الأربعاء، 10 مايو 2017

هكذا أصبحت روسيا أرثوذوكسية !




يعود تاريخ تأسيس الكنيسة الروسية الأرثوذوكسية إلى ألف عام و نيف، و تحديداً إلى عام 988 ميلادية، حين قرر أمير كييف فلاديمير الأول اعتناق المسيحية على المذهب الأرثوذوكسي و دعا جميع رعاياه ليحذوا حذوه، و في القرن الرابع عشر انتقل مقر الكنيسة الروسية إلى موسكو، و اليوم تعتبر روسيا أكبر بلد أرثوذوكسي في العالم. 

و الواقع أن لاعتناق روسيا الأرثوذوكسية قصة طريفة، فقد ارتبط هذا التحول المصيري في تاريخ الأمة الروسية بقرار رجل واحد، هو فلاديمير الأول الذي كان متردداً بين الإسلام و اليهودية و المسيحية الأرثوذوكسية و المسيحية الكاثوليكية، لكن قراره وقع أخيراً على الأرثوذوكسية، و إليكم التفاصيل : 

تعود بداية القصة إلى عام 978 حين أصبح فلاديمير الأول أميراً خلفاً لأبيه، و قد اتبع في البداية الديانة الوثنية التي اعتنقها أسلافه لقرون، و في عام 986 بدأت الشكوك تساور الأمير بشأن معتقداته الدينية فاستدعى مبعوثين عن أتباع مختلف الأديان، فجاء إليه أتباع الإسلام من بلاد التتار و حدثوه عن دينهم فأعجبت معتقداتهم الأمير لكنه لم يكن راضياً عن تحريم الإسلام لأكل لحم الخنزير و شرب الخمر خاصة أن الخمر كان جزءاً أساسياً من التقاليد في روسيا القديمة، ثم جاءه مبعوثون عن بابا روما، فاستمع إلى حديثهم ثم قال لهم : "إن آباءنا و أجدادنا لم يقبلوا قانونكم"، بعد ذلك جاء يهود بلاد الخزر و بعدما سمع الأمير حديثهم قال لهم : "كيف تعظون الآخرين في الوقت الذي نبذكم فيه الرب و جرى تشتيتكم في كافة أرجاء الأرض عقاباً على ما اقترفتموه من ذنوب، لو أحبكم الرب و أحب عقيدتكم لما شردكم في أراضي الغير، هل تريدون أن يكون مصيرنا مثل مصيركم"، أما البيزنطيون فقد بعثوا إلى فلاديمير بأحد فلاسفتهم الذي حدثه عن ميلاد المسيح و حياته و موته و قيامته.


تمثال الأمير فلاديمير في موسكو

بعد ذلك قرر فلاديمير إرسال مبعوثين إلى مختلف البلدان ليشاهدوا كيف تقام الطقوس الدينية في كل واحدة منها، و حين عادوا من جولتهم أبلغوه بأن مراسم العبادة في الكنائس الأرثوذوكسية التي شاهدوها في بيزنطة قد أعجبتهم أكثر من غيرها، كما أعجبهم شكل و تصميم الكنائس، فقالوا له : "حين أتينا إلى بلاد الروم و اقتادونا إلى كنيستهم حيث تجري طقوس العبادة، لم نعرف هل نحن في السماء أم على الأرض، و لا يوجد على الأرض ما هو أكثر جمالاً منها".

و بناء على نصيحة مندوبيه قرر فلاديمير اعتناق المسيحية على المذهب الأرثوذوكسي، و تعمد سكان كييف في معمودية جماعية بنهر الدنيبر على يد كهنة جيء بهم من بيزنطة، و مذ ذاك الحين أصبحت المسيحية الأرثوذوكسية هي الدين الرسمي للأمة الروسية.


لوحة تمثل تعميد سكان كييف بعد اعتناقهم  المسيحية عام 988

شاهد أيضاً :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق