الجمعة، 28 أبريل 2017

جمل إذاعية و تلفزيونية طبعت في ذاكرة السوريين و دخلت قاموسهم اليومي


1. حكايا الليل : "ايـــــــــه دنيا !"

مسلسل "حكايا الليل" للكاتب محمد الماغوط هو أحد الأعمال الدرامية التلفزيونية التي حققها نجاحاً و شهرة كبيرين عند عرضه للمرة الأولى على شاشة التلفزيون العربي السوري عام 1972، كما أعيد عرضه مرات عديدة خلال العقود اللاحقة، و يقوم المسلسل على حلقات منفصلة تروي كل واحدة منها قصة مستقلة تدور جميعها في حي  شعبي دمشقي و يجمع فيما بينها شخصية الحارس الليلي (محمد خير حلواني) و الذي يخاطب الكاميرا في نهاية كل حلقة بعبارة التعجب من الدنيا و أحوالها التي باتت علامة مسجلة للمسلسل "ايــــــه دنيا !".


2. صح النوم : "إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا يجب أن نعرف ماذا في البرازيل" 

في عام 1972 قدم الثنائي دريد ونهاد عملهما التلفزيوني الأشهر "صح النوم" و الذي أدى فيه الفنان نهاد قلعي شخصية حسني البورظان الصحفي الذي تقع في غرامه فطوم حيص بيص صاحبة أوتيل "صح النوم" في حين يلعب دريد لحام دور غوار الطوشة موظف الأوتيل و العاشق الغيور الذي يحاول الإيقاع بين فطوم و حسني، في هذا المسلسل اشتهر حسني بجملته التي ظل يرددها طوال المسلسل كلما حاول الشروع بكتابة مقاله الذي لا ينتهي : "إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا يجب أن نعرف ماذا في البرازيل".

3. صح النوم : "أنفي لا يخطئ" 

في مسلسل "صح النوم" أيضاً قدم الفنان عبد اللطيف فتحي دور بدري أبو كلبشة، رئيس المخفر المتذاكي و المدعي و الذي يفشل دائماً في منع غوار من القيام بمقالبه، أبو كلبشة اشتهر بجملة : "أنفي لا يخطئ" التي كان  يستخدمها مدعياً امتلاكه لحس أمني يجعله قادراً على اشتمام رائحة الجرائم قبل وقوعها. 


4. عواء الذئب : "ألف حبل مشنقة ولا يقولوا أبو عمر خاين يا خديجة"

خلال حرب الاستنزاف التي تلت حرب تشرين الأول أكتوبر عام 1974 ظهر الفيلم التلفزيوني "عواء الذئب" للمخرج شكيب غنام و الذي لعب فيه الفنان صلاح قصاص دور "أبو عمر" المتهم بجريمة قتل و الفار من وجه العدالة، و خلال اختبائه في الجبل يقع بين يدي أبو عمر طيار إسرائيلي (رضوان عقيلي)، يدعي الطيار بداية أنه طيار سوري ثم يعرض على أبو عمر بعد أن يكتشف أمره مبلغاً كبيراً من المال لقاء أن يساعده في الوصول إلى الحدود، لكن أبو عمر يرفض و يقوم  بتسليمه و تسليم نفسه إلى الشرطة غير عابئ بحبل المشنقة الذي ينتظره، و حين تطلق زوجته خديجة صرخة الحزن و الألم يخاطبها بجملته الشهيرة : "ألف حبل مشنقة و لا يقولوا أبو عمر خاين يا خديجة".



5. كاسك يا وطن : "الله وكيلك يا أبي مو ناقصنا إلا شوية كرامة بس"

في عام 1979 قدم الفنان دريد لحام مسرحيته الانتقادية السياسية الشهيرة "كاسك يا وطن" للكاتب محمد الماغوط، في أحد مشاهد المسرحية يدخل غوار في حوار مع روح والده الشهيد الذي يسأل ابنه عن حاله و حال البلد فيجيبه بالجملة التي حفرت في ذاكرة كل من شاهد المسرحية : "الله وكيلك يا أبي مو ناقصنا إلا شوية كرامة بس".




