‏إظهار الرسائل ذات التسميات مرض. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مرض. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

فنانون احترفوا الضحك وقتلهم الحزن والاكتئاب !!




صعق العالم عام 2014 بخبر انتحار الممثل الكوميدي الأمريكي الشهير روبن ويليامز بعد معاناة طويلة مع الاكتئاب، فكيف يمكن لصناع الضحكة والفرح أن يصابوا بالاكتئاب ؟ وكيف يمكن أن يغزو الحزن قلوب من جعلوا من الضحك حرفتهم التي يعرفهم بها العالم ؟ أمر يتسائل حوله كثيرون دون أن يجدوا له إجابة شافية !

هناك قصة ذات مغزى تروى عن رجل فرنسي ذهب إلى أحد الأطباء النفسيين وهو في حالة من الاكتئاب الشديد وقال له: "دكتور، إنني أعاني من حالة شديدة من التعاسة والاكتئاب، هل يمكنك أن تصف لي بعض الأدوية أو أي شيء يمكنه أن يساعدني في التغلب على هذه الحالة؟"، فأجابه الطبيب قائلًا: "أنت لا تحتاج إلى أقراص، اذهب وشاهد المهرج الشهير جروك، هو سيبهجك ويجعلك تشعر بالتحسن"، فأجاب الرجل التعس بكل حزن: "يا دكتور أنا هو المهرج جروك".


صلاح جاهين:



كان صلاح جاهين واحداً من صنّاع الفرح والبسمة بالنسبة لجيل كامل من المصريين والعرب، فمن منا يمكن أن ينسى كلمات أغاني "يا واد يا تقيل" و "خلي بالك من زوزو" و "الدنيا ربيع" و "بمبي" وغيرها من الأغاني الجميلة التي زرعت البسمة على الشفاه والأمل في القلوب، وإلى جانب كونه شاعراً رقيقاً كان جاهين رساماً كاريكاتورياً ذا ريشة تميزت بالجرأة وخفة الظل التي جذبت الجمهور إلى رسوماته التي كان ينشرها يومياً في "الأهرام". 

جاهين الذي شهد له كل من عرفه بخفة الدم وحس الفكاهة انتهى به الأمر غارقاً في حزنه وكآبته، وهو أمر احتار في تفسيره حتى الأطباء الذين حاولوا بعد عقود طويلة تفسير حالة جاهين، فمنهم من أعاد ما عاناه من اكتئاب حاد لأسباب عضوية، ومنهم من أعاده لأسباب تتعلق بمواقف جاهين السياسية والاجتماعية، وفي حين يلف كثير من الغموض ظروف وفاة صلاح جاهين سنة 1986، يعتقد كثير من محبيه والمقربين منه أنه مات منتحراً بسبب الاكتئاب الذي عانى منه. 


الياس رزق : 



يعتبر الياس رزق واحداً من جيل الرواد في تلفزيون لبنان، فقد عرفه الجمهور اللبناني من خلال عدد غير قليل من الأعمال التلفزيونية التي غلب عليها الطابع الكوميدي مثل مسلسل "أبو المراجل" عام 1969" ومسلسل "الدنيا هيك" عام 1976 الذي قدم فيه شخصية "عزيز السلمنكي". 

نتيجة لظروف الحرب الأهلية التي مر بها لبنان وتراجع عجلة الانتاج التلفزيوني، بالإضافة لظروف الاجتياح الاسرائيلي، أصيب الياس رزق باكتئاب حاد، وبينما كان متواجداً مع أسرته في بيتهم الصيفي في بلدة عشقوت عام 1982، استأذن من زوجته ودخل غرفته حيث أطلق على نفسه النار من مسدس حربي منهياً حياته وسط ذهول أفراد أسرته ومحبيه. 


فريدي برنز : 


عام 1977 فوجئ الأمريكيون بخبر انتحار الستاند اب كوميدي والنجم التلفزيوني الصاعد فريدي برنز بإطلاق النار على رأسه، فريدي برنز ظل يعاني من اكتئاب شديد لعدة أسابيع نتيجة انفصال زوجته عنه، ما جعله يقرر في النهاية إنهاء حياته بهذه الطريقة المأساوية. 

فريدي برنز كان في الـ 23 من عمره فقط حين أقدم على الانتحار، وهو والد النجم السينمائي المعروف فريدي برنز جونيور الذي كان عمره 10 أشهر فقط عند انتحار والده.


توني هانكوك :


عرف الكوميديان البريطاني توني هانكوك نجاحاً منقطع النظير في المملكة المتحدة من خلال برنامجه "نصف ساعة مع هانكوك" الذي بدأ بثه على أثير شبكة بي بي سي مطلع الخمسينات، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى شاشة التلفزيون. 

بالإضافة إلى نجاحه التلفزيوني ظهر هانكوك في عدد من الأعمال السينمائية، لكن هذا لم يمنحه السعادة التي كان يطمح إليها، وبعد مروره بعدد من الزيجات والعلاقات العاطفية الفاشلة استسلم توني هانكوك للاكتئاب، وفي عام 1968 وجد هانكوك ميتاً في شقته في سيدني بعد تناوله جرعة زائدة من الكحول والحبوب المهدئة تاركاً ورائه رسالة وداع مؤثرة عبر فيها عن ألمه ويأسه من الحياة. 


راي كومبس :


مطلع الثمانينات من القرن الماضي لمع نجم الستاند اب كوميدي الأمريكي راي كومبس، ما قاده إلى عالم تقديم برامج المسابقات على شاشة التلفزيون، وفي بداية التسعينات كان كومبس قد أصبح واحداً من أهم مقدمي البرامج في أميركا، لكن العام 1994 كان عام شؤم على كومبس، فقد تعرض لإصابة شديدة في عموده الفقري نتيجة حادث سيارة، بالإضافة لذلك فشل برنامجه التلفزيوني الجديد جماهيرياً، في حين قررت زوجته الانفصال عنه بعد زواج دام 18 عاماًَ وأثمر عن 6 أولاد، كل هذا ترك كومبس فريسة للحزن والألم، حتى قرر أخيراً الانتحار، حيث تم العثور عليه مشنوقاً في شقته في غلينديل كاليفورنيا عام 1996 وكان وقتها في الأربعين من عمره. 

شاهد أيضاً :

الاثنين، 6 نوفمبر 2017

أسرار لا تعرفها عن فيلم "باب الحديد"



شكل فيلم "باب الحديد" إنتاج 1958 علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية وسينما المخرج الكبير يوسف شاهين، حيث أن الأبعاد النفسية لشخصيات الفيلم، وبخاصة شخصية "قناوي" الفتى الأعرج الذي يدفعه الكبت الجنسي ومشاعر الغيرة لارتكاب جريمة قتل مروعة مسرحها محطة القطارات التي يعمل فيها كبائع صحف، أخرجت الفيلم من عباءة الأفلام الكلاسيكية الساذجة التي كانت تعتمد على كليشيهات سينمائية محفوظة ومكررة، وأحلت مكانها نوعاً من الواقعية سواء في شخوص العمل أو حتى في مكان التصوير نفسه، حيث خرج شاهين من استديوهات التصوير المغلقة إلى محطة مصر المكتظة بالناس والشخصيات. 

