساسي على رأينا الشخصي، كما حاولنا مراعاة التنوع فلم نختر أكثر من غلاف لنفس البلد العربي، كذلك يبدو واضحاً في هذه الفترة انحياز المجلة في أغلفتها للصور الأنثوية، فنادراً ما تصدر الرجال غلاف المجلة، الذي غالباً ما كانت تزينه صور لنساء عربيات من البلدان التي كانت تنشر المجلة استطلاعاتها المصورة منها. 

فيما يلي اختيارنا لأغلفة الستينات، وقد أوردنا تحت كل صورة غلاف الوصف الذي نشرته المجلة في حينه بشكل حرفي دون أي تعديل على النص الأصلي. 

10. غلاف عدد آب أغسطس 1964 : فتاة العراق تطل على العالم من خلال معمل للكيمياء .. مجموعة من طالبات قسم الرياضيات بكلية البنات ببغداد يعملن في معمل الكيمياء بالكلية التي تهدف لإعداد الفتاة العراقية لتصبح مواطنة صالحة تقدر مسؤولياتها تجاه أمتها، وتساهم في بناء مجتمعها العراقي والعربي، وتعدها لتصبح مدرسة قديرة وربة بيت متعلمة، وزوجة صالحة تساعد زوجها وتخفف عنه، ولا تكون عالة عليه. 

9. غلاف عدد آب أغسطس 1967 : المدرسات الليبيات يتهيأن لتنشئة الجيل الجديد .. بدأت المرأة الليبية تشارك الرجال في تحمل مسؤولية النهوض بالمجتمع الليبي، بعد أن ظلت تعيش بعيداً عن الأضواء، تخفي وجهها بالملاء الكبيرة البيضاء، أما اليوم فقد أزاح التعليم هذه الملاءة، وأصبحت الفتيات يتلقين مختلف العلوم، وعلى صورة الغلاف مجموعة من طالبات معهد المعلمات في مدينة البيضاء بليبيا ممن سيتخرجن هذا العام. 

8. غلاف عدد تشرين الثاني نوفمبر 1964 : عربيتان من طنجة تعدان الشاي الأخضر .. خطت الفتاة في طنجة بالمغرب خطوات كبيرة نحو التقدم والتزود بمختلف ضروب المعرفة والعلم، وهذه الصورة تجمع الآنستين ربيعة وآمنة بن سعيد، أولاهن حاصلة على شهادة عالية في التجارة، والثانية حاصلة على شهادة ثانوية ابن الخطيب، وتعمل على تعليم بنات طنجة في ثانوية زينب، إن هاتين الآنستين تمثلان الجيل الجديد من فتيات طنجة المتطلعات لخدمة وطنهن على الرغم من علو كعبهن في بلادهن. 

7. غلاف عدد حزيران يونيو 1969 : المرأة الحديثة في السودان .. حتى عام 1964 لم تكن المرأة السودانية تتمتع بأبسط حقوقها، لكنها استطاعت في أقل من خمس سنوات أن تمارس حق الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية، وأن تغزو الكثير من مجالات العمل والرزق التي كانت مقصورة على الرجل وحده، وفي "الثوب" وهو اسم لباسها التقليدي الأنيق الذي لا ترضى بديلاً عنه، جلست هذه الفتاة السودانية تعمل على المبرقات، ترسل بها البرقيات باللاسلكي في مصلحة التلغرافات، إحدى الهيئات الحكومية التي نافست فيها المرأة الرجل بجدارة. 

6. غلاف عدد يوليو تموز 1964 : عربيات من عدن .. أربع فتيات عدنيات في لباسهن الشعبي الجميل، يتطلعن للمستقبل، إن المرأة العدنية تعيش فترة انتقال هامة في تاريخها، فهي تسعى وسط الأحداث ومشاكل الحياة التي يشهدها هذا الجزء الصغير من الوطن الكبير، تسعى لإثبات وجودها، ونيل ما تستطيع من حقوقها، والرجل العدني يبارك نهضتها ويوافق على إعطائها حقها، بعد تمنع استمر أجيالاً طوال. 