6. عدنان بوظو : "جوووووول لسوريا !"

يعتبر الإعلامي الراحل عدنان بوظو واحداً من أهم المعلقين الرياضيين السوريين و العرب في القرن الماضي، الجمهور السوري يتذكر عدنان بوظو بعبارته الشهيرة "جوووووول لسوريا !" التي كان يطلقها مدوية على طريقة معلقي أميركا الجنوبية مع كل هدف يسجله منتخب سورية الوطني لكرة القدم في إحدى مبارياته الدولية.





7. طرائف من العالم : "فتأمل يا رعاك الله !"


ابتداء من ثمانينات القرن الماضي قدم الإعلامي والأستاذ الجامعي الدكتور محمد توفيق البجيرمي على شاشة التلفزيون العربي السوري برنامجه المنوع "طرائف من العالم" و الذي كان يجمع فيه أطرف الأخبار و النوادر من كل أنحاء العالم، و كان ينهي كل فقرة منه بعبارته الشهيرة "فتأمل يا رعاك الله !".


8. مرايا 88 : "متل عنا فرد شكل"


في إحدى لوحات مسلسل "مرايا 88" للفنان ياسر العظمة تدور القصة حول أحد المغتربين (سليم كلاس) و زوجته (مها المصري) اللذين يعودان من بلاد المهجر لزيارة أرض الوطن و يدور حديث بينهم و بين صديقهم (ياسر العظمة) حول الفرق بين الغرب و بلادنا و عند كل قصة يرويها الزوجان عن تجربتهم في الغرب يرد ياسر العظمة بسخرية لاذعة : "متل عنا فرد شكل".


9. شوفوا الناس : شوفوا الناس شوفوا ! 

في عام 1991 قدم الفنان ياسر العظمة مسلسل "شوفوا الناس" الذي لم يختلف كثيراً عن سلسلة "مرايا" التي دأب ياسر العظمة على تقديمها لعقود، في هذا المسلسل و الأجزاء اللاحقة من "مرايا" اشتهر ياسر العظمة بترديد عبارة التعجب من الناس و أحوالهم :"شوفوا الناس شوفوا !".


10. الشرطة في خدمة الشعب  : "ندمان يا ابني ؟؟ .. ندمان يا سيدي ندمان " 

في تسعينات القرن الماضي قدم التلفزيون السوري برنامج "الشرطة في خدمة الشعب" الذي كان المذيع علاء الدين الأيوبي يلتقي   فيه مرتكبي الجرائم و السرقات و يتحدث إليهم عن ملابسات الجرائم التي قاموا بارتكابها، الحديث كان ينتهي دائماً بإطلاق المذيع لسؤاله المعتاد : "ندمان يا ابني ؟" فيجيب المجرم بشكل آلي و بجملة باتت علامة مسجلة لهذا البرنامج و دخلت القاموس اليومي للسوريين : "ندمان يا سيدي ندمان !".



11. حكم العدالة : "نزلي ياه لعند المساعد جميل" 

لعقود طويلة قدمت إذاعة دمشق المسلسل الإذاعي "حكم العدالة" الذي شكل ظاهرة مميزة في حياة السوريين الذين تعودوا أن يتابعوه فيما يشبه الطقس الإجتماعي في الساعة الواحدة و النصف من بعد ظهر كل يوم ثلاثاء، و شخصية المساعد جميل في هذا المسلسل هي شخصية مساعد الشرطة المكلف بإيقاع التعنيف الجسدي بالمتهمين حتى يعترفوا بجرائمهم، لذلك كان المستمع يفهم ضمناً ما يعنية المحقق حين يقول عن المتهم "نزلي ياه لعند المساعد جميل".





12. يوميات مدير عام : "عوجا !"