"أنتيكا" تستعرض معكم بعضاً من الحقائق المثيرة للاهتمام والتي لا يعرفها كثيرون حول هذه الأيقونة السينمائية الخالدة :

- كان "باب الحديد" مهدداً بعدم الترخيص للسيناريو من قبل وزارة الداخلية، إذ وصل إلى إدارة الرقابة خطاب يحمل صفة "سري وعاجل" صادر من إدارة الأمن العام في وزارة الداخلية، يطلب من الرقابة رفض السيناريو ومنع إجازته نهائياً، بحجة أن العمال وقتها كانوا قد دخلوا في مواجهة مفتوحة مع نظام ثورة يوليو، بعد إعدام ثلاثة من زملائهم، والفيلم يحرض العمال على إنشاء نقابات للحصول على حقوقهم في مواجهة السلطة، إلا أن الرقابة كانت قد وافقت على السيناريو بالفعل قبل وصول خطاب الأمن العام،  ما أوقع الأديب الراحل يحيى حقي مدير الرقابة وقتها في مأزق، خشية رفع شاهين دعوى قضائية ضد الرقابة ووزارة الثقافة ومطالبتها بتعويض مادي وأدبي، ولحسن الحظ مر تصوير الفيلم بسلام، لكن يوم عرضه سينمائياً على الرقابة لإجازته، نشبت معركة كلامية عنيفة بين يوسف شاهين ومندوب وزارة الداخلية، بعدما طلب منع المشهد الذي يتحدث عن ضرورة تكوين نقابة للشيالين لحمايتهم من استغلال البلطجية، إلا أن شاهين أصر على وجوده استناداً إلى أن القانون يجيز شرعية تكوين النقابات العمالية.

- كان المخرج يوسف شاهين قد اختار الفنان محمد توفيق ليقوم بدور "قناوي"، حتى أن الفنان المذكور تقاضى فعلاً خمسين جنيهاً كعربون للدور، غير أنه فوجئ لاحقاً بأن الفنانة هند رستم قد أقنعت يوسف شاهين بأنه خير من قد يقوم بهذا الدور، وبالفعل استبعد محمد توفيق عن العمل ووقف يوسف شاهين أمام الكاميرا لأول مرة كممثل. 



- أسند المخرج يوسف شاهين دور "أبو سريع" للوجه الجديد آنذاك محمود مرسي، ليكون أول أدواره الرئيسية في السينما المصرية، إلا أن ضعف الأجر المعروض للدور جعل محمود مرسي يتراجع عن الظهور في الفيلم، فأسند الدور للفنان فريد شوقي بدلاً منه. 

- عند عرضه لأول مرة عام 1958 لاقى فيلم "باب الحديد" فشلاً جماهيرياً كبيراً حيث رفض الجمهور الإقبال عليه رغم وجود أسماء لامعة في قائمة أبطال الفيلم أبرزهم فريد شوقي "ملك الترسو" آنذاك، ولم يلاق الفيلم الصدى المطلوب إلا لدى طبقة المثقفين، فتم رفعه من دور العرض بعد طرحه بمدة قصيرة، ما أصاب مؤلفه عبد الحي أديب ومخرجه يوسف شاهين بحالة من الإحباط الشديد، إلا أن الجمهور أعاد اكتشاف العمل بعد سنوات طويلة فأعيد الاعتبار لفيلم "باب الحديد" باعتباره واحداً من أفضل 10 أفلام في تاريخ السينما المصرية.

- وضع الموسيقى التصويرية للفيلم الملحن والمؤلف الموسيقي الكبير فؤاد الظاهري الذي مزج أصوات عدة آلات موسيقية مع أصوات القطارات للإيحاء بأجواء ملحمية درامية، وقد وضع فؤاد الظاهري إلى جانب موسيقى "باب الحديد" الموسيقى التصويرية لعدد من أهم الأعمال في تاريخ السينما المصرية مثل : "رد قلبي"، "الزوجة الثانية"، و"أميرة حبي أنا".

- تسبب فيلم "باب الحديد" بوقوف يوسف شاهين أمام محكمة الجنح بتهمة التمثيل ! حيث تقدمت نقابة المهن التمثيلية بشكوى ضده للنيابة وذلك لمزاولته مهنة التمثيل دون انضمامه للنقابة أو الحصول على تصريح منها بالتمثيل، ما عرض يوسف شاهين لعقوبة الحبس ثلاثين يومًا مع غرامة خمسين جنيهًا.




شاهد أيضاً :

الأحد، 15 أكتوبر 2017

عشقوا الفن حتى آخر نفس : 10 فنانين ماتوا في موقع التصوير أوعلى خشبة المسرح



1. محمود المليجي :

رحل الفنان القدير محمود المليجي عن عالمنا يوم 6 حزيران يونيو 1983، خلال تواجده في بلاتوه استوديو مصر، وقد لفظ الفنان الراحل آخر أنفاسه وهو يمثل لزملائه آخر مشهد من تأليفه وتمثيله، وذلك في كواليس فيلمه الأخير “أيوب” الذي كان يؤدي فيه الدور الذي أداه لاحقاً بعد وفاته الفنان فؤاد المهندس.
يروي المخرج هاني لاشين في حوار تليفزيوني قصة وفاة المليجي كالتالي : "كان يستعد للمكياج، وقام بطلب فنجان قهوة ، وفجأة بدأ يتحدث إلى الفنان عمر الشريف ويقول له : يا أخي الحياة دي غريبة ، الواحد ينام ويصحى، وينام ويصحى، وينام ويشخر"،  ونام بالفعل وبدأ يشخر وسط إعجاب الحاضرين، الذي تحول لاحقاً إلى ذهول حين اكتشفوا أن المليجي قد مات وهو يمثل مشهد النوم هذا!



2. صلاح ذو الفقار :

الفنان الكبير صلاح ذو الفقار غادرنا يوم 22 كانون الأول ديسمبر 1993 خلال تصوير المشهد الأخير من فيلم "الإرهابي" إثر تعرضه في موقع التصوير لأزمة قلبية مفاجئة أودت بحياته، وقد تم لاحقاً إجراء مونتاج لهذا المشهد حيث يظهر الفنان صلاح ذو الفقار في النصف الأول منه فقط، في حين لا نشاهده في باقي المشهد.



3. نصري شمس الدين :

نصري شمس الدين صاحب الصوت الجبلي القوي وأحد أعمدة المسرح الرحباني، وافته المنية يوم 18 آذار مارس 1983 وهو يغني على خشبة نادي "الشرق" بدمشق، هوى نصري فوق الخشبة التي طالما أحبها وأحبته، أمام مئات من المعجبين وأمام عيني زوجته هيلدا، وتم نقل جثمانه من سورية إلى لبنان داخل تابوت خشبي على سطح سيارة أجرة إلى بلدته جون، في مشهد حمل الكثير من قسوة الزمن والواقع والحياة.



4. فريال كريم :

فريال كريم المونولجيست والممثلة والفنانة اللبنانية متعددة المواهب التي زرعت البسمة على شفاه أجيال من اللبنانيين وشاركت في عدد غير قليل من الأعمال التلفزيونية والمسرحية التي لا تنسى، رحلت عن عالمنا يوم 4 تموز يوليو 1988 حين سقطت على خشبة المسرح أمام أعين جمهورها وهي تؤدي إحدى وصلاتها الفكاهية.



5.  محمود مبسوط :

عرف الفنان اللبناني  محمود مبسوط بأداء شخصية "فهمان" الفكاهية مع فرقة "أبو سليم"، وفي 25 تموز يوليو 2011 سقط "فهمان" على خشبة المسرح في بلدة كفرصير الجنوبية بعد أن أصيب بأزمة قلبية حادة، ونُقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة، فأسدل بذلك الستار على حياة موهبة، عاشت نصف قرن من عمرها متنقلة بين والإذاعة والمسرح والتلفزيون والسينما.