5. غلاف عدد أيلول سبتمبر 1967 : الزوجات المصريات عون للأزواج في بناء مدينة المستقبل .. زوجة أحد المهندسين الشبان الذي يعملون في بناء السد العالي بأسوان، إن المرأة العربية اليوم تقوم بدور كبير في تطوير مدينة المستقبل. 

4. غلاف عدد أيار مايو 1965 : عربية من قسنطينة.. اشتركت المرأة الجزائرية في تحرير بلادها مع الرجل جنباً إلى جنب، واليوم تقف معه في بناء الجزائر الحديثة ومجتمعها الجديد، وتقوم الفتاة الجزائرية بالتدرب على الكثير من الأعمال التي كان يقوم بها الفرنسيون والفرنسيات قبل الاستقلال، لتأخذ مكانها في الجهاد الأكبر. 

3. غلاف عدد أيار مايو 1966 : تبغ وفتاة من اللاذقية .. طارت بعثة "العربي" إلى اللاذقية لتنقل لك صورة للحياة في هذه المدينة، والصورة لفتاة من العاملات في مصنع التبغ باللاذقية، ويعتبر التبغ من أهم الحاصلات الزراعية في سورية حيث تصدر منه كميات ضخمة للخارج، وهو من المعالم الرئيسية للمدينة التي يسمونها مدينة التبغ والآثار والزيتون. 

2. غلاف عدد تموز يوليو 1961 : عربيتان والإبرة في رام الله .. يتابع "العربي" في هذا العدد جولته في مصايفنا العربية، فيقدم لقراءه مصيف المملكة الأردنية المفضل : رام الله ، الذي تشتهر نساؤه بزيهن الوطني الجميل المحلى بعشرات القطع الذهبية، كما يشتهرن بهوايتهن للتطريز على القماش المصنوع من الكتان.

1. غلاف عدد أيار مايو 1969 : نظرة وابتسامة ودعوة إلى كسروان .. تنقلك "العربي" في هذا العدد إلى قضاء كسروان أحد الأقضية الخمسة والعشرين التي يتألف منها لبنان، وتنحصر كسروان بين نهرين أسطوريين : نهر الكلب في الجنوب، ونهر ابراهيم في الشمال، وعند شلالات أفقا حيث ينبع نهر ابراهيم وقفت هذه الصبية الجميلة تتأمل جمال الطبيعة. 

شاهد أيضاً :

الاثنين، 25 مارس 2019

لغز الشقيقتين ليز ولين : جاسوستان يهوديتان أم ضحيتان من ضحايا المخابرات؟



في عشرينات القرن الماضي وصل إلى الإسكندرية الموسيقي اليهودي النمساوي ألبرت فيشل، وسرعان ما اندمج في مجتمع المدينة الكوزموبولوتي فتزوج من مغنية أوبرا يهودية تدعى جانين ألبرت، حيث أنجبا ابنتين هيلينا عام 1930، وبيرثا عام 1932. 

هكذا ترعرت الشقيقتان هيلينا وبيرثا في بيت موسيقي، فتعلمتا الباليه منذ الصغر، ثم اتجهتا إلى الرقص الشرقي الذي برعتا فيه بشكل أدهش مدربيهم، في الوقت نفسه بدأت الأسرة تعاني من مصاعب مادية، ما شجع الفتاتين على العمل في الملاهي الليلة، رغم قلق الأم والأب بسبب صغر سنهم، حيث بدأتا العمل وهما في سن 12 و14 عاماً. 


أطلقت الفتاتان على نفسيهما إسم "ليلى ولمياء" أو "التوأم جمّال" رغم أنهما لم تكونا توأمين، قبل أن يستقرا أخيراً على إسم "ليز ولين" الذي عرفتا به في كازينوهات وملاهي الاسكندرية والقاهرة التي سرعان ما ذاع صيتهما فيها، حتى أن الملك فاروق شخصياً كان واحداً من معجبيهم فكان يترد بانتظام على كازينو "قصر الحلمية" بالقاهرة الذي كانتا تقدمان فيه وصلاتهما الراقصة، هذ الشهرة سرعان ما قادت الشقيقتين إلى المشاركة في أول فيلم سينمائي لهما وكان "بلبل أفندي" عام 1948 حيث رقصتا في الفيلم على أنغام أغاني صباح وفريد الأطرش. 