في عام 1994 قدم الفنان أيمن زيدان المسلسل الاجتماعي الكوميدي "يوميات مدير عام" و الذي مثل نقداً لاذعاًَ للفساد الإداري في البلاد، عبارة "عوجا !" و التي وردت  في شارة المسلسل كما في المشهد الأخير من الحلقة الأخيرة على لسان المدير العام أحمد عبد الحق (أيمن زيدان)  و ذلك بعد أن اكتشف أن كل ما قام به من محاولات لإصلاح الوضع باءت بالفشل فقد دخلت قاموس السوريين الذين باتوا يرددونها تعبيراً عن اعوجاج الأوضاع و صعوبة إصلاحها.


13. باب الحارة : "شكلين ما بحكي" 

عام 2006 ظهر الجزء الأول من مسلسل "باب الحارة" الذي طبقت شهرته الآفاق داخل سوريا و خارجها، العديد من الجمل التي وردت في هذا العمل دخلت قاموس السوريين لعل أبرزها عبارة العقيد أبو شهاب (سامر المصري) : "شكلين ما بحكي".




14 . ضيعة ضايعة : "اذا حكى الواح بتقولوا حكى الواح واذا ما حكى الواح بتقولوا ما حكى الواح  وشو بدو يحكي الواح تايحكي"

في عام 2008 قدم الثنائي باسم ياخور و نضال سيجري المسلسل الكوميدي "ضيعة ضايعة" للكاتب ممدوح حمادة و المخرج الليث حجو و الذي تدور أحداثه في قرية صغيرة على الساحل السوري، العمل حقق نجاحاً منقطع النظير و احتوى العديد من الجمل التي دخلت لغة السوريين اليومية و من بينها عبارة جودة أبو خميس : "اذا حكى الواح بتقولوا حكى الواح واذا ما حكى الواح بتقولوا ما حكى الواح  وشو بدو يحكي الواح تايحكي" و التي تعبر عن استحالة إرضاء جميع الناس مهما فعل الشخص.


15. ضيعة ضايعة : "بهلإيام ما حا لحا و ما حا بيحب حا"


تكررت هذه الجملة كثيراً على لسان العديد من الشخصيات في المسلسل الكوميدي "ضيعة ضيعة" إنتاج 2008 و بخاصة على لسان شخصية جودة أبو خميس (باسم ياخور) و هي بلهجة أهل الساحل السوري و تعني أن المحبة باتت مفقودة بين الناس في أيامنا هذه.

شاهد أيضاً :

الأربعاء، 26 أبريل 2017

هل كان عبد الناصر شيوعياً ؟؟




في حياة عبد الناصر كما في مماته طاردته تهمة الشيوعية إلى القبر، فهل كان عبد الناصر بالفعل شيوعياً ؟ و ما أصل هذه التهمة التي لطالما استخدمها خصومه ضده؟ 

أولاً  و من الناحية الايديولوجية يستحيل أن يكون عبد الناصر شيوعياً، فعبد الناصر و كما هو معروف عنه كان زعيم القومية العربية، فكيف يستوي أن يكون المرء قومياً و شيوعياً في الوقت عينه مع العلم أن الشيوعية تنطوي في مبادئها الأساسية على الأممية التي هي نقيض القومية، فالشيوعيون يرون أن الأديان و القوميات و غيرها من الانتماءات تتضائل حتى تختفي أمام الصراع الأساسي بين الرأسمالية الدولية و البروليتاريا في كل أنحاء العالم، لذلك جاءت صيحة ماركس الشهيرة : "يا عمال العالم اتحدوا".

ثانياً و من الناحية التاريخية فقد كانت فترة حكم عبد الناصر من أقسى الفترات التاريخية على الشيوعيين في مصر و العالم العربي، فمن المعروف أن المعتقلين السياسيين في زمن عبد الناصر كانوا بمعظمهم من الإسلاميين و الشيوعيين، و كذلك ذاق شيوعيو سوريا الأمرين في عهد الوحدة بين سوريا و مصر فتعرضوا للاعتقال و التعذيب و كان الحادث الأشهر اعتقال و تصفية الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو الذي دخل سوريا آنذاك متخفياً فاعتقلته الأجهزة الأمنية و عذب حتى الموت ثم تم تذويب جثته بالأسيد و رميها في مجارير دمشق.