6.  طلال مداح :

ألقاب عديدة أطلقت على الموسيقار والمطرب السعودي طلال مداح من بينها : "الحنجرة الذهبية"، "قيثارة الشرق"، "فارس الأغنية السعودية"، "فيلسوف النغم الأصيل" و"زرياب"، حياة طلال مداح الفنية الحافلة كان ختامها بمشهد تراجيدي رحل فيه الفنان الكبير على خشبة المسرح حين ألمت به أزمة قلبية حادة خلال أداءه لأغنتيه الشهيرة "مقادير" على مسرح "المفتاحة" في أبها يوم 11 آب أغسطس 2000. 



7. ابراهيم عبد الرازق :

اشتهر الفنان المصري ابراهيم عبد الرازق بأداء أدوار الشر على الشاشتين الذهبية والفضية، وقد وافته المنية بشكل درامي على خشبة المسرح بسبب أزمة قلبية مفاجئة أصابته خلال مشاركته في مسرحية "كعبلون" مع الفنّان الكبير سعيد صالح يوم 29 كانون الثاني يناير 1987.



8. يحيى سعادة :

عرف الفنان اللبناني الشاب يحيى سعادة كواحد من أنجح مخرجي الفيديو كليب وأكثرهم إثارة للجدل، حياة سعادة الفنية القصيرة انتهت يوم 17 كانون الأول ديسمبر 2010 حين فارق الحياة عن 35 عاماً فقط في مدينة إزمير التركية خلال قيامه بإخراج فيديو كليب للفنانة مايا دياب حيث تعرض لحادث صعق كهربائي في موقع التصوير. 



9. غريب محمود :

الممثل الكوميدي المصري غريب محمود توفي يوم 10 كانون الأول ديسمبر 2008 خلال قيامه ببروفات مسرحية "حمام مغربي" على مسرح فيصل ندا أمام وفاء مكي والشحات مبروك، حيث سقط مرتين خلال البروفات، في المرة الأولى وقف بمساعدة زملاءه، بينما في الثانية سقط مغشيًا عليه، وتم نقله على الفور لمستشفى قصر العيني حيث توفي هناك عن 63 عامًا.



10. فهمي عبد الحميد :

المخرج المصري فهمي عبد الحميد الذي يعتبر الأب الروحي لفوازير رمضان التلفزيونية، توفي عن 51 عاماً يوم 17 يناير 1990 في التاسعة مساء خلال تصوير حلقات "ألف ليلة وليلة" من بطولة مدحت صالح ورغدة ومنى عبد الغني، و ذلك إثر أزمة قلبية مفاجئة.

شاهد أيضاً:

الأربعاء، 9 أغسطس 2017

كيف نظر العرب لأثارمصر القديمة ؟؟ خرافات وأساطير وكنوز مدفونة!



حين دخل العرب مصر في القرن السابع الميلادي وجدوا أمامهم آثاراً عمرها آلاف من السنين، حيث يكفي لنا فقط أن نتخيل أن الهرم وقتها كان عمره نحو 3 آلاف عام!، فكيف نظر الفاتحون القادمون من شبه الجزيرة العربية لهذا الكنز التاريخي وما خلفه من حضارة وتاريخ ، علماً أن كثيراً من المعلومات التي نعرفها اليوم عن الحضارة الفرعونية لم يتم الكشف عنها إلا في القرون القليلة الماضية، وقد كانت مجهولة بالكامل لأهل ذلك الزمان.

أبو الهول طلسم للرمل والرياح :

نظر العرب إلى تمثال أبي الهول على أنه طلسم سحري، فذكر القاسم بن يوسف التجيبي السبتي في كتابه "مستفاد الرحلة والاغتراب" إن المصريين يزعمون أن أبا الهول طلسم للريح، وانه لو ذهب لأتلفت الريح مصر، في حين ذكر زكريا بن محمد بن محمود القزويني في كتابه "آثار البلاد وأخبار العباد" أنه طلسم للرمل لئلا يغلب على منطقة الجيزة.

أما عن تشويه أنف أبي الهول فيذكر المقريزي أن أحد مشايخ الصوفية و يدعى محمد صائم الدهر أعلن سنة 807 هجرية عن نيته محاربة المنكرات، فحاول تحطيم وجه أبي الهول باعتباره صنماً، إلا أن لم يتمكن إلا من تحطيم الأنف كونه اضعف جزء في الوجه، وإثر تلك الحادثة غلب الرمل على أراض كثيرة في منطقة الجيزة، ما جعل أهل تلك النواحي يعتقدون أن سبب ذلك هو التشويه الذي حل بوجه أبي الهول.

المومياوات وشفاء المرضى :

ساد بين العرب اعتقاد بأن المصريين القدماء الذين صنعوا تلك الآثار المذهلة لم يكونوا أناساً طبيعيين، ونسبوا إليهم الكثير من الخوارق، ما أدى إلى انتشار أفكار ممزوجة بخرافات روج لها بعض الرحالة والمؤرخين، فشاعت وخاصة في العصور الوسطى فكرة مفادها أن قليلاً من مسحوق مومياء مصرية قديمة كفيل بشفاء كل العلل والأمراض مهما كانت مستعصية، ومن بين من أشاروا إلى هذا الأمر أبو عبد الله بن محمد الحميري في كتابه "الروض المعطار في خير الأقطار" في سياق حديثه عن مدينة قوص في صعيد مصر.


لغز بناء الهرم :

وقف العرب مذهولين أمام الكيفية التي بني بها الهرم، فنسبوا بناءه إلى مجموعة من الخرافات والأساطير، من بينها رواية ذكرها كل من المقريزي والسيوطي، تربط بين بناء الهرم وطوفان نوح الذي ذكر في التوراة والقرآن، و تقول الرواية أن من بنى الهرم هو ملك مصر سوريد بن سلهوق بن شرياق، وذلك قبل الطوفان بثلاثمئة عام، وسبب ذلك أنه رأى في نومه كأن الأرض انقلبت بأهلها، وكأن الخلق هاربون على وجوههم، وكأن الكواكب قد تساقطت من السماء، فما كان من بن سلهوق إلا أن جمع كبار الكهنة، وأخبرهم بما رأى، فدرسوا ارتفاع الكواكب وأحوالها، وأُخبروه بأمر الطوفان، فأمر الملك عند ذلك ببناء الأهرامات التي ملأها بالطلاسم والعجائب والكنوز.

كنوز الفراعنة المدفونة :

ويشير المقريزي إلى أحد العلوم التي نشأت في مصر وهو "علم الكنوز"، مشيراً إلى أن وثائق هذا العلم كُتبت فيها الأماكن التي توجد فيها النفائس والأموال المدفونة، وقد نقلها الروم لما خرجوا من مصر والشام وأودعوها في عاصمتهم القسطنطينية.

انتشار أخبار تلك الكنوز وظهور بعضها بالفعل من وقت لآخر كانا كفيلين بأن يسعى الخيال الشعبي إلى تفسيرها بشتى السبل، ومنها ما ذكره السيوطي في كتابه "كوكب الروضة" إن فرعون كان يخصص جزءاً من كل قرية يدفن فيه الكنوز تحسباً لنائبة أو حائجة تنزل بأهل القرية، فى حين رأى فيها البعض الآخر كنوز النبي يوسف وكنوز الملوك الذين جاؤوا من قبله ومن بعده.