في السنوات اللاحقة شاركت ليز ولين في عشرات الأفلام السينمائية إلى جانب شادية ومحمد فوزي واسماعيل ياسين وفريد شوقي وفاتن حمامة وغيرهم من نجوم السينما والغناء في مصر والعالم العربي آنذاك، كما جاوزت شهرة الشقيقتين مصر فكانتا تقومان برحلات منتظمة إلى الخارج وبخاصة شرق آسيا حيث شاركتا في عدد من الأفلام الهندية. 


في عام 1957 وخلال إحدى رحلاتهم إلى الخارج أبرق الأب ألبرت فيشل لابنتيه بعدم العودة إلى مصر لأن الشرطة المصرية أصدرت أمرا بتوقيفهم بتهمة التجسس، هكذا وجدت الشقيقتان نفسيهما عالقتين مع والدتهما في الهند، لكنهما استطاعتا أخيراً الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدة وفد من الكونغرس الأمريكي كان يزور مومباي آنذاك. 

في أميركا قدمت الشقيقتان عروضهما في الحي اللاتيني في نيويورك، قبل أن تتزوجا وتعتزلا الرقص في الملاهي، حيث توجهتا عوضاً عن ذلك إلى تعليم الرقص، وفي عام 1992 توفيت لين في لونغ آيلاند، في حين توفيت شقيقتها ليز عام 2016. 


مؤخراً أعيد تسليط الضوء على الشقيقتين ليز ولين من قبل عدد من المواقع العربية وكذلك الاسرائيلية، وفي وقت تصف بعض المواقع العربية الشقيقتين بالجاسوستين، دون سند واضح، خاصة أنهما وبعد مغادرتهما مصر لم تتوجها إلى فلسطين المحتلة بل فضلتا عوضاًَ عن ذلك الهجرة إلى أميركا،  فإن المواقع الإسرائيلية اهتمت بشكل خاص بالاستحواذ على تاريخ الراقصتين والتركيز على أصلهما اليهودي، كما قام المتحف الوطني الإسرائيلي بالحصول على أرشيف الراقصتين والذي يضم مئات الصور الفوتوغرافية التي التقطت لهما في مصر وأميركا وخلال جولاتهما العالمية. 

هكذا تظل حقيقة "ليز ولين" أو "هيلينا وبيرثا" لغزاً يضاف إلى الألغاز العديدة التي تحيط بتلك الشخصيات التي شاءت الظروف التاريخية والصراعات السياسية لها أن تكون ولو عن غير إرادتها، في قلب الأحداث التي عصفت بالشرق الأوسط عقب اغتصاب فلسطين وقيام إسرائيل، فهل كانت الشقيقتان جاسوستين حقاًُ ؟ أم كانتا ضحية من ضحايا المخابرات وألاعيبها ؟ 


شاهد أيضاً :

الأحد، 24 مارس 2019

حكاية فيكتور عواد المرعبة : أول قاتل متسلسل في تاريخ لبنان !



في عام 1948 اهتز حي الجميزة البيروتي على وقع جريمة قتل مروعة راحت ضحيتها مومس تدعى أنطوانيت نجار، القاتل التقى القتيلة في حانة قبل أن يصطحبها إلى منزل قريب قام باستئجاره حيث عاشرها هناك قبل أن يقوم بخنقها ثم بقطع رأسها الذي وجده المحققون مخبئاً في بيت المونة ! 

بعد هذه الحادثة شهدت الجميزة حادثة قتل ثانية، إسم الضحية جوزيف عوّاد والقتل كان بقصد السرقة هذه المرة، ولم تكد تمر بضعة أسابيع حتى استفاقت الجميزة على وقع جريمة جديدة ضحيتها الآنسة إيميلي عنطوري، هذه المرة قام القاتل بخطف ضحيته إلى منزل مهجور حيث قام بقتلها وسرقة مصاغها الذهبي !