كما لا يمكن لمؤرخي تلك الفترة أن ينسوا صراع عبد الناصر الدامي مع شيوعيي العراق في عهد عبد الكريم قاسم، فقد كان قاسم وطنياً عراقياً لذلك كان من المعارضين لانضمام العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة، و لذلك تحالف قاسم مع الحزب الشيوعي الذي كان سيد الشارع في العراق آنذاك، في حين التقى البعثيون و الناصريون بزعامة عبد السلام عارف على ضرورة ضم العراق إلى الجمهورية العربية المتحدة، و دار صراع دام بين الطرفين كانت أبرز فصوله انقلاب الشواف الفاشل في الموصل و المدعوم من الجمهورية العربية المتحدة، و كذلك محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم الفاشلة التي فر منفذوها إلى مصر و كان من بينهم الشاب البعثي صدام حسين التكريتي، أما نهاية هذا الصراع فجاءت مع انقلاب 8 شباط فبراير 1963 الدموي الذي أطاح بقاسم و تمت على اثره تصفية آلاف الشيوعيين بطريقة وحشية على يد الحرس القومي و بمباركة من عبد الناصر و ماكينته الإعلامية، فكيف يتهم عبد الناصر بعد كل هذا بالشيوعية و هو كان خصم الشيوعيين الأول في العالم العربي الذي أسال دمائهم و أذاقهم الأمرين في غياهب السجون و المعتقلات. 

أما عن أصل هذه التهمة فقد بدأت كشكل من الحرب الدعائية مع صفقة الأسلحة التشيكية التي أبرمها نظام عبد الناصر لتسليح الجيش المصري، ثم تصاعدت مع بروز التحالف بين مصر الناصرية و روسيا الشيوعية، علمأً أن التحالفات الدولية لا تقوم أبداً على الايديولوجيا، و خير دليل على ذلك أن أقرب الحلفاء العرب لأميركا الليبرالية هي المملكة العربية السعودية ذات نظام الحكم الثيوقراطي و التي لم تكن يوماً ليبرالية بشكل من الأشكال. 

أما عن الخلط بين الشيوعية و بين الاشتراكية التي نادى بها عبد الناصر في الستينات، فهو ناجم عن جهل الغالبية بالفرق بين معنى الشيوعية الأممية و معنى الاشتراكية التي قد تكون وطنية أو قومية أو محلية كما هو مثلأً حال الاشتراكية الوطنية التي نادى بها هتلر عدو الشيوعية الأول.

أما مصدر هذه التهمة فقد جاء بداية من إسرائيل التي أرادت تحريض الغرب و بخاصة أميركا ضد عبد الناصر من خلال التخويف من احتمال قيام نظام شيوعي حليف للسوفييت في المنطقة، و جاء ثانياً من جماعة الإخوان المسلمين الذين وجدوا في الشيوعية و بالتالي الإلحاد وصفة سحرية قد تساعدهم في تأليب الشعب المصري و الشعوب العربية صاحبة العصبية الدينية بطبعها على رئيس كافر و حليف للكفار، و أخيراً تبنى هذا الاتهام أعداء عبد الناصر السعوديين بعد اندلاع حرب اليمن و بروز الخلاف بين مصر و النظام الوهابي الحاكم في المملكة.

و رغم مرور عقود طويلة على رحيل عبد الناصر و رغم كل المغالطات التاريخية و الفكرية التي ينطوي عليها هذا الاتهام، ما يزال خصوم عبد الناصر ينعتونه بالشيوعية التي لم ينتسب لها يوماً، بل كان واحداً من ألد خصومها. 

شاهد أيضاً :

قصة تحية كاريوكا : فنانة و إنسانة من الطراز النادر و ست بـ 100 راجل !



تحية كاريوكا أسطورة من أساطير الزمن الجميل، ليس فقط بفضل أعمالها الخالدة، بل أيضاً بفضل مواقفها الوطنية و الإنسانية التي لا تنسى، و بفضل سيرة حياتها المثيرة و التي مثلت حالة تمرد على العادات و التقاليد و السلطة الأبوية في المجتمع. 