شاهد أيضاً:

الجمعة، 4 أغسطس 2017

الرجل الذي دفن في علبة برينجلز!




يوم 4 أيار مايو 2008 توفي في مدينة سينسيناتي في ولاية أوهايو الأمريكية العالم الكيميائي الأمريكي المتخصص في طرائق حفظ وتخزين المواد الغذائية فريد بور عن 89 عامأً بعد صراع مع مرض الزهايمر.

إنجاز بور الأبرز في حياته المهنية كان ابتكاره عام 1966 لعلبة رقائق البطاطس الشهيرة برينجلز، هذا الإنجاز الذي ظل فخوراً به طوال حياته ما جعله يوصي أبناءه بأغرب وصية يمكن تخيلها، فقد نصت على أن يحرق جسده ويوضع رماده في علبة برينجلز ليتم دفنها في القبر المعد له.

ورغم غرابة الوصية فقد قام أبناء بور الثلاثة بتنفيذها احترامأً لرغبة والدهم، وبما أن العلبة لم تكن كافية لاحتواء كامل رماده فقد قاموا بوضع ما تبقى منه في جرة وقاموا بدفنهما معاً في نفس القبر، ليكون فريد بور بذلك أول وربما آخر رجل في العالم يدفن في علبة برينجلز!


فريد بور

شاهد أيضاً :

الخميس، 3 أغسطس 2017

عدنان بوظو: صوت محفور في ذاكرة السوريين



عدنان بوظو خلال تعليقه على مباراة سورية ومصر في نصف نهائي كأس العرب بالأردن عام 1988


يعد الإعلامي الراحل عدنان بوظو (1936-1995) علامة فارقة في تاريخ الإعلام الرياضي السوري والعربي، فما من سوري عاصره إلا ويستطيع التعرف إليه من صوته حتى لو لم يره، فقد بات صوت عدنان بوظو  محفوراً في ذاكرة جيل كامل من السوريين مرافقاً لأهم الأحداث والإنجازات الرياضية السورية على مدى نحو ثلاث عقود من الزمن.

ولد عدنان بوظو في العاصمة السورية دمشق عام 1936، فتتلمذ في مدارسها، وتخرج من كلية الحقوق، إلا أنه لم يعمل بالمحاماة بل توجه مع مجموعة من أقرانه للانتساب إلى نادي بردى شيخ الأندية السورية، وبدأ مسيرته معه كلاعب كرة قدم عام 1950، وتم اختياره ضمن التشكيلة الأساسية لمنتخب دمشق.

وفي سن الثلاثين اعتزل كرة القدم كلاعب لينتقل إلى التحكيم، حيث نال الشارة الدولية عام 1966، فقاد العديد من المباريات المحلية والدولية حتى اعتزاله التحكيم عام 1980.

وبالتزامن مع مسيرته الكروية عمل عدنان بوظو كصحفي رياضي، أولاً في صحيفة "البعث" التي كانت تصدر بشكل أسبوعي، ثم في صحيفة "الوحدة" التي صدرت إبان الوحدة بين سورية ومصر، و حين تأسس التلفزيون العربي السوري عام 1960 كان أول معد ومقدّم للبرامج الرياضية، وبقي رئيساً للقسم البرامج الرياضية في الإذاعة والتلفزيون السوريين حتى رحيله بعد صراع مع المرض عام 1995 عن عمر ناهز الستين عاماً.

أعد عدنان بوظو وقدم خلال مشواره الإعلامي عدداً من البرامج الرياضية الناجحة مثل "محطات رياضية"، "الرياضة حياة"، وغيرها، ولعل البصمة الأبرز لعدنان بوظو في هذا المجال كانت من خلال البرنامج الإذاعي "ملاعبنا الخضراء" الذي يغطي مباريات الدوري المحلي على الهواء مباشرة، كما تتلمذ على يده العديد من كبار الإعلاميين الرياضيين في العالم العربي اليوم أمثال أيمن جادة وياسر علي ديب ومصطفى الآغا.

وضع عدنان بوظو العديد من المؤلفات الرياضية كان أولها "تونس صيحة العرب في الأرجنتين" الذي رصد فيه تألق المنتخب العربي التونسي في مونديال الأرجنتين 1978، و آخرها كتاب "انتصار الشباب" الذي رصد فيه إنجاز منتخب شباب سورية في كأس آسيا للشباب في أندونيسيا عام 1994، في حين كان يعمل عند رحيله على كتاب يتناول مسيرة البطلة العالمية السورية غادة شعاع بعنوان "شعاع الذهب" لكن القدر كان أسرع منه فرحل عن عالمنا قبل إتمامه.


 خلال مسيرته التحكيمية

في الستينات في الملعب البلدي بدمشق

في السبعينات مع الملاكم العالمي محمد علي كلاي في دمشق

 مع عملاق حراسة المرمى السورية الكابتن فارس سلطجي 

 أول كتبه "تونس صيحة العرب في الأرجنتين"

 آخر كتبه "انتصار الشباب"


شاهد أيضاً:

الأربعاء، 21 يونيو 2017

زعماء عرب ماتوا في ظروف غامضة !



الملك غازي :


الملك غازي هو ثاني ملوك الأسرة الهاشمية في العراق بعد والده فيصل الأول، و يعتبر واحداً من الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ العراق الحديث، اعتلى عرش العراق عام 1933 و هو شاب في الواحد و العشرين من عمره، كان ذا ميول قومية عربية، كارهاً للإحتلال البريطاني، كما كان معجباً بالزعيم النازي أدولف هتلر، و قد جمع حوله عدداً من السياسيين و العسكريين المتحمسين للأفكار القومية أمثال بكر صدقي و رشيد عالي الكيلاني، ما أثار حفيظة البريطانيين و حاشية القصر الملكي و بخاصة نوري السعيد و الأمير عبد الإله.

في عام 1939 قتل الملك الغازي في حادث سيارة و هو في السابعة و العشرين من العمر، و قد اعتقد كثير من العراقيين حينها أن الحادث مؤامرة مدبرة حاكها البريطانيون و رجالهم من أعوان القصر، و رغم مرور سنوات طويلة على هذه الحادثة، ما تزال ملابسات مقتل الملك غازي مثار شك و تساؤلات حتى يومنا.



عبد السلام عارف : 


أصبح عبد السلام عارف رئيساً للعراق أواخر عام 1963 بعد أن قام بانقلاب عسكري أطاح فيه بسلطة كتائب الحرس القومي التابعة لحزب البعث و التي كانت قد نشرت الرعب و الفوضى في العراق بعد انقلاب 8 شباط فبراير 1963 الدموي ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، و كان عارف قومياً و إسلامياً، حيث عرف بتحالفه الوثيق مع الرئيس جمال عبد الناصر و تيار القومية العربية، و عرف أيضاً بتعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين حيث كان معجباً بمنظر الجماعة سيد قطب، و قد توسط لدى الرئيس عبد الناصر لإطلاق سراحه عام 1964.