ثلاث جرائم في ظرف بضعة أشهر، والجاني لا يزال حراً طليقاً، هكذا تسرب الرعب إلى شوارع بيروت في تلك الشهور من عام 1948، وهي المدينة التي لم تكن تشهد جرائم قتل إلا فيما ندر، لكن قوات الدرك تمكنت أخيراً من كشف الفاعل وذلك بالاعتماد على السلاح الذي استخدمه في جريمته الأخيرة، حيث أقدم على إطلاق أربع عيارات نارية من مسدس "كولت 12" على ضحيته إيميلي عنطوري. 

إسم القاتل فيكتور حنا عواد من بلدة فتري قضاء جبيل، يعمل في حانوت لبيع الفحم، متزوج من نهاد عواد التي تعمل خادمة وليس لهما أطفال، شخصية فيكتور عواد غريبة مثيرة للجدل، فقد تطوع في شبابه في "جيش الشرق" الذي أسسه الانتداب الفرنسي في سورية ولبنان، وتم صرفه منه بتهمة السرقة، حيث قضى عدة سنوات في السجن كتب خلالها مذكراته التي استند عليها محاميه موسى برنس في كتابه "ذهب ودم"، لذلك فقد أطلق عليه لقب "السفاح الأديب" ! 

ولد فكتور عواد في شباط فبراير من عام 1922، توفي والداه وهو طفل فتم إرساله إلى ميتم اللعازرية في بيروت، لكنه طرد منه بعد أن قام بسرقة صندوق النذور الخاص بالكنيسة، بعدها عاد فكتور إلى بيت عمه في فتري، ودرس في أحد معاهد بيروت حتى نال الشهادة المتوسطة، ثم تطوع في "جيش الشرق" وهناك شكل عصابة مع مجموعة من رفاقه حيث كانوا يقومون بالسطو على بعض "السهيرة" في ليل بيروت عقب خروجهم من الحانات والمواخير في وقت متأخر من الليل، ثم راحوا يسرقون الأسلحة والمؤن من ثكنات "جيش الشرق"، حتى كشف أمرهم، فحكم على فكتور عواد بالسجن 10 سنوات، لكنه خرج من السجن قبل أن يكمل المدة بعد أن شمله عفو عام. 

في كتابه "ذهب ودم" يتحدث المحامي موسى برنس عن السفاح عواد ويحاول تحليل تلك الشخصية الغريبة والمعقدة فيقول : "ان من امعن النظر في شخصية فيكتور عواد وسمع اقوال من عاشره وعايشه يرى ان هذا الرجل كان غريباً في ميوله وطباعه، وإذا كانت هناك اشياء تميزه عن سواه من الناس فهناك ولا شك أشياء أخرى قد لا يعيرها المرء أي اهتمام لولا بروز صاحبها في عالم الاجرام، لقد كان فيكتور عواد قليل العناية بهندامه لا يعبأ به ابداً، ونحن لا نعلم ما إذا كان هناك أناس يكرهون الثياب كرهه لها. ومن غريب ما روي عنه في هذا الصدد أنه عندما أراد ان يرد زيارات الاقرباء والاصدقاء الذين جاؤوه مهنئين بزفافه ارتدى ثيابا عتيقة ممزقة، ونفش شعره فبدا وكأنه ذاهب الى مستودع «الفحم والجماجم» لا الى زيارة الناس".

ويضيف برنس : "والأغرب من ذلك انه لم يكن يخاف شر الأعاصير فيقي نفسه من برد الشتاء اللاذع وعواصفه الهوجاء، وكأن ايمانه بالحظ قاده الى الكفر حتى بالواقع المحسوس، فكان ينهض صيفاً وشتاءً وفي كل صباح «بالبروتيل» غير عابئ بتقلبات الطبيعة ولا بهبوب الرياح القارسة، وكأن شخصيته الشريرة أرادت ان تتمرد حتى على الطبيعة القاسية وأن تسخر حتى من الفلك العاتي الجبار، واذا ما تطرقنا الان الى تصوير هذا الرجل الغريب وتصرفاته نجده موضوع درس ذا اهمية كبيرة خاصة للعالم النفساني الذي يريد جلاء شخصية عجيبة، فبينما نراه رقيق الشعور هادئاً إذا به ينقلب الى وحش يحكّم في فريسته يديه المجرمتين ويلقيها في كيس من اكياس فحمه جثة هامدة ممزقة الأوصال، ثم يعود مرتاح البال كأنه لم يأت على ضحيته ولم يبعثرها أشلاء ودماء في بطن الارض الواسع الراغب في كل شيء".