ولدت بدوية محمد علي النيداني و هو اسم تحية كاريوكا عند الولادة في الاسماعيلية يوم 22 شباط فبراير 1919 لوالد "مراكبي" يسافر بسفينته إلى الحجاز ويعود مرة كل سنة، ويتجاوز عمره الـ 60 عاماً، وأم شابة  تصغره بأربعين عاماً، هي السابعة بين زوجاته.

أطلق على المولودة إسم بدوية تيمناًَ باسم الولي الصوفي السيد البدوي صاحب المقام المعروف في مدينة طنطا، و بعد ولادتها بفترة قصيرة توفي الوالد و انتقلت بدوية للعيش في بيت أخيها الأكبر أحمد النيداني.

في بيت أخيها تحولت بدوية إلى خادمة لأخيها و زوجته بعد أن أخرجها من مدرسة الراهبات التي كانت قد التحقت بها لفترة قصيرة، و ذات يوم ذهبت بدوية إلى زفاف كانت تحييه المطربة سعاد محاسن في الإسماعيلية و رقصت أمامها، فأعجبت بها المطربة المعروفة و وطلبت منها أن تلتحق بها في شارع عماد الدين في القاهرة كي تحترف الرقص الشرقي.

علم شقيق تحية كاريوكا بنيتها السفر إلى القاهرة فضربها بشدة و قام بتقييدها إلى وتد على سطح المنزل كان مخصصاً لربط الخراف و ظلت هناك لثلاث أيام كاملة حتى كادت تموت، إلى أن جاء عثمان ابن شقيقها الآخر مرسي فأشفق عليها و قام بفكها دون علم عمه، و على الفور فرت بدوية من المنزل و اتجهت إلى القاهرة.

في شارع عماد الدين تنقلت بدوية من مسرح لآخر حتى استقرت في مسرح بديعة مصابني و هناك كانت انطلاقتها الحقيقية، حيث تعرفت إلى الفنان سليمان نجيب رئيس دار الأوبرا المصرية آنذاك و الذي شجعها على تعلم اللغات الإنكليزية والفرنسية ومبادئ الإتيكيت و البروتوكول، كما بدأت بتوسيع ثقافتها و قراءة روائع الأدب العربي و العالمي. 

في عام 1940 غيرت بدوية محمد إسمها إلى "تحية كاريوكا" بعد أن برعت في أداء رقصة الكاريوكا البرازيلية، و في السنوات اللاحقة تحولت إلى واحدة من أهم الراقصات في مصر و العالم العربي، فشاركت في عشرات الأفلام السينمائية و الأعمال المسرحية مع كبار الفنانين في مصر. 


بالملاية اللف في مهرجان كان عام 1956

في حياتها الخاصة تزوجت تحية كاريوكا 14 مرة كان أولها من أنطوان عيسى ابن شقيقة بديعة مصابني الذي تزوجت به عام 1939 و انفصلت عنه عام 1940، و في العام نفسه تزوجت الثري المعروف محمد سلطان باشا الذي طالبها بهجر الرقص فلم تقبل و تم الانفصال بعد 6 أشهر من زواجهما، لتتالى بعدها زيجات تحية كاريوكا التي ضربت بها الرقم القياسي لعدد الزيجات بين الفنانات، و كان من أشهر أزواجها المخرج فطين عبد الوهاب و الفنان رشدي أباظة و الفنان محرم فؤاد، أما أطول زيجاتها فكانت من الكاتب و المخرج المسرحي فايز حلاوة حيث استمرت 18 عامأً و انتهت بخلافات وصلت بهما إلى ساحات المحاكم.