يوم 13 نيسان أبريل 1966 قتل عبد السلام عارف في حادث تحطم طائرة هليكوبتر سوفييتية الصنع كان يستقلها مع عدد من وزراءه و مرافقيه في زيارة تفقدية إلى محافظات جنوب العراق، و قد أعلنت اللجنة العسكرية التي كلفت التحقيق بالحادث أن سبب سقوط الطائرة هو خلل فني، لكن السوفييت أرسلوا لجنة فنية تفحصت حطام الطائرة و توصلت إلى نتيجة بأن الطائرة كانت سليمة، وبقيت التكهنات هل هي مؤامرة، أم سوء ملاحة جوية، أم ارتطام الطائرة ببعض أشجار النخيل، في حين توجهت أصابع الإتهام بتدبير الحادث إلى الجهات التي اعتبرت مستفيدة من اختفاء عارف عن الساحة، و من بين المتهمين المخابرات المركزية الأمريكية و نظام الشاه في إيران، و أيضاً بعض الجهات الداخلية المعارضة لحكم عارف كالشيوعيين و البعثيين، و إن ظلت كل هذه الإتهامات مجرد تكهنات لم يتم  تأكيد  أي منها. 



جمال عبد الناصر : 


كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر طوال فترة رئاسته مستهدفاً من قبل جهات عديدة داخلية  وخارجية، عربية و إقليمية و دولية، أرادت إزاحته من الصورة بعد أن تحول إلى عائق لكثير من المخططات التي كان تحاك للمنطقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و حلفائهما الإقليميين. 

لذلك كان من الطبيعي أن لا يصدق كثير من العرب أن يكون موت الرئيس عبد الناصر المفاجئ يوم 28 أيلول سبتمبر 1970 موتاً طبيعياً، و ذلك لعدة أسباب، منها  أولاً كما ذكرنا أن الرئيس عبد الناصر كان مستهدفاً من جهات عدة، و ثانياً أن الرئيس كان قد ظهر علنأً قبل ساعات قليلة من وفاته في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في القاهرة لمناقشة أحداث أيلول الأسود، و ثالثاً أن الرئيس حين وفاته كان ما يزال في الثانية و الخمسين من عمره و هي بنظر كثيرين سن مبكرة للوفاة.

لذلك ظهرت احتمالية موت الرئيس عبد الناصر بالسم، و قد لمح الكاتب محمد حسنين هيكل في إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني "تجربة حياة" الذي كان يبث على قناة "الجزيرة"، إلى إمكانية أن يكون نائب الرئيس عبد الناصر محمد أنور السادات قد دس له السم في فنجان القهوة، حيث قال انه قبل ثلاثة أيام من وقوع الوفاة كان هناك حوار بين عبد الناصر و رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات فى جناح الرئيس  بفندق النيل هيلتون، و قد احتدم الحوار بينهما وتسبب فى ضيق لعبد الناصر، فلاحظ السادات انفعال عبدالناصر و قال له : "يا ريس إنت محتاج فنجان قهوة و أنا ح اعملهولك بإيدي"، وبالفعل دخل السادات المطبخ المرفق بالجناح و حضر فنجان القهوة بنفسه بعد أن أخرج من المطبخ محمد داود وهو رجل "نوبى" كان مسؤولاً عن تحضير الشاي و القهوة للرئيس عبد الناصر.



إبراهيم  الحمدي :


في عام 1974 وصل إبراهيم الحمدي إلى رئاسة الجمهورية اليمنية بعد انقلاب أبيض، و قد عمل على تقوية الجيش و الدولة على حساب نفوذ الزعماء القبليين الموالين للسعودية، كما تقارب مع النظام الإشتراكي في اليمن الجنوبي و قرر بدء مباحثات هدفها الوصول لاتفاق وحدة بين شطري اليمن، و قبل زيارته إلى اليمن الجنوبي بيومين اغتيل الرئيس إبراهيم الحمدي في 11 تشرين الأول أكتوبر 1977 مع شقيقه الذي كان يشغل منصب قائد لواء المغاوير، و ما تزال ملابسات اغتياله غامضة حتى اليوم حيث لم يجر أي تحقيق رسمي في الحادثة، و يُعتقد بشكل واسع أن السعودية هي من دبرت عملية الاغتيال. 


هواري بومدين : 


هواري بومدين هو الرئيس الثاني للجزائر بعد الإستقلال، أصبح رئيساً عام 1965 بعد أن قاد انقلاباً عسكرياً على الرئيس أحمد بن بلة، و قد شهدت الجزائر في عهده تطوراً كبيراً زراعياً و صناعياً و اقتصادياً، كما دعمت الجزائر في عهده منظمة التحرير الفلسطينية و ساندت مصر و سوريا في حربهما ضد إسرائيل عام 1973. 
في عام 1978 توفي الرئيس بومدين بعد أن أصيب بمرض غريب استعصى على الأطباء الذي لم يتمكنوا من تشخيصه، و يعتقد كثيرون بأن الرئيس بومدين قد تم تسميمه باستخدام عنصر "الليثيوم"، كما أشار كثيرون لتشابه الحالة التي اصابته مع حالة الرئيس ياسر عرفات في أواخر أيامه. 



ياسر عرفات : 


كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مستهدفاً باستمرار من قبل إسرائيل و حلفائها، و كذلك من قبل بعض الأنظمة العربية، و ذلك منذ أن كان رئيساً لحركة فتح في أواخر الستينات، لذلك لم يكن غريباً أن يعتقد كثيرون بأن وفاته في مستشفى في العاصمة الفرنسية باريس عام 2004 لم تكن وفاة طبيعية، و قد رجح طبيب ياسر عرفات الخاص أن يكون قد تم تسميمه من خلال إدخال عنصر غريب إلى جسمه أدى إلى إصابته بالمرض الذي فتك به سريعاً في أواخر أيامه. 


شاهد أيضاً :

الأربعاء، 14 يونيو 2017

فريدا كاهلو و قوة "السيلفي" !




لعل الفنانة المكسيكية ذائعة الصيت فريدا كاهلو (1907 ــ 1954) هي واحدة من أوائل الذين أدركوا جيداً  قوة "السيلفي" قبل أن يصبح جزءاً واسع الانتشار من الثقافة الشعبية بوقت طويل جداً، فبورتريهاتها الذاتية كانت غالباً ما تأخذ المتلقي لما هو أبعد من الرسم بحد ذاته، لتعرض تفسيرات شخصية واجتماعية شديدة العمق، على الصعيدين الظاهر و الباطن للوحة. 

منزل فريدا المعروف باسم البيت الأزرق جمع تحت سقفه فنانين من طراز رفيع، هما فريدا كاهلو و زوجها دييغو ريفيرا (1886 ــ 1957)، و قد تحول اليوم إلى متحف  يلجأ إليه الزائر هرباً من ضجيج  و ازدحام العاصمة المكسيكيَّة مكسيكو سيتي،. وقد يتهيّأ للزائر أن حياةً مليئة بالبهجة و الألوان سادت بين الزوجيْن، اللذين حافظا على استقرار حياتهما الزوجية حتى فرَّق بينهما الموت، قبل أن نكتشف أن ثمَّة زوابع عديدة كادت تعصف بحياتهما، وإن كان لجدران المنازل الأخرى آذان، فإن لجدران البيت الأزرق لوحاتٍ تروي الحقائق التي كانت تراها كاهلو، فتحولها إلى رسومات. 

منذ صغرها تمردت فريدا على واقعها، و ربما يمكننا أن نعيد جذور هذا التمرد إلى طفولتها المبكرة، حين اندلعت الثورة في بلادها فيما كانت فريدا ما تزال في عامها الثالث، لهذا أصرت فريدا لاحقاً على تغيير تاريخ ميلادها من 1907 إلى 1910، و هو عام انطلاق الثورة المكسيكية، حيث أرادت أن يكون ميلادها متزامناً مع الولادة الجديدة لأمتها من رحم الثورة.