ويتابع قائلاً : " كان عواد شرس الطباع لا تستطيع ان تتصوره عندما يثور اذ يصر باسنانه وتجحظ عيناه فيخيل اليك انك امام ذئب لا انسان، وهو بالرغم من ارتكابه جرائمه هذه لم يكن يحب الدم، بل كان ينفر منه نفور المجتمع منه، ومن غريب ما حدث ان احدى جاراته جاءته يوماً بدجاجة ليذبحها لها فرفض قائلا «ما لي قلب!» وهو لم يكن يكره الدم فحسب، بل كان يكره كل ما يرمز اليه ايضاً، ومما روته لنا احدى قريباته انه رآها ذات يوم ترتدي فستانا احمر فهجم عليها وضربها ضرباً مبرحاً وهددها بالقتل اذا عادت فلبسته، ومنذ ذلك الحين لم تعد تجرؤ على ارتدائه ابدا فاحتفظت به في خزانتها".

"ومن كان على شاكلة فيكتور عواد مجرماً يكون في معظم الاحيان ملحداً لا يؤمن بالله ولا بالآخرة، أما هذا وان لم يكن يحب الصلاة ولا القديسين، فقد كان يكنّ لاحدهم، مار انطونيوس، حباً عظيماً يتجلى في صلواته له وتبرعاته لصندوق الكنيسة التي تحمل اسمه، فقد كان يأتيه دائما بالشمع والزيت والبخور. ولم يكتف بذلك بل اشترى له ايضا «اجة» يأتمنها في كل مساء على شيء من النقود، حتى اذا امتلأت كسرها وجاء بما فيها الى مار انطونيوس يلقيه بين يديه، ولسنا نعلم السبب الذي كان يحمله على هذا التعبد الخاص لمار انطونيوس، فلعله انتقاه شفيعاً وأراد التعبد له كفارة عن ذنوبه وآثامه". 

"وكان يتبرم بابنة العنقود فهو لا يحبها كثيراً ولا يشربها الا في مناسبة، ولكم عاد الى منزله بعد ان غسل يديه من دم ضحيته وترحم عليها على مسمع من الناس ولعن قاتلها،  لكم عاد وطلب الى زوجته ان تهيئ له «تزكة» عرق وقليلا من «التبولة» يتناولها، وهو يعبث بعوده مرقصاً كلبه على أنغامه وكأنه في حفلة عرس، وقد اضحى القتل عنده عرساً، هكذا كان يفكر دائماً ويخفي اسراره في قلبه وكأنه عمل بالمبدأ الذي جاهر به امام رئيس محكمة الجنايات ابان محاكمته يوم سأله: كيف اقدمت على ارتكاب جرائمك وحدك يا فيكتور؟ فأجاب: سيدي الرئيس، فعلت ذلك لعلمي: «ان كل سر جاوز الاثنين شاع»، ولذا ظلت اعماله مخفية الى ان كشفت دفعة واحدة وهو موقن من أن مرور الايام قد أتى على آخر اثر من آثارها".

في يوم 31 كانون الثاني يناير 1949 نفذ حكم الإعدام في فكتور عواد شنقاً في باحة القصر العدلي في بيروت على مرأى ومسمع المئات ممن جاؤوا ليشاهدوا السفاح الذي روع مدينتهم لأشهر، وقد طلب قبل شنقه أن يودع محاميه موسى برنس، فعانقه بحرارة وسط شتائم الحاضرين وبخاصة أهالي ضحاياه. 

شاهد أيضاً :