مع زوجها الفنان فايز حلاوة

إلى جانب تاريخها الفني الحافل فقد كان لتحية كاريوكا نشاط وطني مشهود و من المعروف عنها أنها كانت عضواً في عدة تنظيمات وطنية حيث ساهمت في دعم الفدائيين في منطقة القناة مادياً و كذلك في تهريب السلاح و الذخيرة، و هي كذلك التي خبأت الضابط الشاب أنور السادات بعيد اغتيال أمين عثمان باشا في الأربعينات، و بعد ثورة يوليو تعرضت تحية كاريوكا للسجن لنحو 100 يوم بتهمة الانتماء لتنظيم شيوعي، في حين قادت في الثمانينات إضراب نقابة الفنانين الشهير و الذي أصرت خلاله على الإضراب عن الطعام رغم وضعها الصحي الصعب.

كما تروى عن تحية العديد من الحكايات التي و إن كانت غير دقيقة أو موثقة إلا أنها تعبر عن شخصيتها القوية و سمعتها كإنسانة تتمتع بحس وطني عالٍ، حيث يروى مثلاً أنها قالت للملك فاروق ذات يوم حين كان يشاهد رقصها في فندق الأوبرج الشهير: "مكانك مش هنا يا جلالة الملك، مكانك في القصر" ما أغضب الملك منها و سبب له حرجاً وسط حاشيته، كما يروى أنها هاجمت خلال مهرجان كان السينمائي عام 1956 الممثلة الأمريكية سوزان هيوارد المعروفة بدعمها للكيان الصهيوني و كادت تضربها. 

في أواسط الخمسينات اعتزلت تحية كاريوكا الرقص بشكل نهائي  بناء على نصيحة من الأطباء و منذ ذلك الحين اقتصر نشاطها الفني على التمثيل فقط.

و قد عرف عن تحية كاريوكا صراحتها الشديدة التي كانت تسبب لها المشاكل في كثير من الأحيان، و عن هذا تقول في أحد لقاءاتها أن الكثيرين لديهم انطباع خاطئ بأن "لسانها طويل" لكنها ليست كذلك بل هي "صريحة و تقول للأعوج أنت أعوج فى وجهه".

في أواخر أيامها ارتدت تحية كاريوكا الحجاب كما باتت مقربة من الشيخ متولي الشعراوي، و ذات يوم  وجدت طفلة رضيعة أمام باب شقتها فقررت أن تتبناها وأطلقت عليها اسم "عطية الله" و تولت رعايتها من بعد وفاتها الفنانة فيفي عبده.

في يوم 30 أيلول سبتمبر 1999 رحلت أسطورة الرقص الشرقي تحية كاريوكا عن عالمنا عن 80 عامأً بعدما تعرضت لالتهاب رئوي حاد عقب عودتها من رحلة عمرة تاركة وراءها إرثاً فنياً و إنسانياً لا ينسى. 


في أواخر أيامها

شاهد أيضاً : 

الاثنين، 24 أبريل 2017

كازانوفا زير النساء الذي أصبح أسطورة



في الحياة أسماء تصبح بفضل سمعة أصحابها مرادفة لصفات و معان تدخل معها في قاموس الأدب و الفن و الثقافة الشعبية، هكذا هو حال كازانوفا أشهر زير نساء في التاريخ الذي أصبح إسمه مرادفاً للفحولة و تعدد العلاقات الغرامية و المهارة الاستثنائية في إغواء النساء. 

ولد جاكومو كازانوفا عام 1725 في فينيسيا الإيطالية لوالدين كانا يعملان كممثلين، في ذلك الوقت كانت فينيسيا مدينة المتع المحرمة في أوروبا المحافظة حيث كانت مليئة بالحانات و دور القمار و بيوت الدعارة التي يقصدها السياح من كل أرجاء القارة، في ظل هذه البيئة نشأ كازانوفا في كنف جدته بعد أن توفي والده و هو بعد صبي في الثامنة في حين كانت والدته دائمة الغياب في جولات مسرحية في أرجاء أوروبا. 

في سن الحادية عشرة عرف كازانوفا أول تجربة غرامية في حياته، حين التقى في منزل معلمه بالجميلة بتينا شقيقة المعلم الصغرى التي أغرمت به و نشأت بينهما علاقة ظلت مستمرة حتى بعد زواجها، يقول كازانوفا في مذكراته عن بتينا : "لقد كانت هي من أشعل في صدري شرارات العاطفة الأولى التي تحولت فيما بعد إلى شغف جارف".

إلى جانب وسامته و جاذبيته كان كازانوفا شعلة متقدة من الذكاء فقد برع في الفلسفة و اللغات و تخرج و هو في السابعة عشرة من عمره من مدرسة القانون و اصبح بذلك محامياً كنسياً، و في الوقت عينه بدأ يظهر إدمانه على القمار الذي سوف يظل ملازماً له طيلة حياته، في حين بدأت أولى الفضائح الجنسية تطارد كازانوفا و التي كان من أبرزها علاقته بالشقيقتين ماريا و نانيتا ابنتي الرابعة عشرة و السادسة عشرة.

فضائح كازانوفا و ادمانه على القمار الذي جعل منه دائماً شخصاً مثقلاً بالديون أديا سريعاً لطرده من وظيفته الكنسية و سجنه، و بعد خروجه من السجن انضم كازانوفا لفترة قصيرة إلى الجيش لكن الحياة العسكرية التي تنطوي على الرتابة و الانضباط لم تناسبه فتركها سريعاً.

لقطة من فيلم "كازانوفا" انتاج 1927

بعد فترة من اليأس و الإحباط تنقل خلالها بين مهن عديدة تفتحت أبواب الأمل لكازانوفا مجدداً حين تعرف صدفة إلى أحد النبلاء الذي اتخذ منه مستشاراً قانونياً له، فعاد كازانوفا في ظل راعيه الجديد إلى حياة اللهو و الاستهتار، حتى اتهم ذات يوم باغتصاب فتاة شابة فاضطر إلى الفرار من فينيسا خشية الاعتقال.

بفراره من فينيسا بدأت رحلة كازانوفا المغامر و الأفاق و العاشق الأسطوري الذي راح يجوب أرجاء أوروبا باحثاً عما يروي ظمأه للمتعة و المغامرة و النساء، رحلة كازانوفا حملته إلى باريس و برلين و فيينا و موسكو و غيرها من المدن و العواصم الأوروبية، أحداث هذه الرحلة يختلط فيها الواقع بالخيال ففيها يتنقل كازانوفا من القصور الملكية و قاعاتها الفخمة إلى الحانات الرخيصة و زنازين السجون، و من مخادع نساء الطبقة المخملية ذوات الألقاب الملكية النبيلة إلى بائعات الهوى اللاتي يعملن في أفقر شوارع و أزقة المدينة. 




 كازانوفا في لوحة للرسام أليساندرو لونغي 

ببساطة لقد كانت حياة كازانوفا سلسلة لا تنتهي من التنقل و العبث لا هدف منها سوى البحث عن أكبر قدر من اللذة و المغامرة، و في سبيل ذلك لم يكن شيء ليثني كازانوفا فقد دخل السجن عدة مرات و أصيب بأمراض منقولة جنسياً تركت على جسده و صحته آثاراً ظلت ملازمة له طيلة حياته في حين دخل في عدد لا يحصى من المبارزات و المشاجرات مع أزواج النساء المتزوجات اللاتي كان يعاشرهن، كل هذا لم يزده إلا سعياً خلف الملذات بكل أشكالها، فقد كان يقول دائماً : "إن الحصول على كل ما يمنحني المتعة الحسية هو عملي الرئيسي في الحياة أما كل شيء عدا ذلك فهو غير مهم، لقد ولدت لأجل النساء و كل ما كنت أقوم به في حياتي كان هدفه الحصول على إعجابهن".

إلى جانب مغامراته العديدة كان كازانوفا أديباً صاحب فلسفة في الحياة و الإنسان، و قد وضع عدداً غير قليل من المؤلفات يظل أشهرها كتاب مذكراته الذي ضمنه مغامراته الغرامية العديدة و قد ألفه في سنواته الأخيرة التي قضاها في قلعة في المانيا قبيل رحيله عام 1798 عن 73 عاماً.

لوحة تمثل فضيحة كازانوفا مع الأختين ماريا و نانيتا

شاهد أيضاً :