وكما تمردت على تاريخ ميلادها، تمردت أيضاً على كل ما وجدته من عيوب في شكلها أولاً ثم في جسدها ثانياً، لقد أبرزت عيوب وجهها في لوحاتها بدلاً من أن تخفيها، بدءاً من حاجبيها الكثيفين، حتى الشعر الذي ينبت فوق شفتها العليا و الذي يشبه الشارب.



إصابتها بشلل الأطفال التي شوهت ساقها اليمنى كان بداية معاناتها و آلامها، و ربما بداية تمردها أيضاً، معاناة عمقها حادث الباص الذي تعرضت له عام 1925 فتسبب لها بكسر في عمودها الفقري و عظم الترقوة و الحوض و الأضلاع، عدا عن أحد عشر كسراً في ساقها اليمنى، و سحق قدمها اليمنى، بالاضافة لاختراق عمود حديدي لرحمها ما تسبب في حرمانها من القدرة على الإنجاب.

وبرغم ما تسبب به الحادث لها من آلام جسدية و نفسية شديدة، إلا أنه وضع بدايات تشكيل اسمها كفنانة، فبعد أن نجت من الموت بأعجوبة وجدت فريدا نفسها مجبرة على التمدد في سريرها على ظهرها لمدة عام كامل فيما عيناها معلقتان في سقف الغرفة، الفراغ الطويل، الألم، و عدم القدرة على الحركة لتلك المتمردة الصغيرة، زاد حجم معاناتها، فواتتها فكرة تعليق مرآة ضخمة في السقف أعلى سريرها، استجاب والداها للطلب، فأصبحت فريدا في مواجهة مؤلمة مع جسدها، لم يكن تجاوزها ممكناً إلا عبر نقلها بالريشة والألوان، ذلك أن الرسومات التي راحت تملأ بها الجبس الذي غطى جسدها ساعدتها على التخفيف من شعورها بالإحباط و الغضب، هكذا  أصبحت رسوماتها  بمثابة تقارير مصورة و بورتريهات يومية تجسد شدة الألم الذي تعانيه، ملأ الرسم أوقاتها و خفف من معاناتها، وجعلها تكتشف موهبة وشغفاً بالرسم لم يكونا في حسبانها و هي طالبة الطب التي لم تدرس الفن أو تفكر باحترافه يوماً !

في عام 1929 تزوجت فريدا من الرسام دييغو ريفيرا الذي كان يكبرها بعشرين عاماً، ثارت على والدتها التي رفضت هذا الزواج، و تمردت على سمعته السيئة التي سبقته وعلى كل ما عرفته عن مغامراته النسائية العديدة، كان لدييغو تأثير كبير على فنها و حياتها، شجعها حين عرضت عليه اللوحات التي رسمتها خلال مرضها، أشاد بموهبتها، ومنحها من الاهتمام ما حفزها على مواصلة الرسم. 



و رغم دعمه الكبير لها، إلا أن دييغو لم يمنحها الإخلاص والأمان الذي كانت تنشده كامرأة، فقد كان زير نساء يتنقل من امرأة لأخرى، حتى أنه أقام علاقة مع شقيقة فريدا الصغرى، أما فريدا فقد تقبلت خيانة دييغو بألم، ثم راحت هي أيضاً تقيم علاقات مع أشخاص من كلا الجنسين نكاية بزوجها !

البورتريهات الذاتية شكلت الجزء الأكبر من أعمال فريدا، جاءت أولاً مصورة لها أثناء مرضها ثم مستقاة من تجاربها الشخصية، فقد قدمت 140 لوحة زيتية من بينها 55 بورتريهاً ذاتياً صورت فيها آلامها عبر تقاسيم وجهها القاسية  أو عبر جسدها المثخن بالجراح، لقد كانت فريدا تبالغ في إظهار عيوب وجهها وجسدها لتعبر عن عمق ألمها وشدة معاناتها.

اهتمت فريدا أيضاً بتصوير ثقافتها المكسيكية وثقافة الهنود الحمر التي تنحدر منها من جهة أمها،  بدا ذلك واضحاً في استخدامها للألوان البراقة، وللأسلوب البدائي والرمزية المثيرة، فقد تضمنت لوحاتها بعض الرموز الدينية المرتبطة بالثقافية المكسيكية، لكن كل تلك الرموز كانت تقدم ضمن لوحات سريالية و بمعان مختلفة، خاصة بفريدا.

توفيت فريدا عام 1954 بعد إصابتها بمرض رئوي، كتبت في مذكراتها قبل وفاتها بأيام : "أتمنى أن يكون خروجي من الدنيا ممتعاً وأتمنى أن لا أعود إليها ثانية"، تلك العبارة أثارت الشكوك في سبب وفاتها، فقد جعلت البعض يعتقد أنها انتحرت بجرعة زائدة من الدواء.



لم تُعرف فريدا بشكل واسع أثناء حياتها، رغم اقتناء متحف اللوفر الشهير بباريس لإحدى لوحاتها عام 1939، حيث كانت أول فنانة مكسيكية من فناني القرن العشرين يتم اقتناء لوحاتها من قبل متحف عالمي بأهمية اللوفر، إلا أنها لم تعرف داخل المكسيك إلا لكونها زوجة دييغو ريفيرا، الفنان الشهير الذي ساهمت أعماله في تأسيس حركة الجداريات المكسيكية، و هكذا لم يتم الاحتفاء بفريدا في بلادها إلا بعد وفاتها بعقود طويلة، حتى أن أول معرض شخصي لها في المكسيك كان بمناسبة الاحتفال بمرور مئة عام على ميلادها. 

الاحتفاء بتراث فريدا لم يأت من قبل الفنانين فحسب، بل أيضاً من قبل المجموعات النسوية التي وجدت فيها خير نموذج للمرأة التي تحدت كل الممنوعات وتمردت على كل القوانين.

و لعل واحداً من أهم أسباب تزايد الاهتمام بفريدا كاهلو في العقود الأخيرة هو تبني السينما لقصتها والترويج لها عبر عدة أفلام  كان أهمها الفيلم الذي أخرجته دولي تيمور عام 2002 و لعبت دور فريدا فيه النجمة الهوليودية المكسيكية ذات الأصول اللبنانية سلمى حايك، و هو الفيلم الذي قدم حياة فريدا الصاخبة والمؤثرة من خلال نص جميل و معالجة فنية راقية، كما تفوقت سلمى حايك على نفسها في هذا الدور المعقد و المركب، حيث تمكنت ببراعة نادرة من ترجمة الانفعالات الداخلية لشخصية فريدا المقهورة عاطفياً والمدمرة نفسياً وجسدياً، في الوقت عينه  برعت سلمى في أن تقنع المشاهد بإيجابية وقوة شخصية فريدا رغم كل ما يحيط بها من مرارة، فهذه الفتاة المقهورة جسدياً و نفسياً و عائلياً دافعت عن كيانها وقاومت كل ما حولها لترتقي بفنها و إبداعها إلى فضاءات واسعة، جعلت منها واحدة من أهم الفنانين في المكسيك و العالم خلال القرن العشرين. 



