من أرشيف دونجوان السينما العربية رشدي أباظة اخترنا لكم مقاطع من لقاء صحفي أجرته معه مجلة "الشبكة" اللبنانية في بيروت مطلع السبعينات من القرن الماضي، و المميز في هذا الحوار أنه لا يتطرق إلى فن رشدي أباظة، بل يتمحور بكامله حول حياته الخاصة و علاقته بالخمر و الحب و النساء.
تقول محررة المجلة : "كان موعدي معه في فندق مارتينينز ببيروت، اتصلت به و هو صاح فواعدني لظهر الغد، و ظهر الغد رحت إليه فالتقيته و قد صحا من نومه ليعيش من جديد مع كأسه ! و لم يكن وحده، كان معه رفيق له و رفيق لي عرفت منه بعد هنيهات أن رشدي بلغ الآن الكأس الثامنة من الويسكي المثلج ! فقالوا لي أن رشدي لا يكون رشدي أباظة الحقيقي إلا إذا كان سكراناً !".
- حدثني عن النساء في حياتك ؟
- كل النساء اللاتي أحببتهن كن أكبر مني سناً، إلا واحدة و هي المرحومة كاميليا التي كانت صغيرة السن لكنها كانت كبيرة في نضوجها و تفكيرها.
- ماذا يعجبك في المرأة التي تفوقك سناً ؟
- المرأة التي تكبر الرجل في السن تقدره، و تعطيه قيمته الحقيقية، أما المرأة الصغيرة فإنها لا تفهم الرجل أبداً.
- ما هو أكبر تقدير من المرأة لقيمة الرجل ؟
- هو ذاك التقدير الذي يشعره أن قيمته الحقيقية هي في رجولته.
- و هل تحتاج الرجولة إلى أنثى تؤكدها و تزكي وجودها ؟
- كما أن المرأة تحتاج إلى رجل يفجر فيها الأنوثة، كذلك الرجل، فالأنوثة وليدة الرجولة، و بالمقابل فإن الرجولة وليدة الأنوثة، قاعدة الأضداد هذه ليست غريبة. إننا نجدها في نظرية ماركس و هيجل في الديالكتيكية الجدلية.
- و هل تهوى السياسة ؟
- هوايتي للسياسة لا تتعدى الاهتمام بالأخبار السياسية.
- هل لديك ميول سياسية ؟
- لا ميول سياسية لدي، أنا فنان أحب الديمقراطية و أقدس الحرية، لأن الفن لا يترعرع إلا في مناخ من الحرية.
- و هوايتك للكأس ؟
- أنا لا أحب طعم الخمر، أشرب لأن الخمرة تصفعني، و أنا أريد من يصفعني، لكنني لا أجده !
- صفعة الخمرة هل تصحيك أم تغيبك عن الواقع ؟
- الخمرة تكشف أخطائي و تبررها لي .. و تابع يقول بالإنكليزية : هذه هي الحقيقة.
- و هل وجدت الحقيقة عن طريق الكأس ؟
- من الصعب العثور على الحقيقة، إنها أشبه بالحلم، فما نكاد نلتقيها حتى نصحو و قد فقدناها.
- و هل تطيل الخمرة عمر الأحلام السعيدة ؟
- كل الناس يدعون أن الخمرة تطيل أحلامهم اللذيذة لأنها تنسيهم مرارة الحقيقة، من قرنوا الخمرة بالنسيان ابتدعوا أكبر كذبة، لأن الخمرة تجسد الذكرى بأقسى لحظاتها.
- أية ذكرى تتجسد لك في الخمرة ؟
- زجاجة الويسكي أتصورها ست .. عندما نمسك بها نضيع، و كذلك عندما نمسك بخصر ست نضيع.
- من هي تلك التي يضيعك خصرها ؟
- تلك التي تشعرني بأنني رجل، تلك التي أحس بأنني طفل عندما أضع رأسي على صدرها.
- هل تشرب الخمرة أثناء عملك ؟
- عندما أبدأ العمل أنقطع عن شرب الخمرة، لأنني عندما أمثل أعطي لفني قطعة من قلبي !
- هل تستطيع التخلي عن الخمرة ؟
- أستطيع إذا ما وجدت شيئاً يوجعني أكثر منها.