شاهد أيضاً :


الخميس، 25 مايو 2017

و رحل كبير آخر من زمن الفن الجميل .. سهيل عرفة وداعاً




رحل اليوم عن عالمنا الفنان السوري القدير الموسيقار سهيل عرفة والد الفنانة أمل عرفة، عن عمر ناهز الـ 83 عاماً بعد صراع مع مرض السرطان.

ولد سهيل عرفة  عام 1935 في حي الشاغور الدمشقي العريق لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، وكان الراديو في تلك الأيام في بداية انتشاره ، وكان الصبي الصغير سهيل يستمع بشكل دائم إلى الراديو ويرافق أباه إلى الموالد والاحتفالات الدينية،  حيث راح يحاول تقليد المغنين في تلك الأيام، قبل أن يفتتح محلاً صغيراً لإصلاح أجهزة الراديو في محلة السنجقدار قبالة مقر مجلة "الدنيا" لصاحبها عبد الغني العطري، و هناك تعرف الشاب سهيل إلى عدد من الفنانين والأدباء، و ذات يوم قادته زيارة إلى منزل عبد العزيز الخياط  والد الفنان أمين الخياط  إلى التعرف على مجموعة من الفنانين أمثال نجيب السراج و رفيق شكري وعدنان قريش و محمد عبد الكريم، و الذين أعجبوا به، فقرر الشاعر عمر الحلبي أن يقدمه إلى الإذاعة السورية، حيث سجل أول أغنية من ألحانه بصوت الفنان فهد بلان وهي نشيد "يابطل الأحرار" بمناسبة قيام الوحدة السورية المصرية أنذاك.

لحن سهيل عرفة بعدها مجموعة أغان لبعض المطربين السوريين، غير أن أغنية "ياطيرة طيري" التي قدمها للفنانة المصرية شادية و غنتها في فيلم "خياط السيدات" كانت بوابة النجاح و الشهرة بالنسبة إليه، لتتالى بعدها الألحان الناجحة "ميلي ما مال الهوى" و" يامال الشام " لصباح فخري، "ع البساطة" للشحرورة صباح، "بالأمس كانت" لفهد بلان، "من قاسيون أطل يا وطني" لدلال الشمالي، و غيرها العديد من الأغاني التي فاق عددها 1500 أغنية و بات بعضها من كلاسيكيات الغناء في سوريا و العالم العربي، حيث ضمت قائمة الفنانين الذين تعاون معهم سهيل عرفة أيضاً : وديع الصافي، نجاح سلام، مروان محفوظ، طروب، سمير يزبك، كروان، فهد يكن، و كثيرون غيرهم.

بالإضافة لذلك قدم سهيل عرفة ألحان عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية و  الأفلام السينمائية مثل "الفهد"، "المغامرة"، "المصيدة"، و غيرها.

كما حازت أغنيته "غنوا معنا يا أطفال العالم" على الميدالية الذهبية في مهرجان أغاني الأطفال في إيطاليا، و تم تكريمه من قبل جامعة الدول العربية عام 1999.





شاهد أيضاً :

الأحد، 21 مايو 2017

مريض عقلي حكم فرنسا 217 يوماً !




مريض عقلي يصبح رئيساً للجمهورية !! ، هو أمر قد لا نتخيل وقوعه سوى في الأفلام الهزلية أو القصص الخيالية، أو ربما في بعض بلدان عالمنا العربي المحكوم بالجنون أصلاً ! لكنك سوف تفاجئ حين تعلم أن الأمر قد حدث فعلأً في فرنسا عام 1920 حين حكم مريض عقلي يدعى بول ديشانيل البلاد مدة 217 يوماً، فكيف حدث هذا ؟ إليكم التفاصيل : 

ولد بول ديشانيل عام 1850 في مدينة صغيرة تقع بالقرب من العاصمة البلجيكية بروكسل حيث كان والده يعيش هناك في منفاه القسري بسبب كونه أحد المعارضين لحكم الإمبراطور نابوليون الثالث، و بعد عودته إلى فرنسا درس ديشانيل المحاماة و أصبح نائباً في البرلمان عن منطقة "أور ولوار" مرتين، الأولى من 1898 إلى 1902، و الثانية من 1912 إلى 1920، و في 9 كانون الثاني يناير 1920 انتخب رئيسأً للجمهورية، و استلم منصبه في 18 شباط فبراير، حتى هنا تبدو سيرة ديشانيل طبيعية، لكن أيامه المقبلة في القصر الرئاسي سوف تحمل له و للمحيطين به الكثير من المفاجآت التي لا تصدق !

فبعد تنصيبه بفترة قصيرة بدأت تظهر على الرئيس تصرفات غير طبيعية، فذات مرة حين كان يلقي خطاباً في مدينة نيس و رأى بأن الجمهور سعيد بخطابه، أعاد الخطاب مرة أخرى ! ، و في مناسبة أخرى قدمت له طفلة صغيرة باقة من الورد فقذفها في وجهها، في حين كانت أكثر تصرفاته غرابة حين استقبل سفير بريطانيا العظمى في مكتبه و هو عار تماماً إلا من الوشاح الرئاسي، أما الحادثة التي قصمت ظهر البعير و لفتت نظر الرأي العام بشكل واسع إلى وضع الرئيس العقلي الغير طبيعي فوقعت حين كان يمشي في نومه فخرج من نافذة القطار الرئاسي و وجده رجال الشرطة يتجول بالقرب من السكة الحديدية حافي القدمين و مرتدياً ملابس النوم !

و بعد سبعة أشهر قضاها الرئيس غريب الأطوار في منصبه أصبح خلالها حديث البلاد و أضحوكتها اضطر للاستقالة يوم 21 أيلول سبتمبر 1920، و رغم حالته العقلية الغير مستقرة انتخب مجدداً لعضوية البرلمان عام 1921، حيث بقي نائباً حتى وافته المنية عام 1922 عن 72 عاماً.


رسوم كاريكاتورية نشرتها الصحافة الفرنسية تسخر فيها من الرئيس المجنون 

خبر استقالة ديشانيل في الصحافة الفرنسية 

شاهد أيضاً :

الاثنين، 15 مايو 2017

محمد علي و أصل تسمية الـ"يوسف أفندي" !




كان طوسون أحب أبناء والي مصر محمد علي باشا إلى قلبه، و قد أرسله إلى الحجاز على رأس الحملة التي كانت مكلفة بإخماد تمرد الوهابيين على الدولة العثمانية، و كان سن طوسون وقتها لا يزيد عن 18 عاماً، و مع هذا تمكن طوسون من إنزال هزيمة منكرة بالوهابين و حلفائهم فاستعاد منهم مكة و المدينة و أرسل مفاتيح الكعبة إلى والده محمد علي باشا، و لكن حين لاقت الحملة صعوبات خطيرة بسبب الهجوم المضاد الذي شنه الوهابيون سافر محمد علي باشا بنفسه ليساند ابنه، و حين عاد طوسون إلى مصر في 29 أيلول سبتمبر سنة 1816 ، قرر محمد علي إقامة مأدبة كبيرة واحتفالات عظيمة فرحاً برجوع ابنه الأثير إلى قلبه، ولكنه فوجئ في بداية الإحتفالات بإصابة طوسون بمرض الطاعون الذي فتك به في أقل من 24 ساعة فتوفي و هو بعد في الثانية و العشرين من عمره، ففطر قلب أبيه الذي حزن عليه بشدة.

ولإهتمام محمد علي باشا الكبير بالزراعة، إستحضر إلى مصر من تركيا أشجار العنب والتوت والتين والليمون، و قام بتخصيص 100 فدان بالقرب من حديقة شبرا لزراعة النباتات الأوروبية والآسيوية، و كان محمد علي باشا قد أرسل مجموعة من الشبان المصريين ليتعلموا أصول الزراعة في الخارج، ليعودوا و يعلمونها للفلاحين المصريين، و من بين من تعلموا بالخارج كان هناك طالب يدعى يوسف أفندي و قد أتى ببعض أشجار الفاكهة الجديدة التي اشترى مقداراً كبيراً منها من سفينة بالقرب من مالطا كانت قادمة من الشرق الأقصى، و حين عاد الطلبة إلى مصر استقبلهم محمد علي باشا شخصياً بالإسكندرية،  و كان يوسف أفندي  يحمل طبقاً من الفاكهة الجديدة قدمها إلى محمد علي باشا الذي أعجبه طعمها فسأل الطالب ماذا سيكون اسمها في مصر فأجاب : "نسميها طوسون باشا"، فتأثر محمد علي من هذه البادرة، وقال له:  "حسناً سوف نسميها يوسف أفندي"، وأمر محمد علي أن تخصص أراضي نبروه بالدقهلية ليوسف أفندي حتى يشرف على زراعتها بنفسه، ومنذ ذلك الحين أصبح الإسم الشائع لهذه االثمرة هو "يوسف أفندي".

شاهد أيضاً :

الثلاثاء، 9 مايو 2017

شريهان : النجمة التي أسعدتنا و لم تعرف السعادة يوماً



شريهان أحمد عبد الفتاح الشلقاني، أبصرت النور في القاهرة يوم 6 كانون الأول ديسمبر 1964،  والدها المحامي و رجل الأعمال أحمد الشلقاني كان قد تزوج من والدتها عواطف هاشم زواجاً عرفياً و هو الزواج الثاني لوالدة شريهان بعد زواجها الأول من المصور السينمائي احمد خورشيد و الذي رزقت منه بابنها الأول عمر، في حين رزقت من زواجها الثاني بابنتين هما شريهان و شقيقتها الكبرى جيهان.

لم تعرف شريهان يوماً والدها الذي توفي بعد ولادتها بفترة قصيرة، و في طفولتها كانت شريهان مدلّلة أمها وشقيقها، و رغم ذلك عاشت طفولة صعبة، لأنها كانت في بيت بلا أب، الأمر الذي انعكس على كل حياتها.


مع والدتها عواطف هاشم

لم تكن شريهان يوماً غريبةً عن الوسط الفني فهي الأخت غير الشقيقة لملك الجيتار عمر خورشيد،  حين رأتها  أم كلثوم ترقص في زفاف عمر قالت: "إن هذه الصغيرة لها مستقبل كبير"، وحين زارت العندليب الأسمر برفقة أخيها وغنّت أمامه وقلّدت بعض الفنانين، أهداها عبد الحليم خرزة زرقاء لتحميها من الحسد و اعترف بأنها ستكون ذات يوم نجمة لامعة في سماء الفن.

بدأت شريهان حياتها الفنية مبكراً فسجلت ظهورها الأول و هي في السادسة من عمرها في فيلم "ربع دستة أشرار" عام 1970 مع فؤاد المهندس و شويكار، ثم مسلسل "المعجزة" عام 1973 مع عمر الحريري و ليلى طاهر، لتتالى بعدها الأعمال الفنية في مسيرة تصاعدية أوصلتها منتصف الثمانينات إلى موقع متقدم بين نجوم الصف الأول في مصر و العالم العربي و بخاصة بعد دورها في مسرحية "سك على بناتك" و دورها في فيلم "العذراء و الشعر الأبيض".

في عام 1981 فجعت شريهان بفقدان أخيها عمر خورشيد في حادث سير ما تزال ملابساته غامضة حتى اليوم، ما عرضها لصدمة لم تستطع يوماً الخروج منها، و جعلت كل حياتها مليئة بالحزن، و في جنازة عمر و من بين كل الحاضرين بدا أن شريهان و كذلك زوجة عمر الفنانة مها أبو عوف كانتا أكثر الموجودين حزناً حيث ظهرتا في حالة انهيار تام.


مع أخيها من والدتها الفنان عمر خورشيد

في الثمانينات دخلت شريهان في مشاكل قانونية مع أسرة أبيها من أجل الميراث وإثبات النسب، وبقيت القضية عالقة في ساحات المحاكم فترة طويلة ما أنهكها و استهلك الكثير من وقتها و أعصابها خاصة أن الصحافة لم ترحمها و تناولت القضية بطريقة أساءت لشريهان و أسرتها. 

شكل عام 1986 نقلة نوعية في مسيرة شريهان الفنية، حيث بدأت فيه تجربة الفوازير و التي استطاعت أن تتحول من خلالها إلى نجمة استعراضية أولى لا يمكن لأحد أن ينافسها، فقد أثبتت من خلالها شمولية فنها فكانت تمثل و ترقص و تغنّي و  تقدم التراجيديا والكوميديا في آن معاً.

يوم 24 أيار مايو 1989 تعرضت شريهان لحادث مؤلم بمدينة الإسكندرية  ما تزال كثير من تفاصيله مجهولة حتى اليوم، تقول شريهان : "هاحتفظ بأصل القصة لحد ما ييجي يوم و أقدر أحكيه، الحادثة صعبة جدًا، هي فعلا سيارة اتقلبت بيا كذا مرة، ضهري اتكسر و كمان العمود الفقري و الحوض اتكسر، العضم دخل في النخاع الشوكي"، بعد هذا الحادث سافرت شريهان إلى باريس حيث خضعت لأكثر من 30 عمل جراحي و بفضل عزيمتها استطاعت أن تتعافى بسرعة أذهلت حتى الأطباء المعالجين.

الواقعة تم تقييدها على أنها مجرد حادث سير عادي، لكن كثيراً من الإشاعات أثيرت آنذاك حول تورط أجهزة أمنية في تدبير الحادث، بعدما تحدثت بعض الصحف عن قصة حب كانت تجمع شريهان بعلاء مبارك، الذي صمم على الزواج منها، فاعترضت أسرة الرئيس على زواج ابنها من فنانة، و قامت بتدبير الحادث للتخلص من شريهان، خاصة  أن تعلق علاء بها وصل لدرجة خطيرة، حيث قيل أنه حمل المسدس و هدد أسرته بالانتحار إذا لم يوافقوا على زواجه من شريهان.

صدمة جديدة كانت بانتظار شريهان بعد سنوات قليلة من عودتها العجائبية من الحادث المشؤوم، الصدمة كانت إصابتها بمرض السرطان الذي اضطرها للابتعاد عن العمل الفني مجدداً حيث اضطرت للبقاء في أوروبا سنوات طويلة تتعالج حتى تحسّنت صحتها أخيراً وعادت إلى مصر، حيث لا تزال تخضع لعلاج دائم.

هكذا لم تعش شريهان سعيدة، هذه الحسناء التي زرعت السعادة في قلوب الملايين الذين تابعوها خلال مشوارها الفني المضيء، عاشت حياة مليئة بالقلق و الألق، طفولة امتزج فيها الحزن بالسعادة، ودرب فنّي مليء بالورود و الأشواك، وحياة شخصية مليئة بالإنكسارات و ببعض من السعادة و الفرح.



شاهد أيضاً :