- ألا تخشى من أن يحطم الخمر مستقبلك ؟
- أنظري إلى يدي إنهما لا ترتعشان أبداً، أكره الخمرة لأنها أقوى مني، أكرهها لأنها لا تؤثر بي أبداً.
- و هل تسكرك المرأة كما تسكرك الكأس ؟
- إذا وجدت المرأة المرأة أسكر بدون كأس ! لكنني لم ألتق المرأة التي تستطيع أن تنتزع مني كأسي، و إذا وجدتها فأنا لها.
- الكأس لا ترعشك، فهل تشعر بالرعشة مع المرأة ؟
- عندما ألتقي بأنثى تحبني و تشعرني برجولتي يرتعش قلبي.
- أي صنف من النساء يعجبك ؟
- المرأة المعطاء التي تحول الرجل بلمسة إلى رجل رجل !
- و ما أول ما يعجبك في المرأة ؟
- عيناها.
- أي الخمور تشبه المرأة ؟
- الويسكي لأننا نضم كأسها بكامل أصابعنا، و معظم الخمور الأخرى نمسك بكأسها من أطراف أصابعنا، و غالباً من قاعدة هذه الكؤوس.
- ماذا علمتك المرأة ؟
- ما زلت حتى الآن تلميذاً في "جامعة النساء" و "مدرسة تحية كاريوكا" .. ما تعلمته حتى الآن هو أن المرأة كالزهرة خلقت لنشمها لا لندوس عليها !
- و هل تعامل المرأة على هذا الأساس ؟
- أنا مثالي جداً مع المرأة، لا أنسى الأشياء الصغيرة التي تسعدها، فأنا أفتح لها باب السيارة و أشعل لفافتها و لا أتقدم عليها أبداً !
- من هي المرأة التي تركت أبلغ الأثر في حياتك ؟
- المرأة الأولى و الأخيرة في حياتي هي أمي، لقد أحببتها بشكل غير طبيعي !
- و من تحب غيرها ؟
- حبي لزوجتي و ابنتي حب هادئ، أما حبي لأمي فهو حب عنيف !
- و ما سر حبك لأمك ؟
- انها علمتني أن أكون "فتوة" رغم أنني لم أكن أريد ذلك، كان مزاجها أن تتفرج علي و أنا أضرب الآخرين، كانت تريد أن ترى في الرجلين الذين تزوجتهما !!
- لماذا تزوجت أكثر من مرة ؟
- تزوجت مرة لأنني رأيت فيها صورة أمي، و شعرت بأنها المرأة الشجاعة التي أرغب، و في زواجي الثاني أقمت أحلى ديكور في العالم و لكنني أخطأت البطلة، و في المرة الثالثة تزوجت لأقتل رجلاً آخر، و في المرة الرابعة عثرت على المرأة الصبورة التي رضيت أن تعيش إلى جانبي احدى عشرة سنة، السيدة التي تتحمل رشدي أباظة سنة تستحق "لوج" في الجنة، و من تتحمله أكثر من ذلك تستحق "بنوار" في الجنة .. و أضاف قائلاً : سامية جمال لازم يكون عندها سينما بحالها في الجنة ! ، و أردف قائلاً : يا حرام يا سامية، أنا أحبها، حقيقة أنا أحبها، إنها "جدعة" و يكفي أنها احتملتني، من المستحيل أن تحتملني امرأة غيرها.
- من هي أخطر امرأة صادفتها في حياتك ؟
- أمي، إنها لا تزال لغزاً محيراً، أنا لا أعرفها من الداخل و لن أعرفها أبداً، و هذا هو سرها على ما أعتقد !
- و من هي المرأة التي انتزعت منك كلمة "آخ" ؟
- ابنتي اضطرتني أن أقول "آخ" رغماً عني، و سامية تركتني أقول "أي" و أنا راض.
- و عندما تهجرك امرأة تحبها ماذا تقول ؟
- لا أقول شيئاً و لكنني أتزعزع ، أحزن، أموت.
- طوال حديثك كنت تردد كلمتي "هذه حقيقة" فما هي الحقيقة التي تبحث عنها دائماً ؟
- الحقيقة التي أبحث عنها دائماً هي : لماذا خلقت ؟
- و الحقيقة التي وصلت إليها ؟
- هي أنني موجود، و أنني أسوأ ما صنع الخالق.
شاهد أيضاً :